موزاييك

12 اغسطس 2018
الحرب قست على المرأة اليمنية (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -
كم هي قاتمة الصورة العامّة للنساء في المنطقة؟ النساء في اليمن يواجهن الحرب والفقر والبطالة ويحاولن إعالة أسرهن بما توفّر لهن من موارد. النساء اللاجئات من سورية يتعرضن لانتهاكات جنسية وجندرية وعنف أسري وتزويج قسري واتجار وغيرها. وتواجه نساء فلسطين عنفاً مزدوجاً من الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الذكورية. المتابع للأخبار على مدى أسبوع تصفعه الأحداث الأليمة الملمّة بنساء المنطقة؛ نساء يُقتلن في باكستان لرفضهن الزواج، وفلسطينيات يسجنّ في إسرائيل، ويمنيات يصبن نتيجة الحرب والألغام، وناشطات يسجنّ في السعودية. لا يلغي كل هذا نجاحات فردية هنا أو هناك، لكن الصورة العامة قاتمة.

وتشهد المنطقة منذ بدء الانتفاضات الشعبية حروباً واضطرابات ومراحل حكم انتقالية ألقت بثقلها على المجتمع ككل. لكنّ النساء ذهبن ضحايا هذه المرحلة بشكل مضاعف. تقاطع الأبوية والذكورية مع واقع الحروب وآثارها من فقر وتهجير وألغام جعل من النساء ضحايا مزدوجات للواقع الحالي. ربّما يكون التزويج القسري أو العنف الجنسي والأسري من أبرز تجليات تقاطع المنظومة الأبوية - الذكورية مع الحروب. النزعة "الحمائية" الأبوية - الذكورية حيال الفتيات، تدفع الآباء (وبعض الأمهات) إلى تزويج بناتهن قسراً "لحمايتهن" في زمن الحروب. كما أن النظر إلى النساء كأدوات جنسية من قبل الرجال يتضاعف في الحروب، ما يجعل النساء ضحايا عنف جنسي يُستخدم كأداة حرب للسيطرة على الرجال من خلاله. ولعلّ انقلاب الأدوار، وما يصاحبه من تغيّر في الهويات الجندرية، يدفع الرجال إلى "إثبات رجولتهم" من خلال العنف المنزلي والأسري بحق زوجاتهم وبناتهم.



نتيجة هذا الواقع، لا يمكن رسم صورة واحدة لآثار الحروب على النساء في المنطقة العربية. مثلاً، تختلف تجارب الفتيات - الأمهات باختلاف تقاطعات الهويات الجندرية و/ أو الجنسية و/ أو المواطنية و/ أو العرقية. وتختلف إذا ما أصيبت فتيات في اليمن نتيجة انفجار لغم أرضي وبتن على كرسي متحرك، أم كنّ في السودان أو لبنان (بحسب الطائفة التي ينتمين لها). قد يكون ثمّة مسمى واحد للإشكالية، لكنها تأتي بأوجه كثيرة، كما الأمر في ما خص تعرّض النساء والرجال للعنف بسبب هوياتهن الجنسية. تشهد بلداننا تمييزاً واستغلالاً على أساس الهويات الجندرية والجنسية، وتأتي الحروب لتفاقم أشكال التمييز هذه وتجعلها أكثر حدة.

بالعودة إلى الصورة العامة والقاتمة عن واقع النساء في المنطقة، يبقى هناك أمر إيجابي، وهو أن تصلنا هذه الصورة ولو قاتمة، من المجتمعات المحلية بشكل مباشر وبلسان أفرادها، بدلاً من أن نقرأها بشكل مشوّه في تقرير رسمي للدول كل أربع سنوات.

(ناشطة نسوية)
المساهمون