مناورة هدنة إدلب: النظام يحضّر لحملة في ريف حلب

13 يناير 2020
لم تلتزم قوات النظام الهدنة (عمر حاج قدّور/فرانس برس)
+ الخط -
لا يخفي النظام السوري خططه الهادفة إلى بدء عملية عسكرية واسعة النطاق، لاستعادة السيطرة على ما بقي من ريفي حلب الجنوبي والغربي بيد المعارضة السورية، معتبراً أن الهدنة التي أعلنها الروس والأتراك في الشمال الغربي من سورية، ودخلت حيّز التنفيذ منتصف ليل السبت - الأحد، لا تشمل ريف حلب، في ظلّ تأكيد فصائل المعارضة السورية جاهزيتها للمواجهة في حال حدوثها. وفي الوقت الذي لا تزال فيه الطائرات الحربية غائبة عن الأجواء في الشمال الغربي من سورية، مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، لم تلتزم قوات النظام السوري الهدنة، فاستمرت بقصفها المدفعي والصاروخي على مدن وبلدات في محافظة إدلب. وذكر إعلاميون محليون أن قوات النظام استهدفت، أمس الأحد، بالقذائف الصاروخية مدينة معرة النعمان وبلدات معرشمشة وكفرباسين ومعرشورين وتقانة وتلمنس وكفروما وركايا، في ريف إدلب الجنوبي. ومن الواضح أن قوات النظام لا تنوي التزام الهدنة، مع مواصلتها التحشيد واستقدام التعزيزات العسكرية إلى ريف حلب استعداداً لعملية عسكرية واسعة النطاق، وفق وسائل إعلام تابعة للنظام، ومنها صحيفة "الوطن" التي ذكرت أمس، أن قوات النظام استكملت تحضيراتها لبدء عملية عسكرية في ضواحي حلب وريفها، مشيرة إلى أن هدف العملية السيطرة على الطريق الدولي الذي يصل حلب، كبرى مدن الشمال السوري، بمدينة حماة، إضافة إلى تأمين الأحياء الغربية لمدينة حلب.

ونقلت الصحيفة عن "مصدر ميداني في حلب" أن قوات النظام استقدمت إلى المدينة أرتالاً عسكرية جديدة، بينها صواريخ حديثة لم تستخدم في حلب سابقاً، إلى خطوط تماس الجبهات الغربية من المدينة وإلى ريف المحافظة الجنوبي. وأُضيف العتاد الجديد إلى التعزيزات التي أُرسلت سابقاً، إيذاناً ببدء عملية عسكرية في أي لحظة. واعتبر المصدر أن العملية المتوقعة "لا تتنافى مع وقف إطلاق النار، وتصبّ في إطار تطبيق بنود سوتشي، ومقررات أستانة"، مشيراً إلى أن قوات النظام "باتت في جهوزية تامّة، وعلى أتمّ الاستعداد للقيام بعمل عسكري ضخم، أُعدّ جيداً، ويشمل كل القطاعات والمحاور التي تحددها القيادة العسكرية على طول جبهات غرب وجنوب المحافظة".

ونقلت "الوطن" عن "خبراء عسكريين" قولهم إن قوات النظام لم تستقدم منذ نهاية عام 2016 تعزيزات عسكرية ضخمة ونوعية إلى حلب، بمثل ما فعلت في الأيام الماضية، متوقعين أن تنطلق العملية من ريف حلب الجنوبي، باتجاه بلدات العيس والزربة وخان طومان ومنطقة الإيكاردا على طريق حلب ـ حماة الدولي، لحجز موطئ قدم لها على محطات منه، قبل أن تتمدد باتجاه سراقب في إدلب ونحو خان العسل عند مدخل حلب الغربي. وتحتفظ فصائل المعارضة السورية و"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بوجود قوي في ريفي حلب الجنوبي والغربي، سواء على الطريق الدولي حلب – حماة، الهدف البارز لقوات النظام والروس، أو على العديد من البلدات والقرى في ريفي حلب الجنوبي والجنوبي الغربي، أبرزها: الزربة وخان طومان والعيس التي يقيم الجيش التركي نقطة مراقبة فيها. وتسيطر الفصائل على مباني الإيكاردا، وهو مجمع بحوث زراعية كان يتبع للأمم المتحدة قبل أن تغلقه مع اتساع دائرة الصراع في سورية. وفي ريف حلب الغربي تسيطر فصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام" على حيّ جمعية الزهراء التابع للمدينة، وضاحية الراشدين، وبلدات خان العسل، ودارة عزة والأتارب والمنصورة. وفي الشمال الغربي من حلب، تسيطر الفصائل المعارضة والهيئة على حيّ الليرمون وعلى مدن وبلدات كفر حمرة، حريتان، عندان، بيانون، حيان ومعارة الأرتيق.

ومن غير الواضح ما إذا كانت الهدنة المعلنة من قبل أنقرة وموسكو تشمل ريف حلب أو لا، مع تأكيد مصادر في فصائل المعارضة لـ"العربي الجديد"، أن تفاصيل الهدنة غير معلنة، مشيرة إلى أن وفداً تركياً سيتابع المفاوضات مع الجانب الروسي، اليوم الاثنين، في موسكو.

من جهته، أكد المتحدث باسم "الجيش الوطني السوري" التابع للمعارضة، الرائد يوسف حمود في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن هذا "الجيش يراقب تنقلات قوات النظام والمليشيات في ريف حلب"، مشيراً إلى أن النظام استقدم مليشيات محلية وأخرى إيرانية من ريف اللاذقية الشمالي ومن الشرق السوري، ومن داخل مدينة حلب ومن مطار النيرب، وانتشرت ما بين الريفين الجنوبي والغربي. وأضاف أن فصائل المعارضة السورية "جاهزة للمواجهة" في حال اندلاع المعركة مع قوات النظام.

بدوره، أشار ‏‏عضو ما يسمّى "هيئة المصالحة الوطنية بسورية" التابعة للنظام، عمر رحمون، في تغريدة له على "تويتر"، إلى أن الهدنة لا تشمل ريف حلب، مدّعياً أن "معركة تفتيت عظم" ستجري في هذا الريف، وستكون معركة طاحنة لا مثيل لها في القوة النارية براً وجواً. ومع كل هدنة تُعلن في الشمال الغربي من سورية، يعمد النظام إلى إعلان فتح ما يسميها "المعابر الإنسانية" من مناطق فصائل المعارضة السورية و"هيئة تحرير الشام" إلى مناطقه، لكن هذه المعابر لم تشهد خروج أي مدني منها. ويوم السبت، أعلن النظام أنه سيفتح ثلاثة معابر إنسانية في قرى الهبيط وأبو الظهور جنوب وشرق محافظة إدلب وفي بلدة الحاضر جنوبي حلب، ابتداءً من أمس الأحد بالتزامن مع موعد الهدنة المعلنة.

ونقلت "روسيا اليوم" عن يوري بورينكوف، مدير "مركز المصالحة" الروسي الذي يتخذ من قاعدة حميميم مركزاً له، ادّعاءه أن هذه الخطوة جاءت بعد طلبات من النازحين للعودة إلى قراهم التي سيطر عليها النظام السوري أخيراً. وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أنه لم يسجل دخول أي مدني من المعابر المذكورة، مرجّحة ألا يغامر المدنيون بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام "تحت أي ظرف"، خشية من عمليات انتقام واسعة النطاق، قد تصل الى حد التصفية المباشرة. ولفتت المصادر إلى أن "النظام يجعل من هذه المعابر فخاخاً للسوريين للفتك بهم"، مشيرة إلى أن نحو 4 ملايين سوري في الشمال الغربي من سورية يدركون جيداً وحشية أجهزة النظام الأمنية والعسكرية.

وأضافت المصادر أن ما فعلته هذه الأجهزة في كل المناطق التي سيطرت عليها في جنوب سورية وريف دمشق وريف حمص، من عمليات انتقام تمنع أي مدني من محافظة إدلب ومحيطها من العودة إلى منطقته ما دامت تحت سيطرة النظام. اعتبر فريق "منسقو استجابة سورية" المعابر التي تنوي روسيا فتحها باتجاه مناطق سيطرة النظام "محاولة جديدة لخلط الأوراق، تحت حجج عديدة أهمها حماية المدنيين وإبعادهم عن العمليات العسكرية". وذكر الفريق في بيان، أن من يزعم أنه يريد حماية المدنيين لا يستهدفهم مباشرةً ويسبب نزوح أكثر من 382,466 نسمة خلال الشهرين الماضيين. وأكد "أن المساعي التي تبذلها روسيا لإخراج المدنيين من شمال غربي سورية إلى مناطق سيطرة النظام، ستُقَابَل بالفشل كما حصل في المرات السابقة، وذلك لأن أغلب قاطني الشمال السوري هم من المهجّرين قسراً والنازحين الذين هجرتهم الآلة العسكرية الروسية وقوات النظام". وتابع البيان: "إنّ إظهار القوات الروسية بمظهر الضامن لحفظ عمليات السلام في المنطقة، والمساعد الأول في العمليات الإنسانية من خلال تقديم المساعدات للمدنيين من طريق قواتها والمنظمات التابعة للنظام فاشلة حكماً، ولن تعطي النتيجة التي تبتغيها وزارة الدفاع الروسية".

المساهمون