منظمات حقوقية مصرية: حياة عبد المنعم أبو الفتوح في خطر

10 مايو 2018
أبو الفتوح تعرض لذبحة صدرية للمرة الرابعة (Getty)
+ الخط -


أعربت تسع منظمات حقوقية مصرية، الأربعاء، عن بالغ استيائها واستنكارها للإهمال الطبي المتعمد في السجون، وأماكن الاحتجاز، الذي وصل في حالة رئيس حزب "مصر القوية"، عبد المنعم أبو الفتوح، إلى حد القتل البطيء، في تصعيد للخصومة السياسية والأعمال الانتقامية بحق المعارضين السياسيين من قبل السلطة الحاكمة.

ودانت المنظمات الحقوقية إصرار إدارة سجن المزرعة بطرة على عدم السماح بنقل أبو الفتوح إلى المستشفى لتلقي العلاج، على الرغم من تعرضه أربع مرات متتالية لذبحة صدرية في أقل من ثلاثة أشهر، و"تجاهلها المخزي لتقدمه في السن (67 عاماً)، وتردي حالته الصحية، مع استمرار حبسه انفرادياً في زنزانة تفتقر إلى أدنى معايير رعاية السجناء".

وقالت المنظمات إن "ما يحدث مع أبو الفتوح هو مثال فج ومخزٍ لآليات التعذيب غير المباشرة في السجون المصرية، ويمثل محاولة إضافية لترهيب كل النشطاء والمعارضين المصريين، وخاصة المرضى منهم وكبار السن، ليس من الحبس فقط، وإنما أيضاً من شبح القتل البطيء خلف جدران السجون".

وبحسب أحدث تقارير مركز "النديم" الحقوقي، فإن هناك 59 حالة إهمال طبي في السجون المصرية تم رصدها من خلال وسائل الإعلام في الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري، و"على الرغم من تكرار الاستغاثات والشكاوى للجهات المختصة في بعض الحالات، إلا أنها لم تحظ بالرعاية الطبية اللازمة".

وأشارت المنظمات إلى تعرض أبو الفتوح لذبحة صدرية للمرة الرابعة في محبسه ليلة 5 مايو/ أيار الجاري، كانت الأسوأ بحسب أسرته، و"مع ذلك لم تستجب إدارة السجن للضرورة الإنسانية الملحة بنقله الفوري للعناية المركزة، وحاجته إلى إجراء فحوصات طبية عاجلة، وتلقي الرعاية الكافية".

وقدمت أسرة أبو الفتوح مذكرة تفصيلية إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان في 22 إبريل/ نيسان الماضي، بشأن كافة الانتهاكات في حق رئيس "مصر القوية" بالمخالفة للدستور والقانون، وتوضيح كامل لظروف حبسه غير الآدمية، وأوجه تعنت إدارة السجن في منحه حقوقه القانونية، وصور من الطلبات والتقارير الطبية المقدمة للنيابة حول حالته الصحية، وما تستدعيه من رعاية طبية عاجلة، "في حين لم يترتب على المذكرة والشكوى أي تغيير حتى الآن".

وشددت المنظمات على أن الإهمال الطبي في السجون بحق سجناء لهم خلفيات سياسية "قد يكون متعمداً في عدد كبير من الحالات، كنوع من التنكيل بهم"، مستندة إلى شهادة محمد سلطان (سجين سياسي سابق) لجريدة "نيويورك تايمز" عن أنه في أثناء إضرابه عن الطعام، ووجوده في مستشفى السجن، كان الحراس يشجعونه على قتل نفسه، بل إن أحد كبار مسؤولي السجن قال له: "ريحنا وريح نفسك من الصداع ده!".

كذلك روى سلطان كيف أن سلطات السجن حبست معه شخصاً في حالة صحية متدهورة تُنذر بموته، وقد وافته المنية من دون أية محاولة لإسعافه، بل تم توظيف واقعة موته لترهيب سلطان من المصير الذي ينتظره، قبل الإفراج عنه في نهاية مايو/ أيار 2015، بعد ضغوط من الولايات المتحدة، كونه يحمل الجنسية الأميركية.

كانت السلطات المصرية قد اعتقلت أبو الفتوح في 14 فبراير/ شباط الماضي، قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية، موجهة اتهامات مسيسة بتولي قيادة جماعة إرهابية، وإذاعة ونشر أخبار من شأنها إثارة الفتنة والبلبلة داخل البلاد وخارجها، عقب إجرائه سلسلة من الحوارات التليفزيونية في العاصمة البريطانية لندن، انتقد فيها إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للبلاد.

ومنذ ذلك الحين مثل أبو الفتوح عشر مرات أمام النيابة المختصة، وفي كل مرة يطلب منها نقله إلى المستشفى، وعرضه على لجنة طبية متخصصة، من دون أي استجابة، فضلاً عن العزلة والحبس الانفرادي في زنزانة غير آدمية مساحتها 6 أمتار لمدة 23 ساعة يومياً، لفترة تجاوزت 75 يوماً، وحرمانه من التريض في الهواء الطلق.

ولا يسمح للمرشح الرئاسي السابق سوى بالتمشية أمام زنزانته في مساحة 6 أمتار أخرى بين العنابر المغلقة، بمعزل عن الضباط أو السجناء، بحسب شهادات نجله ومحاميه.



ووفق هيئة الدفاع عن أبو الفتوح، فإن تحقيقات النيابة تناولت أموراً مثيرة للسخرية، مثل التحقيق معه عن فترة نشاطه في الجامعة في فترة السبعينيات من القرن الماضي، وأسئلة من نوعية "احكي لنا عن نفسك!"، وفي ذلك ترى المنظمات التسع أن مثل هذه التحقيقات الصورية "ما هي إلا وسيلة إضافية للتنكيل به، ووضعه قيد الحبس أطول فترة ممكنة".

وتابعت المنظمات قائلة إن "هذه الممارسات التي لا يتعرض لها أبو الفتوح فقط، وإنما يشاركه فيها آخرون، من بينهم الصحافي هشام جعفر، والمستشار محمود الخضيري، وسبق أن أودت بحياة السجين المسن مهدي عاكف (المرشد السابق لجماعة الإخوان)، لا تعكس سوى افتقار السلطة الحالية لأخلاقيات الخصومة السياسية، واستخدام التنكيل والتعذيب، بل والقتل العمد كوسيلة عقوبة إضافية لسجناء سياسيين معارضين لها، نالوا قسطاً وفيراً من الانتهاكات في مراحل القبض عليهم، ومحاكماتهم، وتكييل الاتهامات لهم".

وحملت المنظمات الحقوقية، في بيان مشترك لها، كلاً من السيسي، ووزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، والنائب العام، نبيل صادق، المسؤولية عن حياة أبو الفتوح، وغيره من السجناء الذين هم في الوضع نفسه.

وشملت توقيعات المنظمات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز عدالة للحقوق والحريات، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز النديم، ومركز هشام مبارك للقانون.