منبر إعلامي للإيجار

02 مارس 2016
+ الخط -
لم يكن مستغرباً الهجوم الذي تشنه إدارة صحيفة اليوم السابع المصرية على شبكة التلفزيون العربي، وعلى مؤسسها عزمي بشارة، ولم يكن غريباً على صحيفة أقل ما يقال عنها صفراء أن تحارب منبراً قرّر الوقوف إلى جانب ثورة الشعب المصري في وجه انقلابٍ، يحاول إجهاض ما قدّم لأجله عشرات الشبان دماءهم في ميادين مصر.
لم يكن مستغرباً أبداً، أقله بالنسبة لي، ما ورد في هذه الحملة الواسعة من اتهامات للدكتور بشارة بالتآمر على مصر، فهي حملة أطلقت بدأت في أغسطس/ آب 2014، مع رفع دعوى لمنع دخوله إلى مصر، لتبدأ الحرب الإعلامية علنية مع نشر ما قيل في يونيو/ حزيران 2015 أنه تحقيق يكشف "أسراراً" في صحيفة العربي الجديد، ولم يكد يمرّ شهر من دون أن يصدر تحقيق موجّه يحمل اتهاما مختلفاً لبشارة من التآمر على مصر إلى ليبيا إلى الإمارات، وصولاً إلى سورية، قبل أن يحاول القيّمون على الصحيفة تنفيذ أكثر ما يجيدونه، وهو إيقاع الفتن والدسائس. وحاولت "اليوم السابع" إحداث خلاف بين بشارة وإدارة شبكة الجزيرة الإخبارية، باتهامه بمحاولة سحب البساط من تحت أقدامهم، ويمكن للمتابع أن يرى كيف تحول وصف الصحيفة المصرية عزمي بشارة من مفكر عربي وباحث وكاتب في العام 2011 تنشر أفكاره وتروّج كتبه بكل محبة، إلى وصفه بنعوتٍ من قبيل أنه"مروّج الإسلام السياسي" الذي يجب محاربته وبقوّة.
وليس مستغرباً أن توجه مؤسسة إعلامية اتهاماتها لأي طرف كان، وإن كانت المهنية الصحفية تقتضي إقرانها بالدلائل الحسّية والمقنعة، إلا أن المستغرب والمثير للضحك والسخرية محاولة إقناع الرأي العام بأن الوقوف في صف الشباب الثائر يهدف إلى هدم الأوطان، ويعتبر من ضروب التآمر، والمستغرب أن تحاول إقناعنا أن نظام عبد الفتاح السيسي القمعي هو ضحية لمحاولات خارجية، تسعى إلى زعزعة أركانه، وكأنها نسيت أنه وصل إلى الحكم على دماء مئات الشهداء في رابعة العدوية، وآلاف المعتقلين السياسيين، أم أنها تتجاهل عشرات الشبان المفقودين في أقبية السجون، أم التدهور الإقتصادي الكبير والأمني، جراء السياسيات الخاطئة للحكم العسكري الحالي.
ولنكن واضحين أن نظام السيسي لا يحتاج إلى مؤامراتٍ، تحاك في الخفاء، لتشويه صورته، فإخفاقاته واضحة وضوح الشمس ومحاولات ربط كينونته بمصلحة الوطن العليا هو الرياء بحد ذاته، لا تفعلها إلا صحافة صفراء، ترعرعت على الهتاف للحاكم بأمره من حسني مبارك إلى عبد الفتاح السيسي إلى كل من سيأتي بعده.

D32CC28D-4B72-4799-9C38-BB74C5C4DD1D
D32CC28D-4B72-4799-9C38-BB74C5C4DD1D
جلال قبطان (فلسطين)
جلال قبطان (فلسطين)