تسعى الحكومة الموريتانية لمعالجة ظاهرة استفحال الفساد واختلاس المال العام، بعد تزايد الاستياء الشعبي والخسائر التي لحقت بمؤسسات الدولة، ورغم إطلاق الدولة حملة موسعة للحد من هذه الظاهرة، إلا أن مجموعات ضغط تسعى لتوسيع شبكات الفساد وحماية رجالها عبر تقديم "كبش فداء" من آن لآخر، حسب محللين.
وكشفت عمليات الجرد والتدقيق التي جرت مع نهاية السنة المالية، حسب تقارير رسمية، عن اختلاسات في عدة قطاعات حكومية وشركات تابعة للقطاع الخاص، أطاحت ببعض كبار المسؤولين من سفراء ومحاسبين ومديرين، فيما تمكن آخرون من الفرار إلى المغرب والسنغال عبر الحدود البرية.
وأدى اختلاس مبالغ ضخمة من ميزانيات قطاعات حكومية إلى نقص السيولة فيها، وتأخر صرف الرواتب للموظفين وكاد يتسبب في استقالة وزير المالية اتيام جامبرا. وانتشرت الفضائح المالية في قطاع الخزينة العامة ومصالحها الجهوية، واتسعت دائرة الاختلاس لتطال قطاعات الصيد والخارجية والجمارك والصحة.
وتعتقل السلطات حالياً موظفين بخزينة الدولة متهمين بالتزوير، واختلاس أكثر من مليار أوقية موريتانية (الدولار يساوي 300 أوقية)، كما تمت إقالة مدققين ماليين تغاضوا عن الاختلاسات بالمصالح الجهوية لوزارة المالية، ولم تسلم مؤسسة الهلال الأحمر من الاختلاس، إذ تتهم شرطة الجرائم الاقتصادية مديره ومحاسبه باختلاس نحو 40 مليون أوقية من حساب الهلال الأحمر.
وتمت إقالة سفيري موريتانيا في الإمارات وقطر مع محاسبيهما بعد تحقيق مفاجئ قامت به مفتشية الدولة كشف اختلاسات وسوء التسيير، ولا تزال شرطة الجرائم الاقتصادية تحقق في ملفات تتضمن شبهات سوء تسيير في عدة مؤسسات.
واحتلت موريتانيا المرتبة 119 من أصل 177 دولة في مؤشر الفساد لتقرير منظمة الشفافية الدولية العام الماضي.
وأمام ارتفاع حالات الاختلاس وجّه المراقبون دعوات عدة لمكافحة الفساد المالي؛ لما له من آثار اقتصادية واجتماعية في بلد يعاني من الفقر والبطالة وشح الموارد، وطالبوا ببذل جهود حثيثة لمحاربة الاختلاس وترشيد أسلوب إدارة المؤسسات ورفع عقوبة الرشوة واختلاس المال العام.
ووجدت هذه النداءات الاهتمام من أجهزة الدولة، حيث أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، أن الحكومة ستصدر قوانين جديدة لمعاقبة مختلسي المال العام، وتوسيع مجال عمل اللجنة المكلفة بمكافحة الفساد والقضاء على ممارسات الرشوة واختلاس المال العام.
وأكد استمراره في محاربة الفساد والرشوة في البلاد، معتبراً أن عمليات الاختلاس التي تم كشفها مؤخراً على مستوى المحصلين في الخزينة لا تعني بالضرورة انتشار الفساد على نطاق واسع، بل تعكس فعالية الأجهزة الرقابية وصرامة الحكومة في معاقبة المفسدين، وشدّد على أن عمليات التفتيش ستطال كافة المؤسسات دون استثناء وأنه لا أحد فوق المحاسبة.
وفي إشارة تؤكد حرصه على الحرب على الفساد عيّن الرئيس الموريتاني مؤخراً رئيس الوزراء الأسبق محمد الأمين ولد أكيك، في منصب المفتش العام للدولة، وسبق لولد أكيك أن شغل منصب أمين عام الحكومة ورئيس الوزراء ورئيس محكمة الحسابات.
وفي إطار حربها على الفساد صادقت الحكومة على مرسوم إنشاء لجنة جديدة لمتابعة مكافحة الفساد، وأوكلت إليها مهمة استحداث قانون جديد يشدد العقوبات على مختلسي المال العام. وتملك اللجنة سلطات واسعة في مجال اختصاصها، وتتكون من 15 عضواً وفق تقسيم ثلاثي بين الإدارة والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال مكافحة الفساد بواقع خمسة أعضاء لكل منها.
وتعاني موريتانيا من تأثير عهود من الفساد وسوء التسيير واستغلال النفوذ منذ مطلع الثمانينيات، مع بداية عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.
وهو ما دفع ولد عبد العزيز، أن يرفع منذ بداية توليه الرئاسة شعار مكافحة الفساد وفتح ملفات شائكة تورط فيها مسؤولون كبار ومواجهة قضايا الكسب غير المشروع وسوء التسيير بحزم، حتى أنه قطع اشتراكات الهاتف المحمول على وزرائه، لكن حربه على الفساد تراجعت كما يقول المراقبون.
ويرى الخبير الاقتصادي، محمد محمود ولد محمد الأمين، أن تسلل متورطين في قضايا فساد شهيرة إلى دائرة حكم الرئيس أضعف حربه على الفساد، مستشهداً بتعيين مستشار للرئيس سبق اتهامه في قضية فساد شهيرة؛ حين كان وزيراً للنفط حيث اتهم بالتربح وإبرام عقود وصفقات مع شركات نفطية لا تراعي مصلحة البلاد، وسجن لفترة قبل أن يفرج عنه في إطار صفقة سياسية.
ويعتبر ولد محمد الأمين أن لوبيات "مجموعات ضغط" الفساد تحاول أن توسع من شبكة حضورها وتأثيرها؛ لطي أخطر الملفات وأكثرها تعقيدا ومن حين لآخر تقدم "كبش فداء". ويشير إلى أن أسلوب معالجة قضايا الفساد يشجع الكثيرين على مواصلة ارتكاب الجرائم، حيث تتنازل الدولة عن حقها في الكثير من الحالات بعد إرجاع الأموال المختلسة أو جزء منها، وأحيانا تتدخل القبيلة بوزنها الانتخابي والسياسي لمنع إكمال عقوبة مختلسي المال العام.
ويدعو ولد محمد الأمين إلى محاسبة المختلسين كمجرمين دون مساومة أو تردد، وبعيداً عن المجاملة والاعتبارات السياسية.
وعن الطرق التي يتبعها مختلسو المال العام في موريتانيا، يقول ولد محمد الأمين، "يتم اختلاس أموال الميزانيات بتضخيم الفواتير وتقديم أرقام وهمية، واعتماد لوائح لأشباح الموظفين واختيار المورد الأكثر كلفة، واقتناء معدات رديئة وتجاوز الاعتمادات المرصودة وإبرام صفقات خارج القانون".
وحسب محللين فإن أهم خطوة يجب أن تقوم بها الحكومة للحد من عمليات الفساد المتزايدة؛ هي تفعيل القانون على الجميع بدون استثناءات.
وكشفت عمليات الجرد والتدقيق التي جرت مع نهاية السنة المالية، حسب تقارير رسمية، عن اختلاسات في عدة قطاعات حكومية وشركات تابعة للقطاع الخاص، أطاحت ببعض كبار المسؤولين من سفراء ومحاسبين ومديرين، فيما تمكن آخرون من الفرار إلى المغرب والسنغال عبر الحدود البرية.
وأدى اختلاس مبالغ ضخمة من ميزانيات قطاعات حكومية إلى نقص السيولة فيها، وتأخر صرف الرواتب للموظفين وكاد يتسبب في استقالة وزير المالية اتيام جامبرا. وانتشرت الفضائح المالية في قطاع الخزينة العامة ومصالحها الجهوية، واتسعت دائرة الاختلاس لتطال قطاعات الصيد والخارجية والجمارك والصحة.
وتعتقل السلطات حالياً موظفين بخزينة الدولة متهمين بالتزوير، واختلاس أكثر من مليار أوقية موريتانية (الدولار يساوي 300 أوقية)، كما تمت إقالة مدققين ماليين تغاضوا عن الاختلاسات بالمصالح الجهوية لوزارة المالية، ولم تسلم مؤسسة الهلال الأحمر من الاختلاس، إذ تتهم شرطة الجرائم الاقتصادية مديره ومحاسبه باختلاس نحو 40 مليون أوقية من حساب الهلال الأحمر.
وتمت إقالة سفيري موريتانيا في الإمارات وقطر مع محاسبيهما بعد تحقيق مفاجئ قامت به مفتشية الدولة كشف اختلاسات وسوء التسيير، ولا تزال شرطة الجرائم الاقتصادية تحقق في ملفات تتضمن شبهات سوء تسيير في عدة مؤسسات.
واحتلت موريتانيا المرتبة 119 من أصل 177 دولة في مؤشر الفساد لتقرير منظمة الشفافية الدولية العام الماضي.
وأمام ارتفاع حالات الاختلاس وجّه المراقبون دعوات عدة لمكافحة الفساد المالي؛ لما له من آثار اقتصادية واجتماعية في بلد يعاني من الفقر والبطالة وشح الموارد، وطالبوا ببذل جهود حثيثة لمحاربة الاختلاس وترشيد أسلوب إدارة المؤسسات ورفع عقوبة الرشوة واختلاس المال العام.
ووجدت هذه النداءات الاهتمام من أجهزة الدولة، حيث أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، أن الحكومة ستصدر قوانين جديدة لمعاقبة مختلسي المال العام، وتوسيع مجال عمل اللجنة المكلفة بمكافحة الفساد والقضاء على ممارسات الرشوة واختلاس المال العام.
وأكد استمراره في محاربة الفساد والرشوة في البلاد، معتبراً أن عمليات الاختلاس التي تم كشفها مؤخراً على مستوى المحصلين في الخزينة لا تعني بالضرورة انتشار الفساد على نطاق واسع، بل تعكس فعالية الأجهزة الرقابية وصرامة الحكومة في معاقبة المفسدين، وشدّد على أن عمليات التفتيش ستطال كافة المؤسسات دون استثناء وأنه لا أحد فوق المحاسبة.
وفي إشارة تؤكد حرصه على الحرب على الفساد عيّن الرئيس الموريتاني مؤخراً رئيس الوزراء الأسبق محمد الأمين ولد أكيك، في منصب المفتش العام للدولة، وسبق لولد أكيك أن شغل منصب أمين عام الحكومة ورئيس الوزراء ورئيس محكمة الحسابات.
وفي إطار حربها على الفساد صادقت الحكومة على مرسوم إنشاء لجنة جديدة لمتابعة مكافحة الفساد، وأوكلت إليها مهمة استحداث قانون جديد يشدد العقوبات على مختلسي المال العام. وتملك اللجنة سلطات واسعة في مجال اختصاصها، وتتكون من 15 عضواً وفق تقسيم ثلاثي بين الإدارة والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال مكافحة الفساد بواقع خمسة أعضاء لكل منها.
وتعاني موريتانيا من تأثير عهود من الفساد وسوء التسيير واستغلال النفوذ منذ مطلع الثمانينيات، مع بداية عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.
وهو ما دفع ولد عبد العزيز، أن يرفع منذ بداية توليه الرئاسة شعار مكافحة الفساد وفتح ملفات شائكة تورط فيها مسؤولون كبار ومواجهة قضايا الكسب غير المشروع وسوء التسيير بحزم، حتى أنه قطع اشتراكات الهاتف المحمول على وزرائه، لكن حربه على الفساد تراجعت كما يقول المراقبون.
ويرى الخبير الاقتصادي، محمد محمود ولد محمد الأمين، أن تسلل متورطين في قضايا فساد شهيرة إلى دائرة حكم الرئيس أضعف حربه على الفساد، مستشهداً بتعيين مستشار للرئيس سبق اتهامه في قضية فساد شهيرة؛ حين كان وزيراً للنفط حيث اتهم بالتربح وإبرام عقود وصفقات مع شركات نفطية لا تراعي مصلحة البلاد، وسجن لفترة قبل أن يفرج عنه في إطار صفقة سياسية.
ويعتبر ولد محمد الأمين أن لوبيات "مجموعات ضغط" الفساد تحاول أن توسع من شبكة حضورها وتأثيرها؛ لطي أخطر الملفات وأكثرها تعقيدا ومن حين لآخر تقدم "كبش فداء". ويشير إلى أن أسلوب معالجة قضايا الفساد يشجع الكثيرين على مواصلة ارتكاب الجرائم، حيث تتنازل الدولة عن حقها في الكثير من الحالات بعد إرجاع الأموال المختلسة أو جزء منها، وأحيانا تتدخل القبيلة بوزنها الانتخابي والسياسي لمنع إكمال عقوبة مختلسي المال العام.
ويدعو ولد محمد الأمين إلى محاسبة المختلسين كمجرمين دون مساومة أو تردد، وبعيداً عن المجاملة والاعتبارات السياسية.
وعن الطرق التي يتبعها مختلسو المال العام في موريتانيا، يقول ولد محمد الأمين، "يتم اختلاس أموال الميزانيات بتضخيم الفواتير وتقديم أرقام وهمية، واعتماد لوائح لأشباح الموظفين واختيار المورد الأكثر كلفة، واقتناء معدات رديئة وتجاوز الاعتمادات المرصودة وإبرام صفقات خارج القانون".
وحسب محللين فإن أهم خطوة يجب أن تقوم بها الحكومة للحد من عمليات الفساد المتزايدة؛ هي تفعيل القانون على الجميع بدون استثناءات.