مناورات البوليساريو تغضب المغرب عشية أول تقرير بعهد كوهلر

22 مارس 2018
تقرير الأمم المتحدة سيكون الأول بعد تعيين كوهلر(فرانس برس)
+ الخط -
تعدّدت تحركات جبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء، على أكثر من صعيد، وهو ما أثار قلق المغرب، مع اقتراب موعد تقديم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، تقريراً حول مستجدات أزمة الصحراء إلى مجلس الأمن في شهر إبريل/نيسان المقبل. ويكتسي التقرير الذي سيقدمه غوتيريس هذه السنة أهمية كبيرة، إذ سيكون الأول له بعد تعيين المبعوث الخاص للأمين العام، الرئيس الألماني الأسبق، هورست كوهلر. وبالتالي، فإن محتوى التقرير والتوصيات التي سيتضمنها، ستعطي فكرة عامة عن النهج الذي سيتبعه المبعوث الخاص الجديد لمساعدة أطراف النزاع على التوصل إلى حلّ سياسي.

ومن تحركات جبهة البوليساريو المثيرة في ملف الصحراء، نجاحها عبر إصدار محكمة العدل الأوروبية قراراً بعدم اشتمال اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والرباط للمنتجات الآتية من الصحراء، فكان تأكيداً للرأي الاستشاري الذي تقدّم به المستشار الخاص للمحكمة الأوروبية، ميلشيور واتهيليت، في شهر يناير/كانون الثاني الماضي.

وتخطط جبهة البوليساريو أيضاً لنقل ما تسميه "وزارة الدفاع" إلى منطقة بير لحلو العازلة منزوعة السلاح في الصحراء، بدعوى "تقريب الإدارة العسكرية من نواحي جيش التحرير، حيث المكان الطبيعي للقوات المسلحة وقيادة الأركان"، وفق ما عبرت عنه الأذرع الإعلامية للبوليساريو. هذه التحركات التي يضاف إليها اعتزام البوليساريو نقل موضوع المنتجات الصحراوية إلى أروقة الأمم المتحدة من أجل إدراج مسألة استغلال الموارد الطبيعية في النقاش العام حول الصحراء، اعتبر مصدر حكومي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنها "مجرّد مناوشات اعتادت الجبهة على القيام بها كل عام في مثل هذه الفترة من السنة، مع دنو تقديم التقرير الأممي حول الصحراء".

وأكد المصدر الحكومي، الذي رفض الكشف عن هويته، على أنه مثلما شدد عليه العاهل المغربي، محمد السادس، في إحدى خطب المسيرة الخضراء، فإن "المغرب سيظل في صحرائه والصحراء ستبقى في مغربها"، متابعاً أنّ "مناورات البوليساريو معروفة وقصيرة الأمد، والعالم بأسره بات يدرك ألاعيبها في إثارة المشاكل لتمديد النزاع بعد أن صار الانفصال محاصراً من كل جانب"، وفق تعبيره.


إلى ذلك، قال المستشار الدبلوماسي والخبير في ملف الصحراء، الدكتور سمير بنيس، تعليقاً على تحركات البوليساريو وتداعياتها، إن "حكم المحكمة الأوروبية خلق توجساً كبيراً لدى العديد من المراقبين في المغرب، الذين اعتبروه مخالفاً لكل الجهود التي تقوم بها المملكة من أجل تعزيز موقفها السياسي بخصوص هذا النزاع"، مضيفاً في اتصال مع "العربي الجديد" أن "قرار المحكمة الأوروبية أعطى أملاً لجبهة البوليساريو في أن يقوم كوهلر بإدراج مسألة استغلال الموارد الطبيعية للصحراء في الخانة المخصصة للتوصيات في تقرير الأمين العام، وهو ما قد يكون حدثاً غير مسبوق في حال تمّ ذلك".

وتابع الخبير المغربي أن نية البوليساريو نقل مقر "وزارة الدفاع" إلى منطقة بئر لحلو "تدخل في إطار هذه الدينامية الجديدة، التي يظن قادة الجبهة أن نزاع الصحراء قد بدأ يدخلها"، معتبراً أن "كل هذه التحركات تسير في اتجاه الضغط على المغرب من أجل اعتبار تنظيم الاستفتاء من بين الخيارات الممكنة للتوصل لحل نهائي لهذا النزاع".

ونبّه بنيس إلى أنه "بالنظر إلى السياق الإقليمي الحالي للنزاع حول الصحراء، ولبيان الأمين العام للأمم المتحدة الذي دعا فيه البوليساريو إلى عدم اتخاذ أي خطوات قد تغيّر الوضع القائم في المنطقة العازلة، بالإضافة إلى الموقف الحازم الذي اتخذه مجلس الأمن تجاه البوليساريو العام الماضي، فإن محاولة نقل مقر قيادتها العسكرية إلى منطقة بير لحلو تدخل في إطار استراتيجية تواصلية، يهدف من خلالها قادة الجبهة إلى تذكير الأمم المتحدة بضرورة تكثيف وتيرة جهودها من أجل وضع حل نهائي للنزاع".

ورأى بنيس أنّ "أي تحرّك للبوليساريو يسعى إلى تغيير الوضع القائم في المنطقة العازلة قد يضر بموقفها ويعرضها لانتقاد وضغط الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أنه "إذا تأكّد أنّ البوليساريو قد بدأت فعلياً بالتحرّك من أجل نقل مقر ما يسمى بوزارة دفاعها لمنطقة بير لحلو، فإنها ستضع نفسها في موقف حرج قد يجعلها تحت ضغط مجلس الأمن في شهر إبريل المقبل".

وتتواجد منطقة بير لحلو ضمن المنطقة العازلة في الصحراء، وبالتالي فإن أي تواجد عسكري في هذه المنطقة يعدّ خرقاً صارخاً لاتفاقية وقف إطلاق النار وللاتفاقية العسكرية رقم 1 لعام 1997، التي تحظر دخول أفراد أو معدات عسكرية برية أو جوية واستعمال الأسلحة النارية في المنطقة أو فوقها.

وشدد بنيس على هذا الأمر، موضحاً أن هذا الخرق، إذا تم، "سيضاف إلى المناورات العسكرية التي أجرتها الجبهة في شهر يناير الماضي في المنطقة العازلة في الكركرات، مما تطلب تدخل غوتيريس، الذي أصدر بياناً دعا فيه البوليساريو إلى احترام القوانين الدولية وعدم اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تغيّر الواقع القائم في المنطقة"، مضيفاً أنه "إذا كانت البوليساريو تظنّ أنّ قيامها بخطوة غير محسوبة مثل هذه، سيمكّنها من تذكير المجتمع الدولي بأن النزاع حول الصحراء لا يزال قائماً، ومن حشد الدعم الدولي لأطروحتها، فستكون قد أخطأت الطريق"، وفق تعبيره.

وخلص بنيس إلى أنه "من خلال كل المحاولات التي تقوم بها البوليساريو في المنطقة العازلة لتغيير الوضع القائم، فإنها تضع نفسها في موقف حرج وتقدم للمغرب فرصاً إضافية لنسف موقفها والطعن في حسن نيتها، في التوصّل لحل نهائي لنزاع الصحراء المفتعل"، لافتاً إلى أنه "على غرار ما تضمنه التقرير الذي قدمه الأمين العام لمجلس الأمن في إبريل من العام الماضي، لا شك أن غوتيريس سيشير في تقريره المقبل إلى كل الخروقات التي ارتكبتها البوليساريو خلال هذه السنة، بما في ذلك في منطقتي الكركرات وبير لحلو، الموجودتين في المنطقة العازلة المنزوعة السلاح".

المساهمون