مهرجانات تونس: حركة ثقافية أم إهدار للعملة الصعبة؟

23 اغسطس 2017
الفنانة التونسية آمال مثلوثي في قرطاج (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -
بعدما أسدلت أغلب المهرجانات الدولية التونسية الستار عن عروضها، وأهمها مهرجان قرطاج ومهرجان الحمامات، أعرق مهرجانين في تونس حيث بلغ كل منهما من العمر سنته الثالثة بعد الخمسين، بدأت عملية التقييم لهذه المهرجانات التي يرى فيها البعض حركية ثقافية ورسالة إيجابيّة لزوار تونس ومواطنيها حول الوضع الأمني فيها، وتغييرا لصورة نمطية بدأت تتشكل في السنوات الأخيرة، تتمثل في أن تونس من أكثر الدول المصدرة للفن، في حين يرى فيها آخرون إهدارا للعملة الصعبة التي تحتاجها البلاد بعدما انخفضت مدخراتها من العملة الصعبة إلى رقم قياسي لم تعرفه منذ سنة 1986وفقاً للبنك المركزي.

المدافعون عن الرأي الأول، ومنهم الإعلامي والناقد الثقافي رمزي العياري يرى أنّ خلق حركية ثقافية صيفية باتت من العناوين المميزة للصيف التونسي والقطع مع هذه العادة المستمرة منذ استقلال تونس يعتبر انتكاسة للواقع الثقافي الذي يعرف خمولا كبيراً طيلة السنة ولا يشهد حركية كبرى إلا فى المهرجانات الصيفية. ويقول رمزي لـ"العربي الجديد" إنّ تنوع البرمجة في المهرجانات ودعوة فنانين عرب وعالميين يترجم الانفتاح التونسي على كل الثقافات وهو إشباع لمختلف الأذواق، فالجمهور هو من يحدد نجاح عرض أو فشله من خلال عدد متابعيه. كما أن حضور بعض الفنانين العالميين رسالة طمأنة للسياح الأجانب الذين باتوا يخشون القدوم إلى تونس بعد التفجيرين اللذين شهدهما متحف باردو بالعاصمة التونسية وأحد المنتجعات السياحية بمحافظة سوسة سنة 2015.
هذا الرأي لا يشاركه فيه نقيب الفنانين التونسيين مقداد السهيلي، الذي وإن كان مع استمرارية تنظيم المهرجانات الصيفية، لكنه مع "ضبط سياسة واضحة في جلب الفنانين الأجانب لما يكلفه ذلك من أعباء إضافية على الاقتصاد التونسي المنهك بطبيعته". ويطالب بإعطاء الفرصة للفنان التونسي وتشجيع الفن التونسي ليحتل المكانة الأولى في الساحة الفنية، مستغرباً دعوة بعض الفنانين الأجانب الذين لا يقدمون الإضافة بقدر ما يخلقون جدلاً حول الجدوى من دعوتهم لمهرجانات تونس الدولية بأسعار خيالية من العملة الصعبة.

وزارة الثقافة التونسية من ناحيتها، حاولت أن توفق بين المطلبين من خلال إشراف وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين يوم الجمعة 11 آب/ أغسطس على جلسة عمل حضرها أعضاء اللجنة الاستشارية لتنظيم عروض الفنانين الأجانب بتونس وواكبتها إطارات الوزارة، تطرّقت إلى سبل ردع تهرّب المطربين والفنانين والموسيقيين من كافة الدول العربية والأجنبية من دفع الضرائب عن الحفلات والمهرجانات التي يقيمونها في تونس، على أن يتم توجيهها للارتقاء بوضعية الفنان التونسي الذي يعاني صعوبات كبرى تتعلق بوضعيته الاجتماعية ومنها غياب التأمين الصحي وجرايات للمتقاعدين منهم.
يُذكر أن المهرجانات التونسية لسنة 2017 جلبت عديد الفنانين العرب والأجانب من أبرزهم محمد منير ونانسي عجرم وراغب علامة وشيرين وفايان يونان، أما من الفنانين الأجانب فقد تمت دعوة "بلاك أم" والأوركسترا السمفونية النمساوية وفنان الراب " بوبا " الذي أثار عرضه الكثير من الجدل خاصة بعد الملابس التي ظهر فيها والتى اعتبرها الكثيرون إهانة لمهرجان قرطاج الدولي.
أما العروض التونسية فقد كان عددها محدودًا رغم أنها لا تكلف إدارة المهرجانات كثيراً، حيث إن عرضًا تونسياً لن يتجاوز مقابله المادي في أقصى الحالات مائتي ألف دينار تونسي (85 ألف دولار أميركي) في حين كلفت بعض العروض الأجنبية والعربية ميزانية المهرجانات ما يعادل 200 ألف دولار أميركي، وهو رقم كبير في ظل الأزمة التي تعيشها تونس وضعف مواردها من العملة الصعبة.



المساهمون