حاول المهاجرون المتواجدون في منطقة كاليه الفرنسية، دخول بريطانيا 30 ألف مرّة خلال هذا العام على الرّغم من الإجراءات الأمنية المكلفة. وسجّلت وزارة الداخلية الفرنسية 17867 محاولة لاقتحام المنطقة المحصّنة حول ميناء كاليه ونفق المانش. كما حاول طالبو اللجوء العبور 12349 مرّة عبر الشاحنات المتجهة إلى بريطانيا.
وتأتي هذه الأرقام بعد عام تقريباً على إغلاق مخيّم الغابة الشهير في كاليه، ما يثير مخاوف من انبثاق مخيّم آخر هناك.
ويصرّ الفرنسيون على أنّ هناك نحو 350 مهاجراً فقط في منطقة كاليه، بيد أنّ الجمعيات الخيرية تقول إنّ الرقم الحقيقي لا يقل عن ضعف هذا العدد. وتتواجد مجموعات صغيرة، تنام في الغابات على بعد بضعة أمتار من مخيم الغابة السابق، الذي كان موطناً لنحو 10 آلاف شخص.
أمام هذه الظروف، حثّ تشارلي إلفيك، نائب من حزب المحافظين، الليلة الماضية، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على السيطرة على الوضع. وقال إنّ الأرقام المروّعة تؤكّد أهمية الحفاظ على الحدود بين دوفر وكاليه، قوية وآمنة. وأضاف أنّ: "الأمر مهم بالنسبة لفرنسا بقدر أهميته لبريطانيا، لانّ الحدود القوية تعني أن كاليه لن تكون بمثابة مغناطيس. والمهاجرون لن يذهبوا إلى هناك، حين يدركون أنّ لا أمل لديهم".
ولا توجد أرقام من العام الماضي لمقارنتها، لكن التقديرات السابقة من السلطات الفرنسية، تشير إلى وجود ما بين 25 و28 ألف محاولة لخرق أمن الحدود حول كاليه من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس/ آب 2016. وتتعلّق جميع الإحصاءات بمحاولات فردية لإيجاد طريق إلى بريطانيا. ولا تتضح أعداد المهاجرين الذين تسلّلوا إلى بريطانيا هذا العام من كاليه، وفق ما أورد موقع "ديلي ميل".
من جهة أخرى، أكّد متحدّث باسم "يوروتانيل" الليلة الماضية، أنّ ترتيباته الأمنية كانت قوية وأنّ الضغط المستمر لم يؤثّر على العمليات. ولا تزال الطرق الأكثر خطورة إلى بريطانيا، تلك المحيطة بالموانئ، مع وفاة 40 مهاجرا وسائق شاحنة بولندي منذ عام 2015.
وفي هذا الشأن، قال مايك هوكم، عضو البرلمان الأوروبي، من حزب استقلال المملكة المتحدة، "إنّها مسألة وقت فقط قبل مقتل المزيد من سائقي الشاحنات أو إصابتهم في اشتباكات مع أشخاص على متنها".
وتجتمع حشود المهاجرين، ليلاً في كاليه لتلقي الغذاء والمساعدات التي تعدّها الجمعيات الخيرية المحلية. كما من الممكن رؤيتهم يسيرون في الشوارع المزدحمة والخطيرة المؤدية إلى الميناء. حتى أن بعضهم رافق في الأسبوع الماضي، مدرّباً سياحياً متوجهاً إلى بريطانيا.
وعقب إغلاق مخيّم الغابة، نقل المسؤولون الفرنسيون، المهاجرين إلى مراكز الإيواء المنتشرة في أنحاء البلاد، في محاولة لتخفيف الضغط عن كاليه. بيد أنّ التوتر مع المسؤولين المحليين ازداد مرّة أخرى، في الأسبوع الماضي، عندما أعلن الوزراء الفرنسيون افتتاح مركزين على بعد 50 ميلاً من كاليه. ووصلت الحافلات الصغيرة إلى الميناء أمس لنقل المهاجرين إلى هذين المكانين، وأحدهما دير تاريخي في قرية.
ويفيد موقع "ديلي ميل"، أنّ عمّال الإغاثة قالوا للمهاجرين إنّ التوجّه إلى المراكز، قد يؤدي إلى ترحيلهم إلى أوّل بلد في الاتحاد الأوروبي دخلوا إليه، بموجب قواعد دبلن.
وحكمت المحكمة الإدارية العليا في فرنسا على "مجلس الدولة" إقامة مرافق مياه وصرف صحي للمهاجرين، معتبرة أنّ معاملة المهاجرين واللاجئين حول منطقة كاليه غير قانونية. كما قالت المنظّمات الخيرية وجماعات حقوق الإنسان، إن الظروف المزرية للمخيّمات المؤقتة غير إنسانية. وعانى العديد من اللاجئين والمهاجرين من أمراض جلدية في ظل غياب أي وسيلة لغسل أنفسهم وملابسهم.
في المقابل، استجاب فيليب ميغنونيت، رئيس بلدية كاليه للحكم، من خلال الادعاء بأنّ غابة جديدة قد تظهر في أي وقت إن لم يكونوا حذرين.
ووعد ماكرون بضمان عدم بقاء أي مهاجر في الشوارع بحلول نهاية العام الجاري، كما تعهّد بتوفير سكن مناسب لهم. لذلك اشترت حكومته 62 فندقاً رخيصاً في جميع أنحاء البلاد، وتحوّلها حالياً إلى ملاجئ لنحو 6 آلاف شخص.
أمّا جيرارد كولومب، وزير الداخلية، فقال، إنّ فرنسا لا تريد تكرار التجارب الماضية، التي بدأت بمركز من 400 شخص وانتهت بـ 8 آلاف.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الغابة، كانت مخيماً للاجئين والمهاجرين، خارج ميناء كاليه مباشرة. وكانت موطناً لما يقدّر بـ 10 آلاف مهاجر من البلدان التي مزّقتها الحروب والمنكوبة بالفقر في جميع أنحاء العالم. حاول الآلاف من سكّان دول سورية والعراق وأفغانستان وإيران، دخول بريطانيا منها عبر تسلّق الشاحنات والسيارات والقطارات والعبارات.
وهوجم العديد منهم ولقي منهم حتفه في حوادث القطار أو الغرق في القناة، مع محاولاتهم اليائسة للوصول إلى بريطانيا. وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول 2016 أعلنت السلطات الفرنسية أنّ المخيّم أخلي من المهاجرين.