من يكسب رئاسة صندوق النقد الدولي؟

08 يوليو 2019
كارني في مناسبة الغداء السنوي بحي المال (Getty)
+ الخط -

بدأ العد التنازلي لاختيار رئيس جديد لصندوق النقد الدولي، أكبر مؤسسة مالية عالمية، وذلك بعد أن قررت كريستين لاغارد مغادرة الصندوق عقب اختيارها نهاية الأسبوع الماضي لمنصب الرئيس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي. 

ومن المتوقع أن تبدأ لاغارد عملها في رئاسة البنك المركزي الأوروبي من بداية سبتمبر/ أيلول المقبل، بعد موافقة البرلمان الأوروبي على ترشيحها. ولا يبدو أن هنالك إشكالية كبرى ستواجه التصديق عليها من قبل البرلمان الأوروبي، رغم المعارضة التي تجدها من بعض الأحزاب الصغيرة.

وحسب مصادر داخل صندوق النقد فإن كبار المساهمين في الصندوق وفي مقدمتهم الولايات المتحدة يبحثون عن مدير جديد يحقق مصالحهم المالية والنقدية في زمن الصراعات والتباين الشديد في السياسات والاستراتيجيات النقدية والتجارية.

ويرى محللون، أن المدير الجديد للصندوق سيواجه تحديات عديدة، حيث إن من وظائف الصندوق العمل على تعزيز الاستقرار المالي والتعاون في المجال النقدي على مستوى العالم، كما يسعى لتيسير التجارة الدولية، وزيادة معدلات توظيف العمال.
وهذه مهام شديدة الصعوبة في وقت تشتعل فيه حرب تجارية بين أكبرعملاقين اقتصاديين في العالم، هما الولايات المتحدة والصين، كما يتهم فيه الرئيس دونالد ترامب كلاً من أوروبا والصين ودول آسيا بالتلاعب بأسعار صرف العملات.

وبالتالي فإن المدير الجديد ستكون أمامه مهام صعبة للتوفيق بين المصالح الأميركية ومصالح أوروبا والصين والاقتصادات الناشئة. وربما ستتعقد مهمته أكثر في حال فاز ترامب بدورة رئاسية ثانية.

من الناحية القانونية، فإن اختيار منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي لا يخضع للجنسية، إلا أن هنالك اتفاقاً ضمنياً ومنذ إنشاء الصندوق قبل 73 عاماً في قرية بريتون وودز الأميركية، على أن يكون منصب رئيس البنك الدولي للولايات المتحدة ومنصب المدير العام لصندوق النقد من نصيب أوروبا.

وهذا التقسيم يزعج الاقتصادات الناشئة، وترى فيه تكريساً للهيمنة الأميركية الأوروبية على الاقتصادات العالمية، وبالتالي يلاحظ أن رؤساء كل من الصين والهند وروسيا ناقشوا في اجتماعهم على هامش اجتماعات قمة العشرين بمدينة أوساكا اليابانية، ضرورة إصلاح صندوق النقد الدولي.
لكن من هم المرشحون المحتملون للمنصب؟

تضم قوائم المرشحين الأخيرة والمبكرة للمنصب عددًا من الأسماء، من أبرزها أجوستين كارستينز، محافظ بنك المكسيك، الرئيس السابق للجنة السياسات في صندوق النقد الدولى،. وثمة مرشح بريطاني آخر لمنصب مدير عام الصندوق، جورج أوسبورن، وزير الخزانة البريطاني السابق، الذي يتطلع لشغل المنصب،

وفقًا لوسائل إعلام بريطانية. كما ينافس على المنصب الخبير الاقتصادي العالمي المصري، محمد العريان، حيث ورد اسمه ضمن أبرز المرشحين لخلافة لاغارد.


ويحمل العريان، المدير التنفيذى السابق لشركة «بيمكو»، الجنسيات المصرية والأميركية والفرنسية، ما يجعله مرشحا قويا لرئاسة الصندوق. 

ولا يبدو حتى الآن أن أميركا ستعترض على شخصية أوروبية في إدارة الصندوق، لكن قد تكون هنالك اعتراضات من دول الاقتصادات الناشئة. في هذا الصدد، قال مسؤول وزارة الخزانة الأميركية السابق مارك سوبل، " الولايات المتحدة لن تعترض على مرشح أوروبي لمنصب المدير العام للصندوق، لأن مرشح ترامب لمنصب رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، فاز بسهولة بعد حصوله على الدعم الكافي من أوروبا"، وذلك حسب صحيفة فاينانشيال تايمز، البريطانية.

لكن من المستبعد أن يمنح المنصب هذه المرة لفرنسي، لأن فرنسا نالت نصيب الأسد من إدارة الصندوق. وقد أدار فرنسيون الصندوق لمدة 44 عاماً من عمره البالغ 73 عاماً. وبالتالي ربما لا يكون خليفة لاغارد فرنسياً هذه المرة.

ومن بين المرشحين، وحسب الصحيفة البريطانية، محافظ بنك إنكلترا، "البنك المركزي البريطاني" الحالي، مارك كارني الذي سيغادر منصبه في يناير/كانون الثاني المقبل. وعلى الرغم من أن كارني كندي الجنسية، إلا أنه يحمل الجواز الأيرلندي، وهذا يؤهله لأن يكون أوروبياً.

ويعد كارني من أقوى المرشحين لإدارة الصندوق، حيث إنه يملك الكفاءة والدعم البريطاني والأميركي وربما لا تكون عليه اعتراضات أوروبية تذكر، خاصة من الدول الأوروبية الكبرى.
في هذا الصدد قال مسؤول فرنسي كبير لصحيفة " فاينانشيال تايمز"، " لن يكون هنالك عائق أمام ترشحه في العواصم الأوروبية". وهذا يعني أن فرنسا توافق ضمنياً على ترشيحه للمنصب.

والمصرفي كارني بدأ حياته البنكية في مصرف "غولدمان ساكس"، قبل أن ينضم إلى وزارة المالية الكندية، ثم ترقى حتى أصبح محافظاً للبنك المركزي الكندي ثم محافظاً لبنك إنكلترا. ولدى كارني علاقات دولية واسعة تؤهله لملء منصب المدير العام لصندوق النقد، وبالتالي ربما يكون من أقوى المرشحين.

من بين المرشحين الآخرين، كريستيلينا جورجيفينا التي تعمل حالياً في منصب كبيرة الرؤساء التنفيذيين بالبنك الدولي، وهي اقتصادية بلغارية شغلت عدة مناصب دولية مرموقة، ولكنها قد لا تحظى بالدعم الأوروبي الكافي.

كما أن هناك احتمالاً لترشيح رئيس البنك المركزي الأوروبي الحالي، ماريو دراغي، وفي حال ترشيحه سيكون منافساً شرساً لكارني. ولكن ربما يكون عمره البالغ 71 عاماً عائقاً أمام ترشحه. كما أن هنالك محللين، يرون أنه ربما يكون يرغب في التقاعد بعد المتاعب الشاقة التي تكبدها خلال السنوات السابقة في إدارة السياسة النقدية الأوروبية.

وحسب مصادر بريطانية، فإن وزير الخزانة الأسبق، جورج أوزبورن قال إنه يفكر في الترشح للمنصب. ولكن لا يوجد تأكيد لذلك. وهناك مرشحون أوروبيون آخرون، ولكن يبدو أن أعمارهم لا تؤهلهم للترشح، حيث إن معظمهم فوق السبعين عاماً.

ومن بين الأهداف التي ترغب الولايات المتحدة في خدمتها من صندوق النقد، خاصة في عهد إدارة ترامب، عدم خدمة المصالح المالية والنقدية للصين، حيث إن الصندوق لم يعد يعني لها الكثير في السياسة الخارجية.

ويواجه الصندوق اعتراضات ضخمة من قبل دول أميركا الجنوبية وآسيا، حيث ترى أنه لم يعد يعكس المتغيرات التي حدثت في الاقتصاد العالمي، إذ إن 60% من ثقل الاقتصاد العالمي أصبح جزءاً من آسيا.

المساهمون