وقال كروبي لخامنئي إنه منذ وصول هذا الأخير إلى رأس السلطة، قام بتنحية العديد من قوات الثورة الإسلامية الأصيلة ووضعها جانبا، ليطبق سياساته التي بدأت نتائجها بالانعكاس في البلاد اليوم، ورأى أيضا أنه كمرشد للبلاد يتحمل مسؤولية كل الأوضاع الراهنة، مركزا على ضرورة أن يبدأ بالتعامل مع ما يحدث، بصفته مرشدا. وكتب أيضا، مخاطبا خامنئي، أن "الاحتجاجات الأخيرة التي خرجت في البلاد ضد الظلم والفساد والتمييز، ما هي إلا جرس إنذار يستدعي أن تتنبّه بنفسك لمطالب الشارع"، واعتبر أن العديد من المؤسسات الاقتصادية باتت ملعبا لبعض الأفراد، وأن أكثر من 50% من ثروات البلاد أصبحت في يد بعض الجهات الحاكمة، وهو ما لا يخضع لأي رقابة.
وذكر كذلك، أنه بوجود هذه الظروف، فمن الطبيعي أن تتبدل الكتل والطبقات المجتمعية الضعيفة التي كانت يوما ما وقودا للثورة الإسلامية، إلى برميل من البارود، واصفا النظام اليوم وكأنه يقف على منحدر ويشعر بالخطر من تجمّع بضعة آلاف يعترضون على الظلم والفساد.
ودعا كروبي، المرشد الإيراني، إلى إصدار قرار لإطلاق سراح كل المعتقلين في السجون، قبل أن يتم ارتكاب المزيد من الكوارث. وانتقد في جزء آخر من الرسالة، دور الحرس الثوري الإيراني وتدخّله في الشؤون الاقتصادية والفعاليات السياسية، معتبرا أن صورة هذه المؤسسة الثورية باتت مشوهة لدى الشارع، والأكثر من ذلك أن بعض أعضائها أصبحوا متورطين في ملفات فساد، ودعا خامنئي إلى التصرف إزاء ملف تدخّل الحرس في قضايا ثانية.
وفي جانب آخر، انتقد كروبي عمل الحوزة العلمية، فضلا عن مجلس خبراء القيادة، المسؤول من جهته عن تقييم عمل المرشد واختيار خلف له، وخاطب خامنئي قائلا "وصولك إلى منصب المرشد ترافق مع تنحية العديد من الأطراف الثورية، وهذا ما وصل إلى ذروته خلال الدورة الانتخابية الثانية لمجلس الخبراء، فتم إقصاء العديد من الوجوه المستقلة والثمينة، ففقدت هذه المؤسسة معناها، وتبدلت إلى مجلس تنحصر وظيفته في الإشادة والثناء".
وفي مقاطع ثانية من الرسالة المطولة، تحدّث كروبي عن علاقته المقربة بخامنئي في الماضي، فضلا عن رجال دين وشخصيات بارزة أخرى شاركت في الثورة الإسلامية، وخاطبه بوصفه "مرشد الجمهورية الإسلامية" و"آية الله"، واستند في طرح بعض انتقاداته على بنود من الدستور الإيراني، كما عاد وذكّره بما حدث في عام 2009، مجددا اتهاماته لبعض الجهات من قبيل الحرس والبسيج بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية، قائلا "ألم يكن من الأفضل تلبية مطالب الشارع، بدلا من اللجوء إلى العنف والوقوف في وجه المسيرات المليونية"، ودعا كروبي، المرشد، في ختام الرسالة، إلى إيقاف الإهانات التي تصدر بحقه وبحق الإصلاحي مير حسين موسوي، الخاضع كذلك للإقامة الجبرية، معتبرا أن إطلاق التهم ضدهما بات مباحا، وأعرب عن جهوزيته للمشاركة مع مستشاريه في أي مناظرة حول ما حدث في 2009، وما بعدها.
يذكر أن كروبي، الذي كان مرشحا للانتخابات الرئاسية في عام 2009، ودعم الإصلاحي مير حسين موسوي، وبات رمزا للحركة الخضراء، التي خرج مؤيدوها اعتراضا على نتائج الانتخابات التي فاز فيها المحافظ محمود أحمدي نجاد بدورة رئاسية ثانية، يخضع للإقامة الجبرية في منزله منذ ذلك الوقت، وتعرّض لوعكات صحية عديدة، كما أنه متهم بالتحريض على ما بات يسمى اصطلاحا في البلاد بالفتنة، كون الاحتجاجات التي خرجت للمطالبة بالنزاهة وإعادة فرز الأصوات حملت بعد ذلك شعارات سياسية منتقدة للنظام، وطاولت المرشد نفسه كذلك.