يعيش الفلسطيني نايف زواهرة حياة قلق دائم، على طفله وزوجته لكونهم يقطنون في منزل مهدد بخطر هجمات المستوطنين، في منطقة بيت تعمر شرقي مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة.
ويواجه زواهرة تهديدات المستوطنين، بالتحدي والصمود والإصرار على البقاء في الأرض، رغم كثرة الهجمات التي ينفذها هؤلاء المتطرفون على منزله ليلاً، وتسبب الرعب لطفله البالغ من العمر عاماً ونصف العام ولزوجته، إضافة إلى تخريب ممتلكاته وتحطيم زجاج منزله.
ويقود عدد من المستوطنين المتطرفين هجمة على منزل زواهرة لإجباره على الرحيل، ليكون مقدمة لرحيل أهالي عدد من المنازل المجاورة، لأنهم يريدون إقامة متنزه لليهود، وتوسعة مستوطنة "نوكاديم" المقامة على أراضي الأهالي هناك. تلك المستوطنة التي يعيش فيها الوزير المتطرف "أفيغدور ليبرمان"، الذي يعطي للمستوطنين ضوءاً أخضر بشن هجمات على أهالي القرى والبلدات في مدينة بيت لحم.
واقتحم جنود الاحتلال منزل زواهرة، بالتزامن مع زيارة "العربي الجديد" له، ووصل عدد من الآليات العسكرية ترافقها ما تسمى "الإدارة المدنية" دون سابق إنذار، وألقوا إخطارا بوقف العمل والبناء في المنزل، قبيل مغادرتهم وسط اندلاع مواجهات مع الشبان، الذين تمكنوا من إجبار جنود الاحتلال على المغادرة، مطلقين الرصاص وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع.
المستوطنون كانوا على مقربة من المنزل يعتلون قمة جبل مجاور، ويراقبون جنود الاحتلال وهم ينفذون اعتداءاتهم. وقال زواهرة لـ"العربي الجديد" بعناد الفلسطيني: "لن أرحل عن أرضي حتى لو دفنت فيها"، وأضاف: "هذا المنزل بنيته من عرق جبيني وهذه الأرض ورثتها عن أجدادي".
وتمكن زواهرة، رغم مضايقات المستوطنين وهجماتهم المتكررة عند منتصف الليل، من الصمود والبقاء في المنزل، ولا يأبه أبدا لزجاج النوافذ الذي يتحطم بحجارتهم بتكرار، بل يريد البقاء مهما كلفه الثمن، وسيحافظ على منزله الذي يعيش فيه منذ أكثر من عام، وشيده بعرق جبينه في أرض يملك أوراقا تثبت ملكيته لها، وتفند ذريعة الاحتلال الذي يريد سرقتها.
ورغم قلقه على حياة طفله يقول الأب: "يجب أن تبقى النفس شريفة، علينا الوجود في هذه الأرض، والبقاء فيها، مثل أي مواطن فلسطيني واجبه تثبيت أرضه، هذه أرض مقدسة تستحق التحدي والصمود، لذا لن ينجح المستوطنون ولا إخطار الإدارة المدنية من إخراجي وطردي منها، سأبقى مهما تعددت وسائل التضييق، ومحاولات تهجيري".
تبدو الحياة في المنزل بدائية، فهو مبني من الباطون والطوب، ولا يسمح جيش الاحتلال له بإمداده ببقية الخدمات، ولا حتى تعبيد الطريق الوحيد المؤدي إليه، بحجة أنها أراض مصادرة لصالح دولة الاحتلال. ويمنعه من البناء والتزود بشبكة كهرباء رئيسية وخط مياه مركزي، كما أن المنزل بحاجة إلى صيانة وإعمار.
يهدف المستوطنون إلى تهجير زواهرة وسكان الحي على أطراف منطقة بيت تعمر، وهم "يعتقدون بعربدتهم أنهم سيقدرون على نزعنا من البلاد، هذا لن يحدث". هذه رسالة زواهرة لغلاة المستوطنين المتطرفين الذين يشنون هجمات على منزله الصغير، مؤكداً أنه سيبقى مهما ضاقت الحياة بفعل ممارساتهم.