تشهد مناطق انتشار المخيمات في محافظة إدلب شمال غربي سورية موجة من البرد تسببت بتفاقم محنة النازحين هناك، خصوصاً في المناطق الجبلية المرتفعة في الريف الشمالي للمحافظة، وكذلك الريف الشمالي الغربي.
ومن ريف حماة، نزح خالد أبو النور (56 عاماً) مع أحفاده، إلى مخيم عشوائي قريب، بعد رحلة شاقة جال فيها عدة مناطق في ريف إدلب الجنوبي ليصل بعدها إلى حيث يقيم حالياً.
يتحدث الخمسيني، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، عن الوضع الذي بات "مأساوياً" في تلك البقعة الجغرافية، قائلاً: "البرد في المنطقة لا يحتمل، خصوصاً مع الرياح"، مستشهداً بمثل شعبي "البرد يقص المسمار".
ويتابع: "بالكاد تسترنا هذه الخيمة من الريح، ونخاف أن تتسلل المياه من تحت جوانبها، فتغرق ما لدينا من ملابس وأغطية قليلة. ليس لدينا حطب أو مازوت لنحصل على الدفء، نرتدي ملابسنا، ويجمع الأطفال بعض الأعواد والورق المقوى ونشعلها داخل الخيمة، لنحصل على القليل من الدفء، لكن لا يمكن أن نغلق الخيمة لأنّنا سنختنق حينها، وهكذا نترك الباب مفتوحاً ليدخل بعض الهواء".
تتسع الكارثة الإنسانية لتشمل مناطق من ريفي حلب الجنوبي والغربي، بعدما امتدت عمليات قصف النظام السوري وروسيا لتشمل تلك المناطق.
وقد وثق فريق "منسقو الاستجابة" نزوح 16.547 ألفاً (2903 عائلات) من مناطق ريفي حلب الجنوبي والغربي، حيث يقيم بعض النازحين في العراء في الوقت الحالي، بحسب بيان صادر عن الفريق، الجمعة.
Facebook Post |
يوضح الناشط الإعلامي خضر العبيد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "عائلات كثيرة في مخيمات الدانا وسرمدا ودير حسان وحارم تعاني من البرد، ومعظمها غير قادر على شراء مواد التدفئة، وهناك العديد من المنظمات التي تنظم حملات لمساعدة النازحين، لكنّ حجم الكارثة كبير جداً، وأكبر من أن تتحمله منظمات إنسانية، أو من يشرفون على حملات تطوعية، سواء لتقديم ملابس الشتاء للنازحين أو تقديم مواد التدفئة أو الأغطية".
أما مدير فريق "منسقو الاستجابة" محمد حلاج، فيشير، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "العاصفة المطرية لم تتسبب بأضرار حتى الوقت الحالي كون المنخفض في بدايته بالوقت الحالي، ونتخوف من العواصف مع ارتفاع حدتها".
ويتابع: "حركة النزوح في إدلب ضعيفة نوعاً ما، كون المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية باتت شبه فارغة، لكنّ النزوح في الوقت الحالي ينشط في مناطق ريف حلب، وموجة النزوح شملت مناطق الأتارب ودارة عزة وخان العسل وكفرناها وأورم والمجمعات السكنية المتاخمة لمدينة حلب، والأهالي يتجهون نحو مناطق آمنة نسبياً".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت، أمس الخميس، أنّ أعداد النازحين وصلت إلى نحو 350 ألفاً منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بينما حذّر المتحدث الإقليمي للأمم المتحدة عن سورية ديفيد سوانسون من أنّ موجة النزوح الأخيرة "ستعقد الوضع الإنساني في إدلب".
يُشار إلى أنّ أعداد النازحين منذ التوصل إلى اتفاق خفض التصعيد في محافظة إدلب، بين الجانبين الروسي والتركي، في سبتمبر/ أيلول ،2018 تجاوزت مليوناً وثلاثمائة ألف نازح، الأمر الذي تسبب بكارثة إنسانية، كون النازحين يلجؤون بالدرجة الأولى لمنطقة الشريط الحدودي بين سورية وتركيا التي أصبحت مكتظة. ويتجاوز عدد المخيمات هناك 1153 مخيماً، بحسب إحصائيات منظمات محلية.