لن تغيب الرهانات الاقتصادية عن الزيارة التي يقوم بها الملك الإسباني فيليبي السادس والملكة ليتيسيا إلى المغرب، في وقت تشير التوقعات إلى التوجه نحو مضاعفة المبادلات بين البلدين في العام 2025.
وينتظر أن يحل الملك الإسباني في المغرب، غداً الأربعاء وتستغرق زيارته يومين، بعدما كانت منتظرة في خريف عام 2017 ثم تأجلت إلى يناير/ كانون الثاني 2018، علماً أن آخر زيارة قام بها إلى المملكة تعود لشهر يوليو/تموز 2014. وتوالت تصريحات المسؤولين الإسبان، التي تسبق زيارة العاهل فيليبي، لتركز بشكل كبير على تمتين العلاقات الاقتصادية، خاصة في ظل سعي إسبانيا للحفاظ على مركزها كأول شريك تجاري للمغرب.
وبحسب تقارير رسمية، انتقلت مشتريات المغرب من إسبانيا بين 2013 و2017 من 4.8 مليارات يورو إلى 6.85 مليارات يورو، إذ تصل حصتها إلى 16.9 في المائة، ضمن مجمل واردات المغرب من الاتحاد الأوروبي.
وقفزت صادرات المغرب إلى إسبانيا في تلك الفترة من 3.27 مليارات يورو إلى 5.46 مليارات يورو، إذ تمثل حصتها ضمن تلك الموجهة للاتحاد الأوروبي 23.7 في المائة.
وتوقع المكتب الاقتصادي والتجاري الإسباني في الرباط، أن تتضاعف بين البلدين في الأعوام الستة المقبلة، في ظل المستوى الحالي للمبادلات منذ 2013، وهو ما سيمكن إسبانيا من مواصلة التقدم على فرنسا في المبادلات التجارية مع المغرب.
ويترقب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، أن تنتقل التدفقات التجارية بين البلدين من حوالي 12 مليار يورو حاليا إلى 24 مليار يورو يورو في 2025. وتخضع هذه المبادلات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لاتفاق الشراكة المبرم بين المغرب والاتحاد الأوروبي في مارس/ آذار عام 2000، حيث يتوقع التوجه تدريجياً نحو إحداث منطقة للتبادل التجاري الحر.
ويرتبط المغرب وإسبانيا منذ أربعين عاماً باتفاق يفضي إلى إلغاء التضريب المزدوج في مجال الضريبة على الدخل والثروة، وعمدا قبل عشرين عاما إلى إبرام اتفاق لتشجيع وحماية الاستثمارات. وأشارت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة أن ابلاسيو، في تصريحات صحافية أول من أمس، إلى أن المغرب أضحى ثاني شريك تجاري لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، بينما ركزت تلك الدولة الأوروبية موقعها كأول شريك تجاري للمملكة.
وأكدت أن أزيد من 20 ألف شركة إسبانية تصدر منتجاتها نحو المغرب، بينما تتمركز أكثر من 800 شركة بالمملكة وأكثر من 600 شركة لديها أسهم في شركات مسجلة في المغرب.
ويسعى المغرب إلى زيادة صادراته للدول الأوروبية، إذ ارتفعت المبادلات مع الاتحاد الأوروبي من 23 مليار دولار إلى 42 مليار دولار بين 2007 و2017، بحسب تصريحات سابقة لرئيس الحكومة المغربية سعد العثماني.
ويعتبر الخبير في الشؤون المغربية الإسبانية، نبيل دريوش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تشكل النواة الصلبة للنسيج الاقتصادي الإسباني، وجدت في السوق المغربية متنفسا لها بعد الأزمة التي أصابت الاقتصاد الإسباني الهش قبل عشرة أعوام.
ويعتقد دريوش، الذي سبق له أن ألف كتاباً حول العلاقات بين البلدين بعنوان "الجوار الحذر" أن المصالح الاقتصادية ستكون الإسفنجة التي ستمتص الخلافات بين البلدين، اللذين يعيشان أزمات دورية، تكون في أغلب الأحيان صامتة.
وأشار وزير الشؤون الخارجية الإسباني، جوزيب بوريل، في تصريح صحافي، أول من أمس، إلى أن هناك فرصاً كبيرة للتعاون في مجال الصناعات الابتكارية الحاملة للقيمة المضافة، بالإضافة إلى القطاعات التقليدية مثل الصناعة والزراعة. وكان التعاون الاقتصادي، ضمن اهتمامات رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في زيارته الرباط في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث جرى الاتفاق على تنظيم مؤتمر لرجال الأعمال يتيح الاستثمارات في البلدين، اللذين سينظمان اجتماعاً رفيع المستوى في المغرب خلال العام الحالي.
وطرح ملف الهجرة السرية بقوة في الأشهر الأخيرة، وحاولت إسبانيا إغفال دور المغرب في معالجة ذلك الملف أولاً، قبل أن تشدد لاحقاً على الدور الذي يمكن أن تضطلع به الرباط. ولم يخشَ المغرب محاولة إقصائه من معالجة ملف يعنيه بقوة، وهو ما فطنت له إسبانيا، فركز رئيس الحكومة الإسبانية في آخر زيارة له إلى المغرب على "المسؤولية المشتركة" في التعاطي مع الهجرة.
واقترحت بلدان أوروبية، وضع مراكز إيواء في دول مثل المغرب، من أجل الحيلولة دون دخول المهاجرين السريين إلى أوروبا، غير أن المملكة التي تعرف تدفق مهاجرين من جنوب الصحراء على أراضيها أملاً في العبور إلى أوروبا، رفضت هذا التوجه.
ويعتبر، مؤسس منظمة "ريميساس"، التي تهتم بتحويلات المهاجرين المقيمين في إسبانيا، إنييغو موري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تعاطي الاتحاد الأوروبي مع قضايا الهجرة يتسم بنوع من الأنانية، وهذا يتجلى في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تعرف فوارق كبيرة بين البلدان المشكلة لها.