حذرت منظمات مصرية معنية بحقوق الإنسان من كارثة صحية متوقعة داخل السجون، سواء العمومية أو أماكن الاحتجاز في أقسام الشرطة، بالتزامن مع ارتفاع درجة الحرارة، ونتيجة تكدس السجناء لمدة تزيد عن 16 ساعة يومياً، وغياب الرعاية الصحية.
وكان أهالي المساجين قد أبلغلوا عدداً من المنظمات الإنسانية، من بينها "جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء"، و"حقوق السجناء والمحتجزين"، و"المركز المصري لتعليم حقوق الإنسان" عن تدهور صحة أقاربهم داخل السجون، وإصابتهم باختناق خلال الساعات الـ48 الماضية، خاصة المحبوسين احتياطياً في أقسام الشرطة، وضيق في التنفس، ما أدى إلى فقدان بعضهم الوعي بسبب موجة الحر التي تشهدها البلاد.
واضطرت بعض أقسام الشرطة إلى فتح أبواب الحجز على مصراعيها لزيادة التهوية ومنح الفرصة للمحبوسين للتنفس بطريقة طبيعية، مع زيادة عدد عناصر التأمين مدججين بالأسلحة لمنع أي محاولات لهرب المساجين.
وعلم "العربي الجديد" أن تلك المنظمات أرسلت خطابات إلى كل من النائب العام ووزراء الداخلية والصحة ومصلحة السجون، أعربت فيها عن قلقها من أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى وفاة بعض المحتجزين نتيجة حالة التهوية التي وصفتها بـ"المتردية".
واقترحت تلك المنظمات "اتخاذ تدابير وقائية من شأنها حماية السجناء وحماية المجتمع، على رأسها تشكيل لجنة من المتخصصين من أطباء الصحة ومصلحة السجون لمتابعة أحوال النزلاء داخل السجون، وإعلان تقارير دورية عن نتائج أعمال اللجنة".
كما طالبت بالإفراج الفوري عن النزلاء الذين صدرت بشأنهم قرارات إخلاء سبيل من الحبس الاحتياطي، والإفراج الصحي الفوري عن السجناء المصابين بأمراض مزمنة مثل مرض القلب على سبيل المثال أو ما يحدده الأطباء في وزارة الصحة، إضافة إلى تقليل عدد النزلاء في العنابر، وهو من أهم العوامل التي تساعد على الحد من انتشار الأمراض داخل السجون، وتوفير الموارد لتطهير وتعقيم السجون والزنازين وغيرها من أماكن الاحتجاز.
وكانت صور مسربة قد انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي تظهر التكدس الكبير للمحتجزين داخل أقسام للشرطة وللمساجين، بعضهم ينام وهو جالس، بينما ينام آخرون على أجساد زملائهم، وسط ظروف احتجاز غير آدمية، خاصة قسم شرطة الهرم بمحافظة الجيزة الذي ظهرت فيه الشهر الماضي حالات لمرض الإيدز.
وأكدت تقارير أن نصيب المحبوس الواحد داخل أقسام شرطة أقل من نصف متر مربع، كما أشارت إلى أن شكاوى المحتجزين والمسجونين بأقسام الشرطة لم تعد مقتصرة على التعذيب، وإنما تضمنت ضيق مكان الحجز والزحام وسوء التهوية.
وتحول عدد من أقسام الشرطة خلال الأشهر الأخيرة إلى ثلاجات للموتى، بعدما توفى عدد من السجناء بعدة أقسام، وسجلت مديرية أمن القاهرة أعلى نسبة وفيات للسجناء داخل أقسامها ما بين تعذيب وانتهاكات وتردي مكان الحجز.
وقال رضا برعي المحامي والباحث القانوني لجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء إن غياب الحد اﻷدنى من الرعاية الطبية يؤدي إلى انتشار اﻷمراض داخل السجون، مؤكداً أن نزلاء كثيرين في السجون مصابون بأمراض معدية وخطيرة نتيجة التكدس، والتي تظهر بصورة أكبر خلال فترة الصيف، فضلاً عن عدم دخول أشعة الشمس وانعدام التهوية الكافية لعنابر السجون وارتفاع الرطوبة ما جعلها بيئة غير صحية.
وأشار إلى أن منظمات كثيرة حذرت من خطورة أحوال السجناء، خاصة في فترة الصيف، فضلاً على أن كل السجون تفتقر للرعاية الطبية وعدم وجود أطباء وممرضين في عدد من التخصصات ما يسبب كارثة صحية.