منتجع "فاروشا" في قبرص: كيف تحوّل لمدينة أشباح؟

23 يوليو 2016
شاطئ منتج “فاروشا” (Getty)
+ الخط -
بالرغم من قيمته السياحية، التي جعلته في القرن الماضي واحداً من الوجهات السياحية الأكثر جاذبية في العالم؛ فإنَّ صراع النفوذ على جزيرة قبرص، قد جعل من منتجع "فاروشا" مدينة للأشباح، وهكذا تفعل الحروب!
منتجع "فاروشا" باللغة اليونانية أو "ماراس" باللغة التركية، الآن، بقعة مهجورة تمثل الحيّ الجنوبي لمدينة فاماغوستا القبرصية، وتبلغ ربع مساحة المدينة. قبل الغزو التركي لقبرص عام 1974، كان المنتجع مركزاً سياحيّاً عصريّاً مُزدحماً، لكن السكَّان هربوا مع دخول القوات التركية، كما أصبح المنتجع منطقة محظورة لا يسمح بدخولها للجمهور، حيث شيّد الجيش التركي حول المنطقة سوراً، ومنع أي شخص من دخول المنطقة، إلا الجيش التركي وموظفي الأمم المتحدة.
"فاروشا"، اسم له جذوره في اللغة التركية في كلمة "فاروس" أي "الضاحية"، ودخلت الكلمة للغة التركية عن طريق البلقان في العصر العثماني، عندما كانت معظم شبه جزيرة البلقان جزءاً من الامبراطورية العثمانية. وبالنظر للغات في البلقان، فإن المعنى الحرفي لفاروشا، هو المكان المحصن. بلغ المنتجع أوج مجده في الفترة من 1970- 1974، حيث كانت فاماغوستا هي الوجهة السياحية الأولى في دولة قبرص، بل إحدى الوجهات المميزة عالمياً؛ يهرول إليه مشاهير العالم لقضاء عطلاتهم. ولتلبية الاحتياجات المتزايدة، ومواكبة تنامي أعداد السائحين، تم تشييد العديد من المباني الشاهقة والفنادق الفارهة في المدينة.
المعالم الرئيسية للمنتجع تضم شارع "جون كينيدي"، والذي كان يجري بمقربة من ميناء فاماغوستا عبر المنتجع، وبموازاة شاطيء غلوسا. وعلى طول شارع "كينيدي" كان هناك العديد من الفنادق الكبرى المعروفة في ذلك الوقت، مثل فندق الملك جورج وفندق أسترياس والفندق الإغريقي وفندق فلوريدا وفندق آرغو؛ وكان الأخير هو المفضل لدى العديد من الفنانين العالميين. وأيضا شارع "ليونيداس" الرئيسي، الذي يتَّجِه غرباً، وكان يمثل شارع التسوق والترفيه الرئيسي، ويتضمن العديد من الحانات والمطاعم والملاهي الليلية ومعارض بيع السيارات وتأجيرها.
قبل سيطرة الأتراك على المنطقة؛ كان عدد سكان مدينة فاروشا حوالي 40 ألف شخص. وفي أعقاب 20 يوليو/ تموز 1974، انسحب الجيش القبرصي إلى لارناكا، وتقدَّم الجيش التركي حتى الخط الأخضر، الذي أصبح بمثابة الحدود بين المجتمعين. وقبل التقاء الجيشين في معارك دامية بشوارع فاماغوستا، هرب السكان برمتهم من المدينة خوفاً من وقوع مذابح داخل المدينة. قسم من السكَّان فر إلى جنوب مدينة باراليمني، وقسم ذهب إلى لارناكا. ومن وقتها، تحولت باراليمني إلى عاصمة جديدة لمحافظة فاماغوستا.
نظرا لأن أحداً لم يعد يسكن المنطقة، فإنه لم تُجْرَ أي عمليات صيانة للمباني الحديثة الفخمة؛ لذلك يتواصل انهيار المباني، وكأن الطبيعة تحاول استعادة المدينة لصفها، وتعود بكل شيء لأصله، فالمعادن تتآكل، والنوافذ تتحطم، والأشجار تتغلغل جذورها في الجدران وتقتلع الأرصفة، والسلاحف البحرية شوهدت وهي تتخذ من الشواطيء المهجورة مكانا لأعشاشها.
بعض القبارصة قدموا طلبات للأمم المتحدة لإعادة استثمار المنتجع الذي كان بمثابة "ريفيرا قبرص"، كما أن أطراف عديدة تأمل أن تتقدم مفاوضات السلام بين الجانبين التركي والقبرصي، وتثمر عن إعادة إعمار فاروشا. ويقدر الخبراء، بأن المنتجع يحتاج إلى أكثر من 15 مليار يورو، ليعود كما كان قبل الحرب.

المساهمون