ملكة جمال لبنان... الشكل يواجه المضمون

28 سبتمبر 2017
ملكة جمال لبنان 2017 بيرلا حلو (LBCI)
+ الخط -
درجت العادة خلال السنوات أو العقود الماضية، أن تبرهن حاملة لقب ملكة جمال لبنان، على ثقافة، تجعل منها ممثلة جيدة لوطنها أولاً. لكن كل ذلك لم يعد اليوم إلا مجرد كلام أشبه بالأمنيات، وذلك بعد سنوات من وقوع مرشحات ملكة جمال لبنان في فخ السطحية، والتحدث بتعابير خاطئة. وقد تصل عند بعض الفتيات إلى حالة عدم إتقان أو فهم اللغة العربية أثناء طرح السؤال، فتعيده مقدمة السهرة بالفرنسية أو الإنكليزية. وتقع المرشحة مجدداً في فخ الترجمة، والخروج عن فحوى السؤال.
لعل التنافس التلفزيوني بين المحطات اللبنانية، هو ما يقلل من اهتمام اللجنة المُكلفة بتنظيم انتخابات الجمال، والوقوف على ثقافتهن والتحصيل العلمي، والخبرة في الحياة، لتأتي نتائج السهرة مباغتة، وتفوز القناة وحدها بانتصار مؤقت، ينقضي بعد ولايتها، ويضعها في قالب معلب، يرتكز على قواعد الشكل بالدرجة الأولى، والبعد عن المضمون المُكمل لصفة الملكة، وما يختزن بالضرورة من مشاريع إنسانية واجتماعية وثقافية أمام المجتمع.

قبل أيام، فازت الشابة اللبنانية، بيرلا حلو، في مسابقة ملكة جمال لبنان التي تُنظمها المحطة اللبنانية للإرسال LBCI. تساؤلات كثيرة حول هذه الانتخابات التي تُنظم بشكل يصعب فيه النقد للجهود التي تبذلها المحطة لجهة المكان والديكور المسرحي، وفن اللوحات الراقصة أثناء السهرة، إلى اختيار لجنة عالمية، مُتخصصة الخبرات في مجال الإعلام والجمال.
لكن الإبهار المسرحي، لا يعفي الجهة المنظمة من ثغرات أصبحت مع الوقت، عادة سنوية ينتظرها اللبنانيون والعرب معاً للتفرج على الفتيات اللواتي يسقطن في امتحان الأسئلة الصعبة، والتي يحاول فريق الإعداد الخاص بالحفل الغوص في أمور قد لا تمت لهدف الفوز، وحلم الفتاة باختطاف اللقب. أسئلة تتداخل فيها السياسة مع الوضع الاجتماعي اللبناني، وأحياناً الأمني، ووقوع المرشحات في فخ هشاشة الثقافة، والاتجاه الأحادي لمقولة "كوني جميلة واصمتي" وفق ما يقول المثل الفرنسي. صورة حقيقية لواقع الجمال في لبنان بدأت قبل أكثر من عقد، واستطاعت أن تصبح عُرفاً للسخرية من قبل المتابعين على مشاهدة المباريات المباشرة على الهواء، سيما على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقادات تحفل بها هذه الصفحات مع كل حدث.
أسئلةٌ كثيرةٌ تُطرَح اليوم حول انعدام الثقافة عند المُرشَّحات للقب ملكة جمال لبنان، خصوصاً في مثل هذه المسابقات التي تعتمد على الشكل أكثر من المضمون، وحول كيفيّة عبور مشتركة فازت باللقب إلى الشأن العام، كونها أصبحت ملكة جمال لبنان، ودور الشركة المنظّمة للانتخابات في دفع الملكة نحو الأمام، وعملها لما هو فيه صلاح المجتمع، أو تبني المشاريع الإنسانية ذات الفائدة الثقافية والاجتماعية والصحية. كل ذلك، أصبح بعيداً عن الأهداف التي تطمح إليها الشركة، أو تبادر إليها حاملة اللقب.
قبل عام، انتخِبَت، ساندرا ثابت، ملكة لجمال لبنان، وفازت بأكثرية الأصوات التي مُنحت لها، ورغم انتقادات وُجهت لثابت بسبب ضعف جمالها، لم تدخل أبداً في أي نشاط اجتماعي أو إنساني ولا حتى بيئي. وبدأ المتابعون يحاولون تذكُّرها قبل أيام قليلة من إعلان موعد انتخابات هذه السنة.
انعدامُ الثّقافة، وغياب الملكة خلال مُدّتها، بات يضعِف هذا الحدث الجمالي الذي تفرَّد به اللبنانيون لسنواتٍ طويلة. وربّما كانوا أوائل من كرسوا هذه المسابقة في معظم الدول العربية، وساهموا في تخريج جيل كامل من الجميلات إلى عالم الإعلانات والتقديم التلفزيوني، وحتى التمثيل. نادين نسيب نجيم، رهف عبدالله، كريستين صوايا، وغيرهن أثبتن مع الوقت عن موهبة فنية نسبيّة كانت ضرورية لتأمين استمرار الشهرة والضوء. وبالتالي، أصبحت هذه الحالة حلماً لكل فتاة، تحاول العبور إلى عالم الشهرة، ومثالها الوصول ولو على حساب الثقافة.

المساهمون