كشفت دراسة جديدة للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، (منظمة مجتمع مدني)، عن قيام شركات الإسمنت والفحم بالسعي لتحقيق أرباح كبيرة على حساب مصلحة المستهلك المصري. وتقدم المركز بدراسته لهيئة المحكمة التي تنظر القضية التي رفعها لوقف استخدام الفحم كمصدر للطاقة.
وقال محامي المركز، محمد عادل سليمان: إن الدراسة كشفت عن تحقيق شركة مصر للإسمنت في قنا فقط، ٢٧١ مليون جنيه أرباحاً في عام ٢٠١٣، بنسبة ٣٧٪ صافي أرباح.
وأضاف سليمان: أن شركة مصر للإسمنت في قنا، حققت خلال العام ٢٠١٣، ٩٠٪ من إجمالي رأس المال المدفوع على الصناعة، أي أن ٩٠٪ من رأس المال جنته الشركة في عام واحد فقط، في حين كانت تحقق نسبة تتخطى هذه النسبة في سنوات "الفساد" ما قبل الثورة، على حد تعبيره.
وكانت جلسة أمس، السبت، حول إلغاء قرار الحكومة باستخدام شركات الإسمنت للفحم كمصدر بديل للطاقة، وهي الثانية أمام محكمة القضاء الإداري المصرية، قد قررت المحكمة تأجيلها لجلسة ٧ يونيو/ حزيران المقبل. ويتوقع محامي المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن تحجز الجلسة للحكم قبل نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
قبل ثورة يناير بأيام، وتحديداً في ١٩ يناير/ كانون الثاني ٢٠١١، تمكنت شركات الفحم في مصر من تخفيض ضريبة التنمية ودعم التضامن التي تدفعها نتيجة إنتاجها ملوثات للبيئة، من ٣٥ جنيهاً إلى ٩ جنيهات فقط، بحسب محامي المركز المصري، مضيفاً: "الفرق بالطبع كان يصبّ في جيوب المستثمرين"، ليس ذلك وحسب، بل إن شركات الفحم تشتري طن المازوت من الحكومة المصرية بنحو ١٠٢٠ جنيهاً، في حين أن سعر طن الفحم في الموازنة العامة للدولة لعام ٢٠١١، كان ٢٤٠٠ جنيه، مؤكداً أن فرق السعر أيضاً كان "يدخل جيوب المستثمرين".
التلاعب بالأسعار
تحصل شركات الإسمنت على كهرباء ومازوت وسولار بأسعار مدعومة من الحكومة، ومع ذلك، فإن أسعار الإسمنت في مصر في تزايد مستمر، وهو ما فسره المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قائلاً: يتم التلاعب بأسعار أسهم شركات الإسمنت في البورصة، وهذا الفارق الكبير في أسعار الأسهم هو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الإسمنت على المستهلك المصري، الذي يحصل عليه بالسعر العالمي، رغم انتفاع كافة المصانع بالدعم الحكومي لصناعاتهم.
وأكد سليمان أنه قدم للمحكمة شهادات مكتوبة من خبراء ومهندسي بيئة، عن بدائل استخدام الفحم في إنتاج الطاقة، فضلاً عن ٦ مستندات تدل على هروب صناعة الإسمنت من أوروبا وأميركا، وتصدير هذه الصناعة لدول العالم الثالث، وعلى رأسها مصر، كما قدم المركز لهيئة المحكمة تقريراً من وزارة البيئة المصرية حول بدائل استخدام الطاقة.
كلفة اقتصادية عالية
من جانبها، أكدت أمين عام مجلس نقابة الأطباء المصرية، منا مينا، في المؤتمر الصحافي الذي عقده المركز المصري للدراسات الاقتصادية والاجتماعية في القاهرة، أمس السبت، بدار الحكمة بمقر نقابة الاطباء المصرية، عدم وجود ما يسمى بـ"الاستخدام الآمن للفحم.. والفحم ليس أرخص بدائل الطاقة المتاحة، بل إن كلفته الاقتصادية عالية"، وأضافت: "الفحم يمثل عبئاً اقتصادياً كبيراً، وكارثة صحية وبيئية على صحة المصريين والبيئة بشكل عام، وهذا سبب تضامن نقابة الأطباء مع قضية وقف استيراد الفحم واستخدامه كبديل للطاقة".
وقال وزير التجارة والصناعة والاستثمار المصري، منير فخري عبد النور، في تصريحات صحافية سابقة: على المجتمع أن يفاضل بين اختيار استخدام الفحم وتزايد معدلات البطالة في المجتمع.
وعلى هامش المؤتمر، قال منسّق حملة "مصريون ضد الفحم"، أحمد الروبي، لـ"العربى الجديد": حجم العمالة بمصانع الاسمنت لا تتجاوز 0.075% من إجمالي 23 مليون عامل مصري، وهي نسبة ضئيلة للغاية بالنظر إلى إجمالي دعم الطاقة الذي تحصل عليه هذه المصانع.
تضارب الأرقام
وبحسب رئيس غرفة صناعة مواد البناء والتشييد، مدحت اسطافنوس، تبلغ استثمارات صناعة الاسمنت في مصر 60 مليار جنيه تمثل 2% من الناتج الاجمالي.
وأضاف الروبي: شركات الإسمنت تدّعي أن النقص في توريد الغاز خلال العام الماضي يراوح بين 30 إلى 40%، في حين أن التقارير الرسمية الصادرة عن الحكومة تؤكد أنه لم يتجاوز 13%.
وأكد أن شركات الاسمنت في مصر تهدر الطاقة، حيث يبلغ استهلاك طن الاسمنت في مصر 122 كيلوجرام من الغاز، في حين يبلغ في اليونان 58 كلغ فقط.