تعد مصر إحدى أهم أربع دول توجه إليها السوريون بعد الثورة السورية، حيث يقدر عددهم بنحو 450 ألف لاجئ، مع نسبة كبيرة منهم من الشباب. وتقول الأمم المتحدة إن عدد من سجلوا في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR في آخر إحصائية لها نهاية عام 2013، بلغ 140 ألف لاجئ ، بمعنى أن حوالي أكثر من 300 ألف سوري غير مسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر، ولا يخضعون لرعايتها.
على الرغم من أن عدد السوريين الذين نزحوا باتجاه مصر قارب النصف مليون شخص، في دولة يبلغ عدد سكانها قرابة 100 مليون نسمة، إلا أن لبنان كان له الحظ الأوفر بعدد اللاجئين تجاهها، إذ تعدى عدد اللاجئين في لبنان المليون ونصف المليون لاجئ، أي أن عدد اللاجئين في لبنان أكثر من ربع سكان الدولة، بحسب آخر إحصائية للمفوضية السامية للأمم المتحدة في 2014.
بدت معاملة الدولة للاجئين السوريين في مصر مع بداية الأزمة السورية في 2011 في طقس ترحابي واسع تعاطفاً مع ما شهدوه من مجازر وحشية، ومما زاد دعمها مرور مصر قبل أشهر من ذات العام بثورة الخامس والعشرين من يناير، التي دعمت قرار الشعب السوري في الحصول على حريته في طقس مماثل لما حدث في مصر في تلك الآونة، وعندما قدم الرئيس المعزول محمد مرسي، أقر مجموعة تشريعات تهدف إلى إعطاء اللاجئين بعض الحقوق، الا أن معاملة الدولة اختلفت بشكل جذري، حكومة وشعبا تجاه اللاجئين السوريين، بداية من شهر يوليو/تموز 2013، عندما عُزل محمد مرسي وألغى النظام حينها تلك التشريعات، ليزداد التضييق على اللاجئين شيئا فشيئا، فضلاً عن التشويه والحملة الإعلامية الشرسة التي قادتها القنوات الفضائية للتحريض على السوريين، وأنهم أتباع لجماعة الإخوان المسلمين، بعد أن شهدت بعض تظاهرات الإخوان رفعاً لأعلام الثورة السورية، بالإضافة إلى استغلال الترويج للجماعات الإسلامية التي تحارب في سورية بأنها على صلة بجماعة الإخوان في مصر.
حينما بدأ السوريون اللجوء إلى مصر، توجهوا إليها ظناً منهم أنهم سيعودون إلى بلادهم عما قريب، فمن منا كان يتوقع أن تدخل الأزمة السورية عامها الخامس في ظل عدم وجود أي مؤشرات إلى احتواء الأزمة في الأمد القريب، أو حتى البعيد، فتحولت تلك الأيام إلى أسابيع وشهور وسنوات يعيش معها السوريون جولة جديدة من رحلات المعاناة والمشقة التي قد تنتهي بالموت في البحار أثناء الهجرة غير الشرعية، التي ارتأى العديد من اللاجئين، لاسيما الشباب، فيها حلاً لانغلاق المستقبل أمامهم، بعدما عجزوا عن توفير الحد الأدني من الظروف الآدمية لأسرهم، وهذا ما أشارت إليه العديد من التقارير في الآونة الأخيرة من رغبة العديد منهم ترك مصر نحو الهجرة عبر البحر ليصلوا لدول كاليونان وإيطاليا تاركين مصر التي لم يعد البقاء فيها خيارا لهم، نظرا لتدهور معيشتهم فيها، ليصبحوا "بين نارين"، وتتغير طريقة موتهم من "المحتمل" في سورية.. الى "المنتظر" في البحر الأبيض المتوسط.