من هم الغرباء؟
ناصر الحجازي (سورية)
بعيد انطلاق الثورة السورية السلمية المطالبة بالتحرّر من الظلم والقهر والاستبداد، ومواجهة هذه الثورة بالرصاص والتنكيل والتعذيب والاعتقالات، بدأت تتحوّل إلى الكفاح المسلح، كغيرها من قوى التحرّر في العالم، والذي لم تواجه ثوراته بهذا الحجم والعنف الهمجي المنظم، والمسلّط على الشعب، وخصوصا بعد حركة الانشقاقات العسكرية وتكوين خلايا الجيش الحر، حيث عمد النظام، وقتها، إلى اعتماد مصطلح جديد يخوّف به أنصاره، عندما نعت القوى التي يحاربها بالغرباء، وهو اصطلاح جد مدروس وبعناية، كونه يؤدي وظيفته في تخويف الداخل المؤيّد له، خصوصاً من أبناء الأقليات والخارج بحسبان أنّ هؤلاء الغرباء هم جنود إرهابيون، جاؤوا لاستباحة الشعب السوري.
وما يلفت النظر على نحو مخيف انحياز مثقفين إلى مقولة النظام هذه، على الرغم من أنّ الشعب السوري يدرك تماما أنّ الظلم الذي وقع عليه والتنكيل التاريخي الاستثنائي الذي رزح تحته سنيناً جعل الحمية والنخوة والمشاعر الدينية تدفع كثيرين للوقوف معه ومناصرة قضيته.
أياً يكن، الفضيحة الكبرى للمثقف الطائفي، سواء كان من أبناء الأقليات الدينية أم من أبناء الأكثرية السنية، هو تقبّله فكرة دخول حزب الله وشيعة الأفغان والمرتزقة من أصقاع البلاد لنصرة نظام مستبد في إطار طائفي بغيض، وترحيبه بقوى احتلال خارجية، وإصابته بالعمى عن رؤية هذا المشهد من استقدام القتلة والمجرمين، ونفاذ بصيرته وشحذ قلمه في رؤية بضع من الأفراد الذين جاءوا دفاعاً عن السوريين، من دون أيّ توّجه طائفي واضح، إلا في سياق ردّات الفعل بسبب تشابك العلاقة بين النظام والطائفة التي ينحدر منها، وقد بدا ذلك جليّاً بعد معركة حلب، فهؤلاء غرباء يريدون استباحة حلب! حسناً: وهل استباحة حلب من طائرات النظام وتدمير الحجر والشجر والبشر هو من فعل الغرباء؟
نعم، الشعب السوري كفيل أن ينصر قضيته، وكفيل أن يتابع المشوار على الرغم من الآلام والأحزان، ولم يكن الغرباء ومشاريعهم في خدمة قضية السوريين، لكن مقولة الغرباء هذه تشكل أكبر عار للمثقف السوري الطائفي، فالذي واجه شعبه، منذ البدايات، بالرصاص والأصفاد والأغلال والإذلال هو الغريب حقاً، والذي انحاز لنظام مجرم واجه شعبه بالمدافع والطائرات والصواريخ هو الغريب .
نعم هؤلاء هم الغرباء الذين لم يشعروا بسوريتهم أو عروبتهم يوماً، هؤلاء الذين أدخلوا الميليشيات الطائفية، وكوّنوا ميليشيات طائفية، هم الغرباء.
إذا ما قمنا بمقارنة بين غرباء الشعب وغرباء النظام، سنجد أنّ غرباء الشعب أنبياء، وأنّ انبلاج أيّ حل سياسي جدي يضع سورية على سكة التحرير والديمقراطية، فإنّ هؤلاء الغرباء سيذوبون، ولن يكون لمشروعهم صدى في أسماع السوريين، فهل كان سليمان الحلبي غريباً عندما اغتال المستعمر كليبر في مصر؟ وهل كان فرانز فانون الفرنسي غريباً عندما ترك فرنسا، وانضم إلى جبهة تحرير الجزائر؟
أي أنّ غرباءنا، من جاءوا لنصرة الشعب (وهنا لا أتحدث عن داعش مطلقاً كونها تنظيماً دولياً مشبوهاً)، ولو اختلفنا معهم، إلا أنهم انحازوا إلى فكرة أخلاقية يجب فصلها عمّا يؤمنون به إيديولوجياً، بينما جيراننا وأقاربنا وطيارونا وجنرالاتنا (الأقرباء الغرباء حقا) انحازوا الى جهنمية القتل والسحل والوحشية في مواجهة الشعب، كلّ الشعب، صغيره وكبيره، ذكره وأنثاه، فأيّ رصيد أخلاقي لهؤلاء؟
الغرباء هم من فقدوا الانتماء إلى هذا الشعب، ولم يشعروا بحنوهم إلى هذه الأرض. كانوا غرباء حقاً، وظلمهم كان أقسى من غرباء مؤقّتين حتى لو اختلفنا في دوافعهم.
وما يلفت النظر على نحو مخيف انحياز مثقفين إلى مقولة النظام هذه، على الرغم من أنّ الشعب السوري يدرك تماما أنّ الظلم الذي وقع عليه والتنكيل التاريخي الاستثنائي الذي رزح تحته سنيناً جعل الحمية والنخوة والمشاعر الدينية تدفع كثيرين للوقوف معه ومناصرة قضيته.
أياً يكن، الفضيحة الكبرى للمثقف الطائفي، سواء كان من أبناء الأقليات الدينية أم من أبناء الأكثرية السنية، هو تقبّله فكرة دخول حزب الله وشيعة الأفغان والمرتزقة من أصقاع البلاد لنصرة نظام مستبد في إطار طائفي بغيض، وترحيبه بقوى احتلال خارجية، وإصابته بالعمى عن رؤية هذا المشهد من استقدام القتلة والمجرمين، ونفاذ بصيرته وشحذ قلمه في رؤية بضع من الأفراد الذين جاءوا دفاعاً عن السوريين، من دون أيّ توّجه طائفي واضح، إلا في سياق ردّات الفعل بسبب تشابك العلاقة بين النظام والطائفة التي ينحدر منها، وقد بدا ذلك جليّاً بعد معركة حلب، فهؤلاء غرباء يريدون استباحة حلب! حسناً: وهل استباحة حلب من طائرات النظام وتدمير الحجر والشجر والبشر هو من فعل الغرباء؟
نعم، الشعب السوري كفيل أن ينصر قضيته، وكفيل أن يتابع المشوار على الرغم من الآلام والأحزان، ولم يكن الغرباء ومشاريعهم في خدمة قضية السوريين، لكن مقولة الغرباء هذه تشكل أكبر عار للمثقف السوري الطائفي، فالذي واجه شعبه، منذ البدايات، بالرصاص والأصفاد والأغلال والإذلال هو الغريب حقاً، والذي انحاز لنظام مجرم واجه شعبه بالمدافع والطائرات والصواريخ هو الغريب .
نعم هؤلاء هم الغرباء الذين لم يشعروا بسوريتهم أو عروبتهم يوماً، هؤلاء الذين أدخلوا الميليشيات الطائفية، وكوّنوا ميليشيات طائفية، هم الغرباء.
إذا ما قمنا بمقارنة بين غرباء الشعب وغرباء النظام، سنجد أنّ غرباء الشعب أنبياء، وأنّ انبلاج أيّ حل سياسي جدي يضع سورية على سكة التحرير والديمقراطية، فإنّ هؤلاء الغرباء سيذوبون، ولن يكون لمشروعهم صدى في أسماع السوريين، فهل كان سليمان الحلبي غريباً عندما اغتال المستعمر كليبر في مصر؟ وهل كان فرانز فانون الفرنسي غريباً عندما ترك فرنسا، وانضم إلى جبهة تحرير الجزائر؟
أي أنّ غرباءنا، من جاءوا لنصرة الشعب (وهنا لا أتحدث عن داعش مطلقاً كونها تنظيماً دولياً مشبوهاً)، ولو اختلفنا معهم، إلا أنهم انحازوا إلى فكرة أخلاقية يجب فصلها عمّا يؤمنون به إيديولوجياً، بينما جيراننا وأقاربنا وطيارونا وجنرالاتنا (الأقرباء الغرباء حقا) انحازوا الى جهنمية القتل والسحل والوحشية في مواجهة الشعب، كلّ الشعب، صغيره وكبيره، ذكره وأنثاه، فأيّ رصيد أخلاقي لهؤلاء؟
الغرباء هم من فقدوا الانتماء إلى هذا الشعب، ولم يشعروا بحنوهم إلى هذه الأرض. كانوا غرباء حقاً، وظلمهم كان أقسى من غرباء مؤقّتين حتى لو اختلفنا في دوافعهم.