منذر كم نقش: رحيل عن عالم من البرونز والباستيل

05 يوليو 2019
(منذر كم نقش)
+ الخط -
قبل أن تكتمل رحلته العلاجية في جنيف، رحل الفنان التشكيلي والنحات السوري منذر كم نقش (1935 - 2019) في أحد مشافيها، تاركاً شخصياته الأمومية البيضاء التي طالما رسمها في فضاءات شفّافة وبألوان خفيفة تجعلها أقرب إلى الحلم.

أقام الفنّان في أيلول/ سبتمبر الماضي معرضاً استعادياً تضمّن أعمالاً تُمثّل مختلف مراحل تجاربه البصرية في التشكيل والنحت، تلك التجربة التي امتدت لأكثر من خمسة عقود، وقال عنها: "كنتُ قاسياً على نفسي حتى أصل إلى قناعة معيّنة تتناسب مع طموحاتي الفكرية. أحب أن أقدم الأشياء بصدق، وهذا ليس سهلاً البتّة".

عمل كم نقش في دمشق التي وُلد فيها ودرس في كليتها للفنون الجميلة، حيث تخرج في تخصص النحت عام 1979، قبل أن يسافر إلى باريس ليتابع دراسته هناك ثم يعود إلى مسقط رأسه عام 1990 ليعمل في جامعة دمشق، ويشرف على ورش الفنون لتدريب الفنانين الشباب، ويدرّس النحت والرسم، منفتحاً بأسلوبه على الحوار والنقاش مع طلّابه حول الفن بدلاً من تلقينه.

وكان الناقد أسعد عرابي قد ألف كتاباً عن تجربة الراحل بعنوان "منذر كم نقش"، وتطرّق فيه إلى تجربته المتشعبة في الخامة والألوان، فقد كان ميالاً معظم الوقت لاستخدام الباستيل، وكان موضوعه الأثير هو المرأة التي اعتبرها أصل الحياة.

كذلك رسم الفنان الراحل الطبيعة والحيوانات والإنسان في مراحل عمرية مختلفة خاصة الطفولة، أما منحوتاته فيقول عنها عرابي إنها تحمل صفاته الشخصيّة في الابتسام والرضى والقناعة والسلام، والتوازن الداخلي والعزلة.

غير أن هذه المنحوتات وفقاً للكاتب، تكشف محنته الوجودية؛ فهي متواضعة الحجوم تلامس الأرض مباشرة، من دون قاعدة، وعند تأمّل أشكاله على تواضع قياساتها، نكتشف قيمها النصبيّة التي تجعل من قياسها التخيلي أو الفرضي أضعافاً مضاعفة من قياسها الفيزيائي، وتبدو كأنها مجسم لعمل نحتي نصبي كبير.

يقول عرابي إنه لا يمكن أن ندرك خصوصية أعمال منذر كم نقش "إلّا إذا بحثنا عن الروابط الجمالية بين منحوتاته الصغيرة البرونزيّة ورحابة فيافي تصويره الملون بتهشيرات أقلام الباستيل".

المساهمون