مهرجانات سورية... حفلات صيف برعاية النظام

21 يوليو 2018
المغنية السورية ميادة الحناوي (Getty)
+ الخط -
لم يلبث وزير السياحة السوري، بشر يازجي، كثيراً حتى بدأ النبش في مهرجانات الماضي، ليثبت لرئيس حكومته أن السياحة في سورية "لا تزال بخير".

ربما تعتبر هذه المهرجانات جزءاً من ذاكرة السوريين، خصوصاً أن بعضها يرتبط بأماكن تاريخية. لكن الإعلان عن هذه المهرجانات اختلف عما اعتاده السوريون في السنوات السابقة، إذ كان السوري ينتظر الإعلان عنها في التلفزيون، ويتابع بشغف أسماء المطربين الذين سيشاركون في إحياء حفلات تلك المهرجانات، التي كانت تتيح لهؤلاء الناس، وهم من متوسطي الدخول على الأغلب، أن يشاهدوا فنانيهم المفضلين وجهاً لوجه، دون أن يفصل بينهم فاصل الشاشة الصغيرة.

منذ بداية شهر تموز/ يوليو ازدحمت صفحات التواصل الاجتماعي الإخبارية والشخصية، الموالية للنظام، بالترويج لمهرجانات مضت سنوات على انقطاعها، لكن هذه المرة ليست مخصصة لأولئك السوريين من أصحاب الدخل المحدود، فبطاقة حضور حفلة الفنان عاصي الحلاني ثمنها 200 ألف ليرة سورية، أي ما يزيد عن 400 دولار، بينما لا يتجاوز الراتب الشهري للموظف في سورية 100 دولار.

وبعد انتهاء الحفل أخذ تجار من دمشق ورجال أعمال معروفون بالإضافة إلى بعض الفنانين، ينشرون فيديوهات من هناك، معبرين عن بهجتهم بلقاء الحلاني بعد غياب، علماً أن هؤلاء لا يوجد ما يمنعهم مادياً أو أمنياً من التمتع بغناء الحلاني وغيره من الفنانين العرب في بيروت أو دبي وغيرها، وهم لم ينفكوا ينشرون صوراً لهم من تلك المدن على مدى السنوات السبع الأخيرة.



"القلعة والوادي"

انطلق في 16 تموز/ يوليو مهرجان "القلعة والوادي" الذي تشهد فعالياته كلٌّ من قلعة الحصن ووادي النضارة في ريف حمص، لمدة ثلاثة أيام، وهي تقتصر عن معارض فنية، وتسويقية، في حين كان مدرج قلعة الحصن مسرحاً لحفلات فنية لكبار المطربين في السابق.

وتعود للغناء المطربة ميادة الحناوي في حفلة ستحييها على مدرج قلعة حلب في الأول من آب/ آغسطس 2018 رغم ما ظهرت عليه في اللقاء الأخير الذي أجراه معها الإعلامي الموالي للنظام السوري، شادي حلوة، من تدهور واضح في صحتها، فكانت تتكلم بصعوبة.

وكان حلوة قد أعلن في ذلك اللقاء عن الحفل الذي ستحييه الحناوي على مدرج قلعة حلب، وسط تأكيد منها أنها ستكون على موعد مع جمهورها، وهي المعروفة بموقفها المؤيد للنظام السوري. وسبق أن صرحت لوسائل الإعلام بأنّها تحب بشار الأسد وتدعمه، وأنها "مع الجيش السوري ومؤسسات الدولة وهذه الانتصارات الضخمة التي يحققها"، وهذا كان سبب طردها من مصر.



"ليالي قلعة دمشق"

أما دمشق فحصتها مهرجان "ليالي قلعة دمشق" الذي سيقام بين الثاني والخامس من آب/ أغسطس المقبل، وسيحيي حفلات المهرجان كل من السوريين ناصيف زيتون وحسين الديك، والمطرب والملحن اللبناني مروان خوري.

والذين يرغبون بتنشق بعض الهواء في حديقة تشرين (المجانية)، عليهم أن يدفعوا رسم دخول قدره 200 ليرة سورية ما يعادل نصف دولار تقريباً. وهذا فقط لأن وزارة السياحة بالتعاون مع غرفة التجارة في دمشق، أطلقت في هذه الحديقة مهرجاناً جديداً تحت اسم "الشام بتجمعنا" وأتخمته بحفلات مأجورة لمطربين محليين مغمورين.

ولم ينته الأمر بالسوريين عند هذا الحد، فقد منعتهم الوزارة من إدخال الطعام أو الشراب معهم إلى الحديقة، لكي يشتروا ما يلزمهم من "شارع الأكل" الموجود في المهرجان نفسه، والذي يفرض على مَنْ يريد دخوله أن يدفع مبلغ 500 ليرة سورية أي ما يعادل دولاراً وبعض السنتات. والعجيب في هذه المهرجانات أنها ازدحمت على المواطن السوري بشكل لم يعد يعرف فيه من أين يبدأ، ومن سخرية الأقدار أن تتولى وزارة السياحة ترفيهه، في وقت أصبح الهاجس الأكبر لدى السوريين هو البقاء على قيد الحياة.
المساهمون