ممدوح حمادة لـ"العربي الجديد": أكتب نصوصاً تحترم عقل المشاهد

17 ديسمبر 2017
ممدوح حمادة (فيسبوك)
+ الخط -
يبدو أن أزمة الدراما السورية الإنتاجية، التي أسفرت عن عدم عرض عدد كبير من الأعمال الدرامية في الموسم الماضي، قد حرّضت بعض نجوم الدراما السورية على ابتكار حلول جديدة للتسويق. ومن بين الأساليب التي تحولت إلى موضة هذه السنة، هو محاولة بعض النجوم تسويق أعمالهم الجديدة بالاتكاء على أمجاد الماضي. فشاهدنا دريد لحام يعيد إحياء شخصية "غوار الطوشة" في دار الأسد. وكذلك قام نقيب الفنانين السوري، زهير رمضان، بالإعلان عن مشاركته في مسلسل جديد يتمحور حول شخصية "المختار عبد السلام بيسة"، إذ أعلن عن بدء التحضير لمسلسل "المختار" الذي يلعب فيه دور البطولة، والذي يسرد حكاية مختار ضيعة "أم الطنافس" بعد أن هُجِّر من ضيعته التي قصفها "الإرهابيون"، ولجأ إلى عدة محافظات ومدن سورية. المسلسل الجديد من تأليف محمود عبد الكريم، وإخراج علي شاهين، ولم يأخذ فريق العمل الجديد الموافقة على استخدام الشخصية في هذا العمل، وهو الأمر الذي اعترض عليه الكاتب السوري، ممدوح حمادة، عبر صفحته الرسمية في "فيسبوك". التقى فريق "العربي الجديد" بالكاتب ممدوح حمادة، ودار معه الحوار التالي:

انتشرت في الصحف والمواقع العربيّة، مُؤخّراً، أخبارٌ تفيد بأن نقيب الفنانين السوريين الممثل زهير رمضان، سيقوم باستخدام شخصية "المختار عبد السلام بيسة" في مسلسل جديد، سيحاكي فيه الظرف السوري الراهن من وجهة نظره. حول أحقيَّة الممثل أن يتصرف من تلقاء نفسه بإعادة استخدام الشخصية دون الرجوع للكاتب والمخرج اللذين كان لهما دور كبير في بناء الشخصية، يقول حمادة لـ "العربي الجديد": "من الناحية القانونية، فإن الملكية الفكرية للشخصية تعود للشركة المنتجة التي اشترت من المؤلف هذا الحق. وبحسب علمي، فإن الممثل زهير رمضان لم يحصل على إذن الشركة، لأنه لم يطلبه أصلاً. هذا من الناحية القانونية، أما من الناحية الأخلاقية، فلا يحق للممثل بأي شكل من الأشكال أن يستخدم الشخصية. فعندما
يؤدي ممثل شخصية لا تصبح ملكه، وإذا ظهرت لديه الرغبة في استخدامها فعليه الرجوع قانونياً إلى الشركة المالكة لهذا الحق، وأخلاقيا أن يسأل، ولو من باب رفع العتب، أصحاب هذه الشخصية الحقيقيين. ولكننا هنا نتحدث عن نقيب الفنانين الممثل زهير رمضان، الذي شبّه له أنه مؤلف العمل أولاً، حين كذب وادعى أن السيناريو كان يصله من صفحتين إلى ثلاث، وأنه كان يرتجل، وهذا كذب صريح. فقد كانت مشكلتي في "ضيعة ضايعة" أنه كان يطلب مني دائماً الاختصار، بسبب طول النص أكثر من الحلقة، وقد كرر ذلك عدة مرات، وفي إحداها قال بعد أن أعترف لي مشكوراً أنني الكاتب، وبأنه مع بقية الممثلين هم من صنعوا العمل، لأنهم أبناء البيئة، فالعمل كما يعتقد هو عمل بيئي. والحقيقة أن قصص العمل الدرامي التي كتبت أغلبها كنصوص أدبية قبل أن يتم تحويلها إلى دراما في "ضيعة ضايعة"، مستقاة من بيئات مختلفة وبعيدة عن الساحل، مثل قصة "الحمار الثامن" التي تجري أحداثها في قرية من قرى جبل الشيخ، والتي كان اسمها في العمل "الحمير" وقصص كثيرة غيرها. لا أريد أن أحكم على ما سيقوله فيما يزمع عمله مسبقاً، وكنت أود ألا يفعل ذلك هو ومن معه".

أمّا حول إقحام الشخصيّات الكوميديّة السوريّة في لعبة الحرب السورية والصراع السياسي الدائر الآن، وإذا ما كان ذلك سيسيء إلى الشخصية، يشير حمادة إلى "أن أي عمل أدبي أو فني يتعكّز على السياسة، هو عمل ناقص سلفاً. وقد لاحظنا الفشل الذريع الذي منيت به الأعمال التي استخدمت السياسة بشكل فج، ومعظم الأعمال التي قدمت وتقدم والتي تقوم بإقحام السياسة والصراع السياسي الدائر يفعل أصحابها ذلك طمعاً بعطف الجمهور الذي يمثل وجهة النظر هذه أو تلك، وبالتالي طمعاً بالشهرة، وآخر همهم معاناة الناس، وغالباً ما تتسم هذه الأعمال بالسماجة وتكون بعيدة عن الكوميديا".
من ناحية أخرى، بات من المتفق عليه أن الأعمال الدرامية السورية، ولا سيما الكوميدية منها، تعاني في السنين الأخيرة من عزوف الجماهير عن متابعتها وتخلي القنوات المنتجة عنها. وحول ما إذا كانت عودة الشخصيّات العريقة في الكوميديا السورية قد تحل الأزمة، يضيف حمادة: "لا أستطيع القول إن الجمهور ابتعد عن الأعمال الكوميدية، ولكنني أسمح لنفسي بالقول إنه في السنوات الأخيرة لم تقدم أعمال كوميدية ترقى إلى مستوى الكوميديا التي كانت تقدم قبل سنوات، والتي اعتمدت على عدد غير قليل من الأسماء، بين كتاب ومخرجين وممثلين. ولا شكّ في أنّ الهزّة الإنتاجية التي تعرضت لها الدراما السورية، وكذلك فقدانها
إمكانية التصوير في الكثير من الأماكن، أثر كثيراً على الكوميديا. ولكن الحل يكمن في محاولة تقديم شيء جديد يرقى ويتفوق على ما سبقه، حتى لو منيت بعض المحاولات بالفشل، لا بالتسلق على الشخصيات القديمة والإساءة إليها، هذا الأمر هو ترسيخ للأزمة وهو من أعراضها، وليس حلاً لها بأية حال من الأحوال".
وحول الطريقة التي يكتب فيها، ممدوح حمادة، نصوصاً درامية وأعمالاً كوميدية تتمكن من تجاوز أزمة الدراما السورية، يختتم: "أبذل قصارى جهدي لتقديم عمل فني يحتوي على الحد الأدنى من المقومات، التي تجعل الجمهور يتقبله ويتفاعل معه، ولا أعتقد أنه يلزم أكثر من ذلك على جميع الصعد لكي تستطيع الدراما الوقوف على قدميها من جديد، فالمهم احترام عقل الناس ومعاناتهم".



المساهمون