كثيراً ما كانت النظرة السائدة لعلاقة العقل بالعقيدة تحشرهما في صراع دائم، لم يكن ذلك مجرّد رأي من قبل المؤرخين، بل تؤكده كثير من الحوادث سواء في التاريخ الغربي أو العربي. هذا الوضع، لم يمنع الباحثين في أي عصر من العصور من دخول هذه المنطقة الملغومة، إما بممارسة التفكير أو تقليب صفحات تاريخ هذه العلاقة.
في "دار الكتب الوطنية" في تونس، ينظّم "مخبر الفيلاب" بداية من الغد وحتى السبت المقبل "ملتقى العقيدة والعقل" حيث يدرس المشاركون من زوايا مختلفة هذه العلاقة الإشكالية.
سيكون الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا (1632 – 1677) محور مداخلات اليوم الأول، إذ يبدو كمدخل نموذجي لدراسة صدامات العقل بالعقيدة، وهو الذي جُرّد بسبب محاولته التفكير الفلسفي في الدين من انتمائه للطائفة اليهودية في بلاده.
في أولى محاضرات الملتقى، يتحدّث المفكر التونسي يوسف الصدّيق (باللغة الفرنسية) حول مشروعي سبينوزا ولابنيتز للوصول إلى مقولة فكرية ناضجة حول الدين. كما يتداول على الكلمة بعده كل من الأخضر السلطاني وخديجة قصوري من تونس وميشال فيشان من فرنسا وجيرار وينبرغر من النمسا. تلي المحاضرات طاولة مستديرة يترأسها أستاذ الفلسفة في الجامعة التونسية صالح مصباح.
في الجلسة المسائية، كما في جلسة يوم الجمعة، يجري التطرّق الى علاقة العقل والعقيدة في تاريخ الفكر الإسلامي حيث يحاضر الباحث الجزائري منير بهادي عن "الفارابي ناقداً للفكر الديني لعصره"، ويقرأ الباحث التونسي محرز حمدي ورقة بعنوان "الإسلام والمسلمون: الأبعاد الثلاثة"، فيما يتحدّث عبد الرحمن التليلي عن "العقل والنقل لدى ابن رشد" ونبيل عبد اللطيف عن "ابن خلدون والمسألة العقائدية".
خلال اليوم الثالث والأخير، يتناول المشاركون الإشكالية نفسها في إطار معاصر، حيث تحاضر الباحثة المصرية صابرين زغلول حول "منزلة العقل في الخطاب الديني" من خلال نموذج عالم الدين التونسي الطاهر بن عاشور.
من جهتها، تقدّم هدى سرايعية قراءة في محاولة محمد أركون لوضع فهم عقلاني للقرآن، فيما يتحدث زهير الخويلدي حول "تقاطع المعرفة والإيمان لدى بول ريكور"، وتختتم المداخلات بمحاضرة للطاهر بن قيزة بعنوان "أسلمة المعرفة".