اشتعلت المنافسة على لقب العالم للفورمولا 1 بين البطل لويس هاميلتون وزميله في فريق "مرسيديس" نيكو روزبرغ وذلك بعد تتويج الأخير بجائزة سباق "مونزا" الإيطالية. لكن هذه المنافسة الشرسة تُعيد إلى الأذهان القصة الشهيرة بين جيمس هانت ونيكي لاودا.
منافسة روزبرغ وهاميلتون
منذ الموسم الماضي بدأ الصراع بين البريطاني لويس هاميلتون وزميله في فريق "مرسيديس"، الألماني نيكو روزبرغ يظهر على العلن بشكل واضح على صعيد المنافسة على لقب العالم في الفورمولا 1.
شهدت المراحل الأخيرة من الموسم الماضي تجاذبات بين سائقي "مرسيديس" على خلفية حادث اصطدام على حلبة السباق. أخذ فريق "مرسيديس" المشكلة على عاتقه وحاول تقريب وجهتي النظر من دون إحداث بلبلة كبيرة تؤثر على أداء ومستوى الفريق القوي خصوصاً أن هاميلتون كان في الصدارة ويتجه لحسم اللقب لمصلحته.
وفعلاً مع نهاية الموسم حقق هاميلتون لقب العالم بعد أن حصد 381 نقطة في 19 سباقا. وفاز هاميلتون في عشرة سباقات من أصل 19، في حين أن زميله روزبرغ حل وصيفاً بعد أن فاز في ست مراحل من مجموع السباقات، لينهي موسمه في المركز الثاني برصيد 322 نقطة.
ومع بداية الموسم الجديد في عام 2016 بدا واضحاً أن روزبرغ يريد منافسة هاميلتون وإشعال الطريق نحو اللقب بين زميلين في نفس الفريق. وأثبت السائق الألماني ذلك على طريق السباق حيثُ فاز في أول أربع مراحل من المنافسة في ظل بداية متعثرة لزميله هاميلتون.
لم ينجح هاميلتون في الفوز في أول خمس مراحل من الموسم الجديد، الأمر الذي تسبب ببعض المشاكل للفريق الألماني. أنهى هاميلتون السباق الأول ثانياً، والسباق الثاني ثالثاً في حين أنهى الرابع في المركز السابع والسباق الخامس وصيفاً.
شهد سباق جائزة إسبانيا حادث اصطدام بين هاميلتون وروزبرغ وكان بمثابة الشرارة التي أشعلت صراعا كبيرا بين سائقي فريق "مرسيديس". وبدا واضحاً أن جبل الجليد الذي حاول الفريق الألماني تذويبه مع نهاية الموسم الماضي ما زال قائماً وأصبح أكثر صلابة من السابق.
انتفض هاميلتون في الجولة السادسة وحقق أول انتصار له في الموسم وحل روزبرغ وصيفاً، وتابع البريطاني شفاءه وتوج بلقب جائزة كندا، ثم حصد روزبرغ لقب جائزة سباق أوروبا. لكن هاميلتون حقق أربعة انتصارات متتالية في النمسا، بريطانيا، المجر وألمانيا، وخطف الصدارة لمصلحته وأطاح بزميله روزبرغ.
ليُشعل روزبرغ المنافسة مرة جديدة والصراع على اللقب بتتويجه بجائزة بلجيكا وإيطاليا، ويقلص فارق النقاط إلى نقطة واحدة، إذ رفع روزبرغ رصيده إلى 248 مقابل 250 لبطل العالم لويس هاميلتون.
وجه الشبه مع هانت ولاودا
تُعتبر قصة السائق النمساوي نيكي لاودا والبريطاني لويس هاميلتون من أشهر قصص فورمولا 1 خصوصاً في عام 1976. تلك الصداقة التي جمعت لاودا وهانت وانتهت بتتويج الشاب المغرور ومشاكل بين السائقين بسبب المنافسة الشرسة على اللقب.
في عام 1975 فرض نيكي لاودا نفسه واحداً من أفضل سائقي فورمولا 1 في العالم وحصد اللقب في هذا العام. دخل جيمس هانت المنافسة في عام 1976 وبدأت بعدها المناوشات بين السائقين انتهت بمنافسة مثيرة على الطرقات.
كان البريطاني جيمس هانت يُنافس مع فريق ماكلارين في عام 1976 أما السائق النمساوي نيكي لاودا فكان مع "فيراري". مثل روزبرغ 2016، حقق لاودا أربعة انتصارات في أول ست جولات بينما حصد هانت فوزا وحيدا في سباق جائزة إسبانيا، والمثير أن بداية هانت السيئة تشبه كثيراً ما عانى منه هاميلتون، إذ إنه خرج من أربعة سباقات بسبب حادث اصطدام.
في الجولة الثامنة من المنافسة وتحديداً في سباق جائزة موناكو، خرج لاودا من السباق وحصل هانت على المركز الأول، لكنه عاد وخرج من سباق بريطانيا على أرضه وتُوج لاودا بالمركز الأول. لكن ما حصل في سباق ألمانيا سلط الضوء على واحدة من أكثر قصص فورمولا 1 إثارة عبر التاريخ.
قبل سباق جائزة ألمانيا وصلت المنافسة إلى ذروتها بين السائقين داخل حلبة السباق وخارجه. في هذا اليوم سقط المطر بغزارة ودعا لاودا إلى اجتماع طارئ لكل السائقين. طلب لاودا تأجيل السباق بسبب الخطورة الكبيرة نتيجة المطر الغزير. لكن هانت اعتبر أن لاودا لا يريد خوض السباق بسبب خوفه على صدارته.
صوتت أكثرية السائقين بعد ذلك لمصلحة خوض السباق وعدم تأجيله، لتقع الكارثة التي لم يتمنّها أي شخص حتى هانت. تعرض نيكي لاودا لحادثة اصطدام وانزلاق أسفرت عن اشتعال سيارته واحتجازه في الداخل، ليتعرض لحروق خطيرة في رأسه نُقل إثرها إلى المستشفى.
غاب لاودا عن سباق النمسا وهولندا، وحقق هانت المركز الرابع والأول فيهما. لكن لاودا فاجأ الجميع بعد ستة أسابيع وعاد للمشاركة في سباق "مونزا" رغم عدم شفائه الكامل وتحذير الأطباء له بسبب المخاطرة الكبيرة.
لم ينجح لاودا في تقديم المستوى القوي بسبب تأثره بالإصابات الخطيرة نتيجة الحروق المنتشرة في كل جسمه لكنه رفض الاستسلام. خطف هانت الفوز في سباق كندا وأميركا وحل لاودا في المركزين الثامن والثالث.
وفي سباق جائزة اليابان انسحب لاودا بعد أن وجد أن القيادة في ظل الطقس الماطر خطيرة جداً ولن يكرر ما حصل في سباق جائزة ألمانيا، ليفسح المجال أمام البريطاني جيمس هانت لخطف مراكز متقدمة والتتويج بلقب العالم.
كان هانت يحتاج لحصد المركز الثالث فقط لكي يُتوج بطلاً، وفعلاً هذا ما حصل في جائزة اليابان وحقق لقب العالم لأول مرة في مسيرته، وهو اللقب الوحيد الذي حققه لأنه اعتزل اللعبة في عام 1979.
تبقى هذه القصة في أذهان جماهير فورمولا 1 منذ ذلك الحين، حيثُ تعتبر الجماهير أن موسم 1976 شهد إحدى أهم المنافسات في التاريخ بين هانت ولاودا.
اليوم، وبعد 40 سنة، يبدو أن وجه الشبه بين ما حصل في 1976 وما يحدث الآن هو المنافسة الشرسة بين سائقين من فريق واحد هذه المرة. سائقين أصدقاء وأعداء في الوقت نفسه. سائقين حصلت مناوشات بينهما رغم زمالتهما في فريق "مرسيديس" وأصبحا الأفضل في فورمولا 1 وينافسان على اللقب بشكل شرس، فمن سيحسم اللقب هذه المرة؟