مهجرو قرية "المنسي" الفلسطينية: لا تنازل عن حق العودة

14 مايو 2018
مهجرو "المنسى" خلال تظاهرات ذكرى النكبة (العربي الجديد)
+ الخط -
يصر الفلسطيني فخري تركمان "أبو لؤي" (80 سنة)، على أن مخيم جنين للاجئين، شمال الضفة الغربية، هو مستقر مؤقت له ولعائلته المهجرة عقب نكبة 1948، وأنه ينتظر العودة إلى قريته المسماة "المنسي" الواقعة جنوب شرقي مدينة حيفا في الداخل الفلسطيني المحتل، مؤكدا أن "جنين ومخيمها محطة انتظار إلى حين العودة إلى المنسي".

خرج "أبو لؤي" من قريته حين كان عمره عشر سنوات مع عائلته، واستقروا بعدها في مخيم جنين، لكنه يعرف عن نفسه دائما بأنه من "المنسي" ويسكن في مخيم جنين، ويحرص على أن يرث أبناءه وأحفاده هذه القناعة الراسخة.

وشغل المهجر الفلسطيني المسن منصب نائب مستقل في المجلس التشريعي الفلسطيني لمدة عشر سنوات حتى عام 2006، ويقول لـ"العربي الجديد": "رغم المعاناة والاضطهاد والتشتت، فإن التحدي والصمود والثبات على حق العودة لا زال مغروسا لا يمكن انتزاعه، ولا يمكن أن يسقط هذا الحق بالتقادم".

ورغم صغر سنه حين النكبة، إلا أنه يحن دوما إلى قريته التي زارها في سبعينيات القرن الماضي، ويسعى في هذه المرحلة إلى زيارتها مجددا إن سمحت الفرصة، ورغم أن القرية دمرتها العصابات الصهيونية، إلا أن أبا لؤي يحتفظ في مخيلته بكل تفاصيلها قبل تدميرها.

أمضى الأسير المحرر غسان محمود استيتي (34 سنة)، نحو 12 عاما داخل سجون الاحتلال، وهو يعمل محاميا منذ إنهاء دراسته عقب الإفراج عنه، ويقول إن قريته "المنسي" هي الماضي والحاضر والمستقبل، ويؤكد أنه يسكن في مخيم جنين، لكنه يحرص على التعريف بأنه من المنسي.

ورغم أن والد غسان كان يبلغ من العمر ستة أشهر فقط حينما هجرت عائلته، إلا أنه تمكن من غرس حب قريته في قلوب أبنائه الذين يعرفون عنها أدق التفاصيل، ويصرون على العودة، يقول غسان لـ"العربي الجديد": "لدينا أمل بالعودة إلى المنسي، هذا حق تاريخي لنا، ولا يمكن للظالم أن يواصل ظلمه واحتلاله. نحن نعيش في مخيم جنين بشكل مؤقت، فهو محطة انتظار إلى حين العودة إلى المنسي".


ويردد الأسير المحرر بديع محمد استيتي، كلمات كان يكررها والده الراحل، مؤكدا أنه، مثلما كان أبوه، "مستعد لبيع كل ما أملك والعودة للعيش داخل خيمة في المنسي. أربي أبنائي على حب المنسي، كما فعل والدي معي. لا زلت أحتفظ بأوراق الطابو والكوشان لأرض عائلتي، وأحتفظ أيضا بعقد زواج والدي المعقود عام 1946، والموثق بشعار حكومة فلسطين".
ويشدد بديع لـ"العربي الجديد"، على أن "قضية العودة هي قضية صراع وجودي، وما يجري حاليا من الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو نقل السفارة الأميركية إلى القدس بالتزامن مع ذكرى النكبة، كله يهدف إلى زرع الهزيمة في نفوس الأجيال، لكن ما يجري يجب أن يدفع الجميع للإصرار على تعزيز التمسك بحق العودة".



وتقول الباحثة في التاريخ الفلسطيني، آمنة حطب، لـ"العربي الجديد"، إنه "حين سقطت قرى حيفا في أيدي العصابات الصهيونية عام 1948، بقي أهالي المنسي يقاتلون إلى أن سقطت القرية وتشرد أهلها ودمرت معظم مبانيها، وإن بقيت بعض معالمها، والقرية تقع على بعد 29 كيلومترا عن مركز مدينة حيفا من جهتها الجنوبية الشرقية، بين مدينتي جنين وحيفا، وتشتهر بخصوبة أراضيها الواقعة ضمن سهول مرج ابن عامر، فيما تنتشر فيها عيون المياه ويقع نهر المقطع على ناحيتها الشمالية".

ويعتقد أن سبب تسمية القرية باسم "المنسي" يعود إلى اسم أحد الأولياء الصالحين من فرق المتصوفة، والذي حفر بئر ماء في المنطقة، وأقيمت القرية على السفح الشرقي لجبل الكرمل، وتبلغ مساحتها 50 ألف دونم، وكان يسكن بها قبل النكبة نحو ألفي نسمة، وعاشت بها أربع عائلات رئيسية من أفرع عرب التركمان، أشهرها بني صعيدان، وبني علقمة، وبني غرة، وبني ظبية، وعائلات أخرى.

وتشتهر القرية بالزراعة، وأهم الزراعات فيها القمح والسمسم والبقوليات والزعتر، وزراعة الأشجار المثمرة، وأهمها الزيتون والعنب والتين والصبار، علاوة على تميزها بتربية المواشي.

المساهمون