من السجون إلى الأنفاق

06 ابريل 2016
يتحوّل شرقنا إلى سجن تشتعل داخله الحروب(إبراهيم شلهوب/فرانس برس)
+ الخط -
يتحوّل شرقنا تدريجياً إلى سجن تشتعل داخله الحروب، ويبدو الخروج منه أمراً صعباً إلا لقلّة من أصحاب "الكفاءات"، وفق كوتا سنوية. "العيّنات" هذه ضرورية كونها تُعطي الأمل بالحرية لبقية المساجين، وتُبرئ "الرجل الأبيض" من مسؤوليّة الدوس على قيمه. إلى هذا السجن الكبير، تتم إعادة من استطاع الهروب بحراً أو براً.
يحتفل السجان بعودة الفارين، لأنهم يعودون و"رزقتهم" معهم على شاكلة مساعدات دولية. لا تبدو زيارات المسؤولين الغربيين إلى لبنان خارجة عن هذا السياق. يأتي هؤلاء، حاملين "مساعدات عسكرية" لحراس السجن، لمنع المساجين من الهروب. يحمل المساعدون سلال المساعدات الغذائية. فمشهد سجين يموت من الجوع، ليس مشهداً لطيفاً. أتذكرون صور المجاعة في مضايا؟ انشغل العالم لوقف صور هذه المجاعة، وليس المجاعة نفسها. لا يجب أن يصل السجناء إلى اليأس الذي يدفعهم إلى القيام بتصرفات "غير متوقعة". على السجان والمسؤولين عنه، منع حلول هذه اللحظة. يُمكن جعلهم يعيشون أملاً كاذباً.
تبادُل السيطرة بين المعارضة السورية والمليشيات الطائفية المقاتلة باسم النظام، على المناطق السورية، مؤشر على ذلك. كل فترة، يشعر طرفٌ من الطرفين بقدرته على الحسم العسكري، وهو أمر غير مقبول عالمياً من رعاة السجن. وصل الأمر بدول كبرى، في لحظات ذروة قوة المعارضة، إلى تمويل حروب داخليّة لمنعها من توسيع سيطرتها أكثر مما هو مرسوم لها. في هذا السجن قتلة، يلعبون دور الشاويش، كما في أي سجنٍ آخر. وفيه أبرياء ومظلومون. وهناك من وُلد داخله، ولا يُدرك أن هناك أي شيء مختلف خارجه. وكأي سجن، لا يُمكن العيش بداخله، إلا تحت جناح عصابة من عصاباته المتناحرة. تظهر مقومات هذا السجن واضحة. مع ذلك، يصرّ البعض على تجاهلها. يرون حريتهم داخل الجدران.
لا يرغبون بكسرها أو القفز فوق. هو الخوف ربما، أو القناعة. لا يُمكن الجزم. الثابت الوحيد، أن الحياة داخل هذا السجن، لم تعد ممكنة. الحفر تحت جدرانه بات واجباً، في ظلّ قرار الغالبية الخوف من السجان وسلاحه. ولنا في قطاع غزة نموذج يُحتذى. لا مخرج سوى أنفاق، تهدم سوراً، أو تُشكّل جسر عبور لصورة الجريمة.
المساهمون