من السينما إلى التلفزيون: اختبار أدائي وأرباح مالية وشهرة

لن يكون Westworld من إنتاج عام 2016، لمبتكره جوناثان نولان، أوَّل عمل تلفزيوني يُشارك فيه ممثلون سينمائيون بارزون في تأدية أدوارٍ أساسية فيه. ولن يكون أول عمل تلفزيوني لممثِّلَين سينمائيِّيَن، يُعتبران من أبرز الوجوه المعروفة في صناعة الفن السابع: أنتوني هوبكنز وإدْ هاريس. بالإضافة إليهما، تؤدّي الممثلة والمغنّية، إيفان راشيل وود، أحد الأدوار الرئيسية، إلى جانب جيفري رايت وجيمس مارسدن، ولهؤلاء جميعهم أعمال تلفزيونية عديدة.

يُعرض هذا المسلسل الجديد، حالياً، على شاشات تلفزيونية مختلفة، بعد بدء عرضه على المحطة التلفزيونية الأميركية HBO، في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 (بدأت OSC City الفرنسية عرضه في 11 فبراير/ شباط 2017، بعد شهر على بداية عروضه في كيبيك الكندية وبلجيكا). المسلسل مُقتبس من فيلم الخيال العلمي "موندويست" (1973)، لمايكل كريشتن، وتدور أحداثه في متنزّه مستقبليّ لا يختلف أبداً عن جغرافية الغرب الأميركي في القرن الـ19، تعيش فيه "روبوتات" يُطلق عليها اسم "مضيفين"، تُعاد برمجتها في نهاية كل حلقة سردية. أما الزائرون، والذين يُسمَّون "القادمون الجدد"، فيستطيعون أن يفعلوا ما يريدون، من دون أية عواقب.

المُشاركة التمثيلية لنجومٍ سينمائيين فيه حجّة للتوقّف عند العلاقة الوطيدة بين صناعتي السينما والتلفزيون، على مستوى التمثيل تحديداً. فقبل 25 عاماً تقريباً، لم يهتمّ ممثلو السينما بالتلفزيون، لانشغالهم بأدوارٍ سينمائية يرونها أداة وحيدة لتواصل مطلوب بينهم وبين جمهورهم. والممثلون الذين بدأوا حياتهم المهنية بتأدية أدوارٍ تلفزيونية صغيرة، قليلو العدد، يبقى أبرزهم جورج كلوني وجوني ديب وجينيفر أنيستون، قبل أن تُصبح لكلّ واحد منهم مكانةً مهمّة في السينما، تمثيلاً وإخراجاً وإنتاجاً.
وصناعة التلفزيون لن تبقى أسيرة المسلسلات، بمواسمها وحلقاتها. فهي تُنتِج أفلاماً تلفزيونية، يُشارك في بعضها ممثلون سينمائيون أيضاً، كالأميركي روبرت دي نيرو، وإنْ يبقى بعيداً جداً عن الشاشة الصغيرة. وذلك لأنه منذ منتصف ستينيات القرن الـ20 وبداية مساره المهنيّ، قدّم عملاً تلفزيونياً واحداً بعنوان "العرّاب: قصّة للتلفزيون" (1977)، لفرنسيس فورد كوبولا، مؤدّياً فيه دور فيتو كورليوني حين كان شاباً. وهو الدور نفسه الذي قدّمه في "العرّاب 2"، الفيلم السينمائي الذي أخرجه كوبولا أيضاً عام 1974.


سيظهر دي نيرو، عام 2017، في الفيلم التلفزيوني The Wizard of Lies لباري ليفنسن (إنتاج "أش. بي. أو." و"ترايبيكا للإنتاج"، والأخيرة لدي نيرو أيضاً)، الذي له أعمال سينمائية وتلفزيونية عديدة، بعضها مقتبسٌ من قصص واقعية، كجديده هذا، وأيضاً كـ"أنتَ لا تعرف جاك" (2010)، الفيلم التلفزيوني الذي أدّى آل باتشينو فيه دور الطبيب جاكك كيفوركيان (1928 ـ 2011)، المعروف باسم "دكتور الموت"، والذي خاض معركةة "الموت الرحيم" ومارسه، في تسعينيات القرن الـ20، في مرحلة لم تكن أميركا فيها مستعدة لقبوله.

يستعيد الفيلم التلفزيوني الجديد، The Wizard of Lies، القصّة الحقيقية للخبير المالي روبرت مادوف (1938)، المتّهم بإجراء عمليات احتيال كبيرة في "وول ستريت"، عام 2009، أفضت إلى حصوله على 65 مليار دولار أميركي، وحوكم بسببها بالسجن 150 عاماً. 

إلى ذلك، يُمكن القول إن المسلسل التلفزيوني Homeland، الذي ابتكره هاورد غوردن عام 2011، بالتعاون مع ألكس غانسا وجدعون راف (بُثَّت أول حلقة منه في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، ولا يزال إنتاجه مستمرّاً لغاية الآن، علماً أن له 6 مواسم)، يُشكّل أحد أبرز الأعمال التلفزيونية للممثلة السينمائية كلير دانس، والتي اشتهرت تلفزيونياً بفضل دورها في "ما يُسمّى بحياتي" (1994/ 1995، 19 حلقة)، قبل انصرافها إلى السينما. كما أنها شاركت في الحلقة 5 من الموسم الأول لـ"سيّد اللاشيء" (2015)، لعزيز أنصاري وآلن يانغ.

لكن Homeland (دراما نفسية استخباراتية أمنية ذات أجواء تشويقية)، يبقى أفضل أدوارها التلفزيونية، بتأديتها شخصية كاري ماتيسون، العميلة في "وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية"، والتي تُساورها شكوكٌ بأن جندياً أميركياً يُدعى نيكولاس برودي (داميان لويس)، يُشكّل خطراً على الأمن القومي الأميركي، بعد نجاته من "طالبان" التي أسرته 8 أعوام، لاعتقادها بأنه بات "مؤدلجاً" لحسابها.

في الوقت نفسه، يستمرّ Blacklist، لمبتكره جون بوكنكامب، في بثّ حلقات جديدة، منذ 23 سبتمبر/ أيلول 2013 (الموسم 4 بدأ في 22 سبتمبر/ أيلول 2016). وإذْ يحتلّ الممثل السينمائيّ، جايمس سبايدر، واجهة المشهد في حلقاته كلّها، في دور ريموند ريدّينغتن، المتورّط في أعمال أمنية واستخباراتية، يكشف بعضها أحياناً، فإن الممثلة الهولندية فامكي جنسن، المُشاركة في 3 حلقات من موسمه الـ3، ستُصبح الشخصية الرئيسية في Blacklist: Redemption لبوكنكامب نفسه، بدءاً من 23 فبراير/ شباط 2017، بتأديتها لدور سوزان هارغرايف، القائدة "اللامعة والماكرة" لمنظّمة سرّية (غراي ماتّرز)، تهتمّ بالمشاكل والمآزق التي لا تتجرّأ الحكومة على معالجتها.