التنوع البوذي يظهر اتساعه الكبير عند محاولة معرفة حجم الروافد التي تشعبت من المصدر الأصلي، إذ تنوَّع البوذيون وانقسموا استناداً لبعض الاختلافات اللاهوتية، إلا أن الجغرافيا كان لها تأثيرٌ في ذلك التنوع، أكثر من الخلافات العقائديّة والدينيّة.
لا يزال نهر البوذية يجري بين كل تلك الفرق، وجميعها تعتقد أنَّ نجاحات بوذا وانتصاراته المعنوية يمكن تكرارها. ومن المفارقات، أنَّ ذلك النهر يجد له رافداً قويّاً في أندونيسيا، الأكبر عدداً من حيث السكان المسلمين في آسيا والعالم. فالإسلام المهيمن على الأرخبيل الأندونيسي لم يمنع تعمُّق الجذور التاريخية للبوذية والهندوسية في بعض نسيجه السكاني.
ولما كان المشي عاملاً أساسيّاً في الحج بالعبادة البوذية، فإنَّ مهرجان ويساك لا يشذُّ عن هذه القاعدة. ورغم أن المسافة بين المعابد الثلاثة في جزيرة مندوت قصيرة؛ فإن الطقوس الشعائرية لا تضع مقياساً للسير. لكن، يأخذ الجميع في اعتبارهم الحشد البطيء، والشمس الحارقة الاستوائية. ويمكن لمن لا يستطيع احتمال السير في هذا الحرّ أن ينتظر في منطقة بوربودور حتى يمرّ بهم الموكب الرئيسي للمهرجان، فينضمَّون إليه، وينالون بعض الأجر الروحي للمشاركة.
يبدأ الحفل كله في معبد مندوت الذي يسبحُ في محيطٍ من الأكشاك الصغيرة التي تعرضُ التحف والأيقونات والمنتجات التذكاريّة والدينية للبوذية. فالعصي الملونة وملابس الرهبان والحبال البرتقالية لتثبيت العباءات، والطعام والشراب، كلّ ذلك يصنع كرنفالاً من الألوان يميَّز المكان.
الألوان في البوذية تعبر عن الأديرة المختلفة، وكذلك عن بعض الاختلافات الطقسية والدينية بين الطوائف، فالرهبان البورميون عادة ما يرتدون أردية بلون الزعفران، بينما التايلانديون يفضلون اللون البرتقالي. ولكن حتى داخل تلك البلاد، توجد استثناءات كثيرة لهذه القواعد اللونية، أما في مهرجان ويساك الأندونيسي فكل الألوان حاضرة وبقوة.
الكثير من اللغات داخل الحشد تعلو أصواتها ويسمعها الحاضرون، المصلون والمريدون البوذيون من كل أنحاء العالم يحرصون على الحضور وتلاوة طقوسهم وممارسة شعائرهم بلغاتهم، بالإضافة للبوذيين من أصل أندونيسي، والذين ينحدر معظمهم من أقلية ذات جذور صينية، تتحدث خليطاً من الماندرية واللهجة الأندونيسية المحلية.
في منتصف الظهر، تبدأ مسيرة مندوت تتبع العلم البوذي واللافتات التي تعرض دائرة دارما، ويحمل المشاركون الشموع والمشاعل النارية التي تعبّر عندهم عن التنوير الذي جاء به بوذا، وتشكل هذه النيران الصغيرة عُنصراً منتشراً في كل مكان بالمهرجان. ويسير الحجاج إلى باون أولاً، ثم إلى بوربودور، على طول طريق براداكسينا الذي يطوق المعابد الدينية البوذية والهندوسية بالمدينة. ويعتقد المحليون أن هذا الطريق يمثل نموذجاً للكون وبوابة بين العلمانية والروحية، وأن السير فيه طقس رئيسي في الحج البوذي.
من الطقوس الأشد أهمية في العيد البوذي، هو التأكيد على الالتزام وإعادة الارتباط بتعاليم بوذا. والمستنير البوذي يعلم أنه يجب التركيز على خطب بوذا ودروسه وأفكاره وليس شخصه، فالأفكار كما يعتقد رجال الدين البوذيون؛ تمتد إلى ما هو أبعد من الهيئات المادية والمعابد.
اقــرأ أيضاً
ولما كان المشي عاملاً أساسيّاً في الحج بالعبادة البوذية، فإنَّ مهرجان ويساك لا يشذُّ عن هذه القاعدة. ورغم أن المسافة بين المعابد الثلاثة في جزيرة مندوت قصيرة؛ فإن الطقوس الشعائرية لا تضع مقياساً للسير. لكن، يأخذ الجميع في اعتبارهم الحشد البطيء، والشمس الحارقة الاستوائية. ويمكن لمن لا يستطيع احتمال السير في هذا الحرّ أن ينتظر في منطقة بوربودور حتى يمرّ بهم الموكب الرئيسي للمهرجان، فينضمَّون إليه، وينالون بعض الأجر الروحي للمشاركة.
يبدأ الحفل كله في معبد مندوت الذي يسبحُ في محيطٍ من الأكشاك الصغيرة التي تعرضُ التحف والأيقونات والمنتجات التذكاريّة والدينية للبوذية. فالعصي الملونة وملابس الرهبان والحبال البرتقالية لتثبيت العباءات، والطعام والشراب، كلّ ذلك يصنع كرنفالاً من الألوان يميَّز المكان.
الألوان في البوذية تعبر عن الأديرة المختلفة، وكذلك عن بعض الاختلافات الطقسية والدينية بين الطوائف، فالرهبان البورميون عادة ما يرتدون أردية بلون الزعفران، بينما التايلانديون يفضلون اللون البرتقالي. ولكن حتى داخل تلك البلاد، توجد استثناءات كثيرة لهذه القواعد اللونية، أما في مهرجان ويساك الأندونيسي فكل الألوان حاضرة وبقوة.
الكثير من اللغات داخل الحشد تعلو أصواتها ويسمعها الحاضرون، المصلون والمريدون البوذيون من كل أنحاء العالم يحرصون على الحضور وتلاوة طقوسهم وممارسة شعائرهم بلغاتهم، بالإضافة للبوذيين من أصل أندونيسي، والذين ينحدر معظمهم من أقلية ذات جذور صينية، تتحدث خليطاً من الماندرية واللهجة الأندونيسية المحلية.
في منتصف الظهر، تبدأ مسيرة مندوت تتبع العلم البوذي واللافتات التي تعرض دائرة دارما، ويحمل المشاركون الشموع والمشاعل النارية التي تعبّر عندهم عن التنوير الذي جاء به بوذا، وتشكل هذه النيران الصغيرة عُنصراً منتشراً في كل مكان بالمهرجان. ويسير الحجاج إلى باون أولاً، ثم إلى بوربودور، على طول طريق براداكسينا الذي يطوق المعابد الدينية البوذية والهندوسية بالمدينة. ويعتقد المحليون أن هذا الطريق يمثل نموذجاً للكون وبوابة بين العلمانية والروحية، وأن السير فيه طقس رئيسي في الحج البوذي.
من الطقوس الأشد أهمية في العيد البوذي، هو التأكيد على الالتزام وإعادة الارتباط بتعاليم بوذا. والمستنير البوذي يعلم أنه يجب التركيز على خطب بوذا ودروسه وأفكاره وليس شخصه، فالأفكار كما يعتقد رجال الدين البوذيون؛ تمتد إلى ما هو أبعد من الهيئات المادية والمعابد.