ما بين مُرحب ومتحفظ ومصدوم، تباينت ردود فعل عدد من نواب البرلمان المصري، بشأن حكم محكمة القضاء الإداري الصادر اليوم الثلاثاء، بشأن بطلان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة السعودية، وبقاء جزيرتي تيران وصنافير تحت السيادة المصرية.
في تصريح خاص لـ "العربي الجديد"، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير إبراهيم يسري، إن "الشعب استقبل بارتياح كبير الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري الشامخ دائرة الحريات، ببطلان التنازل عن تيران وصنافير، وللحكم تداعيات دستورية وقانونية في مصر، وتداعيات دولية في العلاقات بين البلدين الشقيقين مصر والسعودية".
وفسر يسري موقفه بالقول، إنه من الناحية الدستورية والقانونية لا يجوز التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة إلا باستفتاء شعبي، وقد أقسم الرئيس والوزراء على الحفاظ على سلامة أراضي الوطن كما ينص الدستور على أن السيادة للشعب وحده دون غيره.
وتابع المتحدث ذاته، أن حكم محكمة القضاء الإداري واجب التنفيذ فوراً، طبقاً للمادة 50 من قانون مجلس الدولة، ولا يوقف تنفيذه أو يلغى إلا بحكم من المحكمة الإدارية العليا.
وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنه من الجانب الدولي، رئيس الدولة هو ممثلها لدى الحكومات، وهو الذي يبرم ويصادق على الاتفاقيات الدولية، ولا يحتج أمام الدولة بتجاوزه لاختصاصاته، وللبرلمان أن يحاسبه ويحاكمه على ذلك التجاوز.
وأضاف، أن الأمر يبقى محل نزاع دولي، ليحل باتفاق الطرفين، أو بالتحكيم الدولي أو أمام محكمة العدل الدولية، بشرط قبول الطرفين باختصاصها الإلزامي.
ويرى يسري، أنه في كل الأحوال ليس هناك ما يوحي بتدهور العلاقات مع السعودية، لأنها غير قلقة على نتائج الحكم، رغم مخالفة التنازل للدستور والقانون بما في ذلك الحِنث في القسم.
كما أوضح أنه من تداعيات هذا الحكم، التأكد مما إذا كان هناك التزام واحترام للدستور والقانون .
في السياق، تحفظ وكيل البرلمان سليمان وهدان، في تعقيبه قائلاً، إن "المجلس النيابي لم يخطر رسمياً بعد بحكم بطلان الاتفاقية، التي لم تصل من الأساس إلى مجلس النواب، بدعوى وجود ترتيبات أمنية، لا بد من الانتهاء منها قبل عرض الاتفاقية"، مثلما صرح وزير الشؤون القانونية مجدي العجاتي.
وأضاف العجاتي في تصريح مقتضب، أن مجلس النواب ليس طرفاً في الأزمة المثارة، طالما لم تُعرض الاتفاقية أمامه، أو يطلع على نصوصها كاملة، مشيراً إلى أن البرلمان سيحيل الحكم القضائي، وحيثياته إلى اللجنة التشريعية حال وصوله، مع طلب استعجال إرسال الاتفاقية من جانب الحكومة، للانتهاء من مناقشتها خلال دور الانعقاد الجاري.
وقال إن الحكومة المصرية تحترم الأحكام القضائية انطلاقاً من مبدأ سيادة القانون، الذي هو أساس الحكم في الدولة، مشيراً إلى أن الحكومة ستعمل مع بقية مؤسسات الدولة في الإطار الذي رسمه الدستور والقانون.
وأضاف العجاتي، في بيان صحافي، عقب الحكم ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، أن الحكومة تعكف حالياً على دراسة أسباب الحكم، لاتخاذ الإجراءات القانونية بالطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، وطلب وقف تنفيذه ثم إلغاءه.
في المقابل، وصف نائب حزب "التجمع" عبد الحميد كمال، الحكم بـ"التاريخي للقضاء المصري"، مشيراً إلى أنه "أكد سلامة مواقف المصريين المدافعين عن التراب الوطني، ويقبع عدد منهم خلف أسوار السجون حالياً"، مشدداً على أن طعن الحكومة على الحكم "لن يحترم مشاعر المصريين الفرحة بصدوره، وبعيد عن اللياقة السياسية والوطنية".
وأضاف كمال في تصريح خاص لـ "العربي الجديد"، أن الحكم "جاء عنواناً للحقيقة، ليؤكد سلامة موقف النواب الرافضين لنصوص الاتفاقية، وكشف زيف وأباطيل المروجين بأن الجزيرتين سعوديتان"، مشيراً إلى أن الحكم "ستكون له آثار قضائية إيجابية لرد اعتبار الشباب الذين خرجوا للدفاع عن حدود مصر".
بدوره، اعتبر عضو تكتل "25 – 30" البرلماني، هيثم الحريري، الحكم "انتصاراً حقيقياً للشباب المسجون على خلفية تظاهرات (جمعة الأرض)، للدفاع عن مصرية تيران وصنافير"، مطالباً كل من شكك في مصرية الجزيرتين بمراجعة موقفه بعد الحكم القضائي الواضح.
وأشار المتحدث نفسه إلى ضرورة الضغط في جميع الاتجاهات المشروعة للدفاع عن الأرض المصرية، مطالباً الرئيس عبد الفتاح السيسي بإصدار قرار فوري بالإفراج عن كل المتظاهرين من الشباب، الذين نادوا بمصرية الجزيرتين، بل وتكريمهم إذا كان يرغب في تحقيق العدالة.
من جهته، رأى المتحدث باسم ائتلاف الغالبية "دعم مصر"، علاء عبد المنعم، أن "تنفيذ الحكم وجوبي"، رغم أنه "غير نهائي"، لافتاً إلى أن المحكمة الإدارية العليا سيكون لها الكلمة الفصل بشأن الاتفاقية، بعد طعن الحكومة على الحكم.
وأوضح عبد المنعم، أن الحكومة ستؤجل عرض الاتفاقية على البرلمان، لحين الفصل القضائي في الدعاوى المنظورة، مشيراً إلى امتناع مجلس النواب عن مناقشة الاتفاقية حال تأييد الحكم، لأنها ستكون أُلغيت بحكم القضاء، وستلجأ لكافة الخبراء والوثائق المتعلقة بها حال إلغاء الحكم، وعرضها على المجلس التشريعي.
تجدر الإشارة إلى أن هيئة قضايا الدولة (محامي الحكومة)، قد أعلنت عزمها الطعن على حكم القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا، عقب الاطلاع على حيثيات الحكم.