من يجمع الليبيين؟

02 مايو 2016
الخوف يسيطر على الجميع في ليبيا(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

يحبس الليبيون أنفاسهم، المواطنون البسطاء، الأبرياء الذين لا همّ لهم إلا أن يذهب أبناؤهم إلى المدارس ويعودون سالمين، المرضى الذين يبحثون عن دواء مفقود، المرأة التي لم تخرج منذ سنوات إلى فضاء أخضر لتتنفس هواء نقياً مع أطفالها بدون سماع دوي رصاص، وبدون خوف من تردي الوضع فجأة.
وعلى الرغم من أن بعض المدن الليبية تعيش بشكل هادئ، بعيداً عن تعقيدات الوضع الأمني، إلا أنها لا تُستثنى من بقية المشاكل التي تعرفها كل المدن، مثل أزمة السيولة وغياب المؤسسات وتدهور قيمة العمل...
كل هذه المشاكل مقدور عليها ويمكن أن تجد لها حلاً بسرعة، لكن الخوف الذي يسيطر على الجميع اليوم يتمثل في إمكانية انزلاق الوضع الأمني العام وتوسّع المواجهات إلى أقاليم عديدة، إذا لم يتمكن الليبيون من إيجاد صيغة للتفاهم حول مدينة سرت، التي أصبحت تشكل لحظة مهمة وحاسمة بالنسبة للفرقاء في شرق البلاد وغربها.
وأمام البيانات المتضادة والتصريحات المستفزة وتحدي كل طرف للآخر، يتضح مرة أخرى أنّ النخبة الليبية السياسية عاجزة عن السماع، ومصابة كغيرها من نخب الربيع العربي بداء الصمم السياسي والعمى الإيديولوجي، ولم تتمكن من تجاوزه والنظر إلى مصلحة الأوطان.
وأمام عجز الليبيين عن التحاور في ما بينهم، وفشل المبعوثين الأمميين وكل الوسطاء الأوروبيين المعنيين بالملف الليبي، وأمام هذا التهديد الجديد بنسف النزر القليل الذي تحقق إلى الآن، وهدم كل شيء، تحتاج ليبيا اليوم بالتأكيد إلى وسيط أو دولة تجمع المتعارضين، بأقصى سرعة ممكنة، لمنع الكارثة وتفادي الصدام.
لكن من تكون هذه الدولة؟ ومن يكون هذا الوسيط؟ وهل ترغب الدول الكبرى حقيقة في حل المشكلة الليبية وجمع الفرقاء وإعادة الاستقرار إلى المنطقة، مثلما تقول تصريحاتها المتواترة؟ أم أن المشروع أكبر، والمصير محتّم ومكتوب؟
أمام كل هذه الاسئلة، نُصاب باليأس والخجل، كيف نعجز أن نجلس معاً، نحن أبناء الوطن الواحد، الذي سيقتلنا رصاصنا المتبادل، وندعو غريباً، مرة أخرى، ليجمعنا معاً على طاولة بعيدة في غرف نائية، فقط لنتحدث معاً، بسبب غبائنا السياسي، ونهم على السلطة، ستضيع من الجميع إذا تهدم البلد؟
المساهمون