منظمات تونس مهدّدة

15 مارس 2017
قد يعيد الاحتجاج لهم حقوقهم (أمين الأندلسي/ الأناضول)
+ الخط -
الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والاتحاد الوطني للمرأة التونسية ومنظمة الدفاع عن المستهلك وغيرها من المنظمات الوطنية، تنشط في تونس مؤدّية مهام مختلفة، كل واحدة في مجالها، إمّا السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. لكنّها ومنذ ستّة أعوام، تعاني بمعظمها، بعد قطع الدعم المادي والمنح المالية السنوية التي كانت تمنحها إياها رئاسة الحكومة. صحيح أنّ تلك المنظمات بمعظمها، عملت على إعادة ترتيب بيتها الداخلي بعد الثورة لمواصلة مهامها كما في السابق، إلا أنّها تواجه اليوم أزمات مالية متكررة أثّرت على دورها ومهامها.

منذ بداية العام الجاري، تمرّ منظمة الدفاع عن المستهلك في أزمة مالية، نتيجة عدم حصولها على التمويل المفترض من الحكومة. يقول رئيسها سليم سعد الله، لـ"العربي الجديد"، إنّها "مذ تأسست في عام 1989، كانت تحصل على دعم مالي من رئاسة الحكومة. وتمويلها الأساسي لتأمين أجور الموظفين وإنجاز مهامها، يعتمد بالأساس على صندوق الدعم في رئاسة الحكومة الذي يضمن استقلال المنظمة وشفافيتها".

يضيف أنّ "الدعم الذي كانت تمنحه الدولة للمنظمة تضاءل كثيراً بعد الثورة، فلم يعد يتناسب مع حجم أنشطة المنظمة ومهامها في مراقبة السوق وتتبع التجاوزات التجارية وكل المشاكل الخاصة بالاستهلاك التي تضرّ بالمواطن". ويوضح أنّ "الدعم تراجع من 300 ألف دولار أميركي في السنة إلى 200 ألف دولار في عام 2011، ثمّ إلى 75 ألف دولار عامَي 2015 و2016، ليتوقف هذا العام كلياً". ويتابع أنّ "الحكومة تتعمّد تهميش المنظمة، ولا تدعوها إلى المشاركة في أيّ حوار يتعلّق بالاستهلاك. وهو ما يُعدّ إقصاء لها وعدم اعتراف بدورها المهم في حماية المستهلك من أي تجاوزات".

ويشير سعد الله إلى أنّ "وقف التمويل أدّى إلى إغلاق مقرَّين جهويَّين بالإضافة إلى عدم حصول الموظفين على أجورهم خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، على الرغم من أنّ بعضهم يعمل في المنظمة منذ أكثر من عشرين عاماً. وهو ما دفع بهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية، يوم الأربعاء (اليوم)، في 15 مارس/ آذار الجاري، أمام مقرّ المنظمة، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المستهلك". يذكر أنّ هذه المنظمة هي منظمة وطنية تأسست بناء على قرار صادر عن وزير الداخليّة في 21 فبراير/ شباط 1989. وقد اعتُرف بها كمنظمة ذات مصلحة وطنية في الثامن من فبراير/ شباط 1993. كذلك فإنّ المنظمة عضو في المنظمة العالمية للمستهلك منذ عام 1995.

أزمة التمويل نفسها يعانيها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية منذ خمسة أعوام، الأمر الذي أدّى إلى حرمان 500 موظف وعامل في الاتحاد من رواتبهم لسنوات. وقد تعطّلت مهام الاتحاد، خصوصاً بعد قرار وزارة المرأة في حكومة الترويكا بتجميده، بالإضافة إلى تقلص عدد أعضائه من 120 ألفاً إلى 30 ألفاً.



تقول رئيسة الاتحاد راضية الجريبي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "لم يحصل إلا على 150 ألف دولار في عام 2012، فيما حصل على 400 ألف في عام 2014، بعدما كان يحصل على 600 ألف دولار سنوياً قبل الثورة". تضيف أنّه "لم ينل نصيبه من التمويل العمومي بعد الثورة، إلا بعد تحركات احتجاجية وإضرابات عن الطعام نفّذها موظفو الاتحاد وعمّاله. مع ذلك، ما زال يشكو من نقص مادي كبير ولم يتمكّن من تسديد إلا 50 في المائة فقط من أجور الموظفين في عام 2016". وتتابع الجريبي أنّ "الاتحاد ما زال يسعى إلى استرداد كل مقرّاته بعدما فقد جزءاً كبيراً منها بعد الثورة". يُذكر أنّه تمكّن فقط من استرجاع 35 مقراً في كلّ ولايات الجمهورية، ولم تسجّل ملكيته العقارية إلا لثلاثة فقط. وتلفت الجريبي إلى أنّ "المقرّات التي يسعى الاتحاد إلى استرداد ملكيتها تُستغل حالياً من قبل أشخاص أو سلطات جهوية ومحلية".

تجدر الإشارة إلى أنّ الاتحاد كان يسمّى سابقاً الاتحاد القومي النسائي التونسي، وهو المنظمة النسائية الرئيسية في تونس. تأسّس في عام 1956، وهو يهتم بقضايا المرأة، كالعنف والنساء الريفيات والعمل، وينظم ورش عمل ودورات تدريبية. وخلال كلّ تلك السنوات، حافظ على علاقة ما مع الحزب الحاكم في البلاد، الأمر الذي دفع بأطراف عدّة إلى المطالبة بحلّه بعد الثورة.

في سياق متصل، كانت الحكومة قد أعلنت في عام 2014 تنظيم صرف الأموال العامة لصالح الجمعيات، وطالبت المنظمات التي تحصل على تمويل من رئاسة الحكومة بتقديم مشاريع عملها وبرنامج الشراكة مع الدولة والوثائق المتعلقة بكيفية إدارة الجمعية وتسييرها، لا سيّما تلك الخاصة بالجباية والصناديق الاجتماعيّة وروزنامة تمويل المشاريع وتنفيذها وغيرها. وبُرّر الأمر بالحرص على حسن التصرف في الأموال العامة.

منحة الدعم المخصصة للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والتي تصرف عادة على أقساط، توقفت هي الأخرى لأشهر عدّة بسبب إشكالات هيكلية، الأمر الذي هدّد بتوقف صرف رواتب الموظفين ومستحقاتهم. ووسط ضبابية الوضع، ناشد "الأعوان" حكومة الباجي قائد السبسي التعجيل بصرف المنحة، مطالبين بالفصل التام بين ضمان حقوقهم المادية المشروعة وبين موقفها من الوضع الهيكلي للاتحاد.

تجدر الإشارة إلى أنّ الاتحاد عانى بعد استقالة رئيسه السابق، الأمر الذي خلق حالة من الخوف على مصير الموظفين الذي يفوق عددهم 200 موظف. يُذكر أنّ الاتحاد مسؤول عن هياكل إنتاج وله علاقات وطيدة بمنظمات أجنبية لجهة توقيع عقود شراكة وتحفيز الاستثمار الفلاحي.