منظمات تعمل مع السوريين.. الحقوق أم الإنسان؟

07 ديسمبر 2016
+ الخط -

لم تسلم أغلب المنظمات المعنية بشؤون السوريين، التي بدأت عملها عقب الثورة السورية، من الانتقادات اللاذعة التي وجهت لها من قبل عدد ليس بالقليل من السوريين، ومن ضمنهم ناشطو الثورة.

الفساد، الوساطات، الإدارة السيئة، السرقات، وتهمة التعامل مع المخابرات الأجنبية أو مع بعض الأحزاب السياسية، وكثير غيرها من الاتهامات المماثلة؛ لازمت هذه المنظمات، على الأخص تلك التي يقع مقر إدارتها في مدينة غازي عنتاب التركية. بالمقابل، تتراجع الآراء الإيجابية بخصوص عمل هذه المنظمات، بل بات إيمان كثير من السوريين بأهمية هذه المنظمات يتناقص.

يُحدَّد عمل المنظمات بشكل عام بتثقيف المجتمع وتوعيته بحقوقه وواجباته. أمّا في الحالة السورية، فيرى عبادة عبدالسلام - العامل في إحدى المنظمات الإيطالية المهتمة بالسوريين - أن المساعدة الإنسانية هي أبرز واجبات المنظمات حاليًا، وذلك بسبب الغياب الكامل للعمل الحكومي على جانبي المعارضة والنظام، كما باتت المنظمات أيضًا مسؤولة عن استدراج التمويل والدعم المخصص من تلك الدولية لإيصاله إلى مستحقيه في الداخل السوري أو مخيمات النزوح.

يرى عبادة أن تعداد المنظمات المحلية والجمعيات الإغاثية والإنسانية وغيرها من المسميات - بات يتجاوز عددها الثلاثمئة في الجنوب التركي فقط، بعضها أنشئ لأسباب شخصية وليست إنسانية - ساعد بعدم تأهيل الكوادر الإدارية بشكل جيد، كما سرّع من ظهور الإدارات الفاسدة والسرقات.

في حين يعتقد مصطفى العقود – مدير بعثة منظمة الرحمة بلا حدود – أن المنظمات ستبقى تُهاجم طالما هي تعمل، وهذا أمر طبيعي في الكوارث الإنسانية، فالناس تحت ألم الحرب وضغط الحاجة ليس من السهل إرضاؤها، خصوصًا مع الاحتياج الكبير، وضعف التمويل، والنظر للمنظمات كأنها المخلّص. هذه الصورة المشوَهة كانت نتيجة وهم وتصور للمنظمات بشكل أكبر من حجمها وقدراتها المطلوبة أو الواقعية.

يبرر عبادة سبب عدم وجود أي حركات ضاغطة من قبل الناشطين العاملين في المنظمات، بأنك لا تستطيع ضرب اليد التي تمد لمساعدتك، أو تملي بشروطك على صاحب العمل الذي تعيش من مردوده، فمعظم الداعمين والمنظمات الدولية باتوا يملكون قائمة بالمواصفات الخاصة بهم والتي تشترط على المنظمات السورية أن تطبقها بحذافيرها حتى تتمكن من تلقي التمويل لقاء المشاريع التي تنوي الأخيرة تنفيذها، وهذا هو السبب الأكبر لعدم قدرة السوريين على إملاء شروطهم أو تضمين رسائل محددة.

بينما تساءل مصطفى عن الهدف من الضغط على الداعم؟ والرسالة المراد إيصالها؟ والنتيجة من الإضراب عن العمل مثلاً؟ بالإضافة لمعرفة من سيكون المتضرر الأكبر من تلك التحركات؟

يؤكد مصطفى إيمانه العميق بعمل المنظمات؛ إذ يرى أنّ لها دورًا مؤثرًا ومهمًا في تنمية وتطوير المجتمعات، أما إصلاح صورة المنظمات بعيون بعض السوريين، فهو أمر بحاجة لثقافة مجتمعية تعيد تعريف المنظمات والهدف منها، وما هو مدى الاستفادة المتوقعة منها من خلال مشاركتهم بها. كما يوضح عبادة عدول الكثير من الناشطين السوريين عن نظرتهم السيئة تجاه المنظمات، بسبب وجود منظمات حقيقية تؤدي دورها بشكل كامل وحقيقي.

ربما عدم معرفة دور المنظمات بشكل واضح، كان هو سبب الأساس في الالتباس الأول الذي حصل مع السوريين بخصوص مفهوم المنظمات، وذلك أمر طبيعي بعد أن غيبَ الشعب بشكل شبه كامل عن هذا المفهوم من قبل نظام الأسد، إلّا أن أخطاء بعض المنظمات، كتلك التي توثق تسليم مساعداتها الإغاثية للسوريين، والقصص المنتشرة عن الفساد والسرقة، وإشارات الاستفهام الكثيرة حول كيفية التوظيف وكيفية الحصول على الدعم، وغياب الشفافية، ساهم بكل تأكيد في ترسيخ هذه الصورة السيئة.

هكذا، ربما نستطيع أن نقول إن المسؤول الأول عن هذه الصورة في الوقت الحالي باتت المنظمات نفسها، التي أظهرت حجم الفساد العميق حتى في الوسط المعارض للنظام السوري الذي ثار على فساد مؤسسات الدولة.

المساهمون