يُبدي حسين، وهو مهندس من محافظة اللاذقية، في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، سعادته بـ"التدخل الروسي، ففي الفترة الأخيرة لم نرَ سوى الخسائر، حتى إن القيادة بدت عاجزة حتى عن وقف تقدم المسلحين باتجاه الساحل". ويعرب عن اعتقاده بأن "بوتين قادر على تغيير الوضع في سورية، خصوصاً أن روسيا هي دولة عظمى، وتملك خبرة عسكرية كبيرة، وهي صديقة لسورية منذ عشرات السنوات، وليس لديها مطامع استعمارية كأميركا والغرب في بلدنا".
ويلمس من يتحدث مع الموالين اليوم، مدنيين وعسكريين، في الجلسات الخاصة، تحرراً أكبر من ربط مصيرهم بمصير الإيرانيين وحزب الله، الذين كان يتم الحديث عنهم لوقت قريب كحلفاء أساسيين، مكيلين لهم سيلاً من الانتقادات عن دعمهم حركات دينية، التي تستغلّ الحاجة المادية لدى كثر. واللافت أن "الغرام الروسي" اليوم أخرج انتقادات خطيرة من بيئة النظام لحزب الله وإيران كانت بمثابة تابوهات، كالحديث عن شراء الإيرانيين ومسؤولي حزب الله الأراضي بشكل كبير في مناطق سورية استراتيجية.
كما يتحدث الموالون بغصة عن انتقال مراكز القوة في النظام إلى عدد من المشايخ، الذين هم قادة عسكريون من قوات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، والذين باتوا لا يُردّ لهم طلب في مختلف مؤسسات النظام العسكرية والأمنية والمدنية، بمختلف المستويات. حتى إن بعضهم أصبح ملجأ للسوريين بمختلف احتياجاتهم، خصوصاً ذوي المعتقلين.
اقرأ أيضاً: روسيا تُطمئن مواطنيها بشأن تكاليف العملية السورية
ومع بداية التدخل الروسي، بدأت تنتشر في المدن والبلدات الموالية للنظام، الأعلام الروسية بجانب العلم السوري، بالإضافة إلى صور بوتين، مترافقة مع صور الرئيس السوري بشار الأسد، وتحولت في بعض شوارع تلك المدن وأبواب محلاتها، إلى ظاهرة ملفتة. كما انتشرت صور الرئيسين الروسي والسوري على زجاج السيارات، مع عبارات تمجّدهما، وتُطلق عليهما صفات الرجولة والعنفوان، وتوحي بأن بوتين هو المخلّص الحقيقي بعد سلسلة من الهزائم.
ويُعلّق مجد حمدان من مدينة إدلب على ظاهرة انتشار صور بوتين، لـ"العربي الجديد"، بأن "النظام لا يزال يلعب لعبة تغيير الصور حسب الجهة التي يرى فيها مُخلّصة له مقابل التدخل بشؤونه، مع وجود بشار الأسد كثابت في جميع الصور".
ويشير إلى أنه "بعد أن امتلأت شوارع دمشق ومدن الساحل خلال السنوات الماضية، بصور الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله والأسد، مع عبارة: هكذا تنظر الأسود، مع بدء تدخل حزب الله بسورية، استُبدلت الآن بصور لـ أبو علي بوتين مع الأسد، وعبارات مثل: زمن الرجولة والرجال". ويتابع حمدان "لا نستبعد في الفترة المقبلة أن تشهد شوارع المدن المؤيدة للنظام صوراً للأسد مع الرئيس الصيني مع عبارات تحيي بطولتهما".
لم تكن انعكاسات التدخل الروسي بعيدة عن ضباط القوات النظامية، إذ أفادت مصادر عسكرية مرموقة داخلها لـ"العربي الجديد"، بأن "ضباط القوات النظامية تنفسوا الصعداء بشكل عام مع بدء التدخل العسكري الروسي، وبدؤوا بالتفاخر بقربهم من المؤسسة العسكرية الروسية. منهم من يتحدث عن اتباعه دورات عسكرية في روسيا، ومنهم من بدأ التحدث عن تلقيه أوسمة عسكرية روسية، معتبراً بأن المعركة الحقيقية قد بدأت الآن".
من جهته، يؤيد دريد، وهو عسكري في القوات النظامية، في حديث مع "العربي الجديد"، التدخل الروسي، ويرى بأن "روسيا دولة عظمى، وتستطيع التفاهم على حلّ للأزمة السورية، وجميع الدول تتحدث معها. وهذا ما لم تستطع إيران تحقيقه، بل تفاوضت مع أميركا حول ملفها النووي، مهملة الأزمة السورية، وهي اليوم تُصعّد مع السعودية، ونحن نموت هنا كل يوم".
وأسهمت الغارات الجوية الروسية خلال الأيام الماضية، في ترسيخ فكرة حماية روسيا للموالين للنظام ومنع إسقاطه، عبر استهداف مناطق المعارضة المسلحة القريبة من مناطقهم، إن كان بريف حمص وريف حماه، وريف إدلب من جهة جسر الشغور، إضافة إلى ريف اللاذقية.
ويرى مراقبون أن "شريحة واسعة من الموالين، غير المستفيدين من الصراع العسكري، يأملون بشكل جدي بوجود مخرج يضمن أمنهم وأمانهم، خصوصاً في ظل تحملهم فاتورة كبيرة، دفعوها من أبنائهم واستقرارهم". ويتابع هؤلاء "يُلاحظ اليوم أن الموالين يرغبون فقط في الدفاع عن وجودهم، مما دفعهم للانسحاب من العديد من المناطق. حتى إن الكثير من العسكريين ينشقون عن القوات النظامية، للالتحاق بالمليشيات الموالية، طمعاً بالدخل المادي العالي".
اقرأ أيضاً: النظام السوري يهاجم ريف حماة بإسناد جوي روسي