من يطلق الرصاص على بنغازي؟

17 مايو 2014
بنغازي تنتظر القوى الرسمية لتهدأ (عبدالله دوما/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

 

قيل إن "من جرّب الكيّ لا ينسى مواجعه... ومن شاهد السمّ لا يشقى كمن شربا"، فمشاهد القتل اليومية أصبحت عادة في مدينة شهدت مهد الثورة، وكانت تُعدّ من أهدأ المدن الليبية وأكثرها ثقافة وتحضراً... بنغازي.
بنغازي التي يطلق عليها الليبيون اسم "عروس الثورة"، تجرب كل يوم وربما كل ساعة، الكيّ بالسلاح، وتتجرّع مرارة السمّ وكل الأطراف تتهم بعضها البعض بذلك.
فقوات الجيش والشرطة والحكومة توجّه الاتهام الى تشكيلات مسلّحة، ذات توجّه اسلامي متشدّد، يتصدرها تنظيم "أنصار الشريعة"، الذي يوجد بكثافة في بنغازي ودرنة (شرق ليبيا)، وهو ما أكدته للمرة الأولى حكومة، عبد الله الثني، في بيان لها الأسبوع الماضي، إذ اعتبرت أن "ما يحدث في بنغازي ارهاب بالمعنى الحرفي"، ونسبته الى "أنصار الشريعة" في أعقاب نشوب أزمة بين عدد من المتظاهرين المطالبين بجيش وشرطة، وبين "كتيبة 17 فبراير"، التي تضم عناصر من التنظيم، والتي سقط فيها عدد من القتلى وعشرات الجرحى.
كما أشارت الحكومة أكثر من مرة إلى أن التنظيم يستهدف عناصر الجيش والشرطة، الى درجة وصلت معها التقديرات، الى تحديد سقوط أكثر من 700 عنصر تابع للجيش والشرطة خلال عام واحد.
وفي المقابل اتهمت "غرفة ثوار ليبيا"، أكثر من مرة، من اسمتهم بـ"أزلام النظام السابق، الذين يقيمون بدول مجاورة، بالوقوف خلف سلسلة الاغتيالات والتفجيرات التي تشهدها بنغازي والشرق كله، وذلك لافشال "ثورة 17 فبراير"، والتمهيد للانقلاب عليها، استنساخاً للتجربة المصرية، رغم ما بينهما من اختلافات حيث يتوفر السلاح في أيدي كل الأطراف في ليبيا، وهو ما يُصّعب حدوث انقلاب عسكري بالمعنى الكامل"، كما تشير بعض المصادر، التي تعتبر أن ما يجري لن يتخطى "المعارك المحدودة التي لا يُحسم فيها الصراع لأي طرف من الاطراف".
وتقع بنغازي بين قوى عسكرية عدة، منها ما هو تابع للجيش والشرطة، ومنها من انحاز لـ"الحركة الفيدرالية" التي برزت بشكلها المسلّح في يوليو/تموز 2012، بعد تشكيل مكتب سياسي لاقليم برقة، مطالباً بحكم ذاتي وحكومة خاصة بالاقليم، ومطالباً باعادة توزيع الثروات النفطية وزيادة حصتها منها.
ولم تكتفِ الحركة بذلك، بل حاصرت موانئ الشرق الليبي النفطية، وأغلقتها تماماً.
وغير بعيد عن الحركة، تتمركز كتائب مسلحة، في المدينة، مثل "كتيبة 17 فبراير"، وكتائب تابعة لـ"أنصار الشريعة"، اضافة الى تنظيمات اسلامية متشددة أخرى، تتخذ من مدينة درنة (150 كيلومتراً شرق بنغازي)، مقرّاً لها، مثل حركة "مجلس شورى شباب الإسلام"، التي أعلنت عن نفسها مطلع أبريل/نيسان الماضي، بمدينة درنة وأعلنت في بيان لها، براءتها من كل القوانين المعمول بها في الدولة، التي وصفتها بأنها قوانين الكفر وأعراف الجاهلية، كما شكّلت لجنة لفض المنازعات والصلح بين الناس، تحتكم الى الشريعة الإسلامية.
وقام شباب الحركة بعرض عسكري بالسيارات بالمدينة، رافعين أعلاماً سوداء في غياب الجيش والأمن والعلم الليبي الرسمي.

ويتردد أن الحركة مرتبطة بتنظيم "القاعدة"، وتقف وراء الاغتيالات والتفجيرات في بنغازي، خصوصاً المتعلّقة بأفراد الجيش والشرطة والقضاء.
وإضافة الى كل هذه القوى، توجد قوات "درع ليبيا"، التي تضمّ 10 كتائب، موزعة في البلاد، ويتركز منها "درع الشرقية" في بنغازي، وهي التي تشكلت في أول ايام ثورة فبراير، بقرار من "المجلس الوطني الانتقالي" وقتها، لتولّي مهمات تأمين الحدود وحفظ الأمن بالداخل، ريثما تتمّ اعادة تكوين الجيش والشرطة في ليبيا الجديدة، والتي تضمها غرفة "ثوار ليبيا"، التي كلفها رئيس "المؤتمر الوطني"، نوري ابو سهمين، أيضاً بتأمين المدن الليبية، والحفاظ على الثورة، فيما يراه بعض أعضاء التيارات المدنية حرساً ثورياً جديداً.