ملامح غائمة على وجه الساموراي المهزوم

08 يونيو 2016
عمل فني لعاصم الباشا (بإذن من الفنان)
+ الخط -
"يا للبلاغةِ، عاريةً، ترتمي في فراش السفيهْ"

- أأنتَ على خطأٍ؟
- ليَكنْ!
- ليَكنْ خطأً فادحاً!!
- نسبة الحزن عاليةٌ في دمكْ!
- ليَكُنْ .. ليَكنْ!!
- أقلبُكَ قش وهش؟
- فلتشعلِ النار
في الهش والقش!!
- وطن نيء لحم ميتةٍ؟
- ليَكنْ ما يكنْ!
إنه السيل أعمى ولا مبصر وطناً
غير ما يُبصر السفهاء!
لا تكن مثلما يرغب الآخرون،
عصيّاً على الفهم، أو تائهاً في البلاغة،
مستبسلاً في العماء، فأرضك مهدورة للعدو،
ونائحة كالطعينِ، وقلبك مدخنة،
وذووك على علة.
- ليس من علة غير صوتك منكسر،
ويداك تلوبان في هدأةٍ من غبار.
البرازخ تمتدّ.. ترتدّ فيك على لجة
وفيك سيبني فراديسه آخر الأنبياء/ الشهيد
الشهيد الفقير الذي استرجع، الآن،
ثروته من تراب المكان!
كأني به لم يرَ ما أرى! وكأني به،
يا سليل المآثر، يمشي ويتبعه خطأي
والظلال الغريبة تمشي معي
والخلائق منشورةٌ في الورى كالحصى.
أأنا شاعر السائرين إلى جنةٍ في السراب؟
ألمُّ الحصى عن ضفاف المجاري
لأرجم صورته في المياه التي لوثت رئتي.
كيف لي أن أكون، هنا، وأكون هناك؟
وكيف أقود الطيور إلى بيتها،
وثم بيوت ستهتزّ من رِقةِ العصفِ في "رَقَةِ" القصف، أو.....
سيخرج من رحمها قمر شاحب،
فالمتاريس تغلق أبواب جامعها
يا إلهي! يا إلهي، سيبكي على وطنٍ خائنوه!
ويبكي بنوه!
وتبكي القصيدة
تبكي الحمامات في الجامع "الشركسيِّ"،
وتبكي المدارس والصافنات
ويبكي الملمون بالسرِّ والأنبياء
كأني به يستعيد مظالمه، تارةً، ومآثره تارةً، يا إلهي!
الشمال! الشمال!
الشمال الذي يذهب الآن نحوك،
مرتدياً ثوبه "الشيت"، مبتهلاً
جائعاً، حافياً فوق جمر الغضا..
أأربي حلماً ليكسرني مثل عود الثقابِ
أم أني عكازةٌ في يدٍ راجفة؟
أموتُ كثيراً هنا، وأموت،
هناك كثيراً، فها هي متعبة
في بنيها، ومثقلةٌ "بالرشيد".
الرشيد الموشى بأوصافها:
يهيئُ عاماً لحج وحرباً لعام،
وكان النواسيّ يمشي بها مترفاً بالنقائض،
يا ويحه كان يسعى ويشقى!
و"صقر قريش" الذي عبر النهر كان على موعد والفتوح العظيمِ
ففكرْ بما فعل الأولونَ،
وفكرْ بما ملكت يدك، الآن،
فكر بكلب سيعوي عليك، وكلب ستهرب منه!
وفكرْ بلوركا ومحمود درويش،
فكرْ بمن أيقظت ذات ليلٍ غزال العذوبةِ في قيظ شهوتك المالحة
وفكرْ بشعر الحداثة، تأتأةِ الشاعر/ النيص،
قلْ للذي وسخ الأرض،
قالت، هي، الأرضُ: شمرْ ثيابك عن عورة القول، اذهبْ،
إلى حيثُ أنت على صفةٍ والغزاة!
* * *
عمل للفنان السوري عاصم باشا - ملحق الثقافة 

تستفيض على الرَقة، الآن، أوجاعُها.
تستفيض القرى بالقروح
تستفيض الملامة في يأسها،
يستفيض المسيحْ.
يستفيض على الدم دم ويحترق القمح في آنيات الحصاد.
يستفيض حصان الرجاء على سهلهِ،
ويعبُّ المسافة كالخمر، منتهكاً من ذويه.
يستفيض على نفسه بئر جارتنا
آه، كم كنتُ أعشق صوت ارتطام الرذاذ الخفيف على صدرها
يتساقط
لا ينثني أو يذوب، ويمشي على ساعديه،
يداعب أطراف "صايتها"
ثم ينهدّ من شغفٍ طائشٍ، عند ليل الغواية مستسلماً للعناء!
يعضُّ الفرات أصابعه ندماً،
على ليلة عبر السافلون مساربه واستباحوا بنيه!
كأني به، الآن،
يفتح باب الرضا، كي يرى ما رأيت!
من هنا، كان أن أبتدي بالقصيدة من حيث لا يبدأ الشعراء:
انفري من سريرك ولتركضي في دمي يا وعول!
اركضي يا ذئاب،
انفري يا قرى يا سهوب،
انفري في الشمال الموشى بأصفادهِ
يستجير بنارٍ ويشعل ناراً، هنا، في ممالك جاثية كالعبيد.
أأنا سرّ أوجاعه؟ وجريرة ابنائهِ؟
سوف أصعدُ في الضدّ، مثل الدعاء إلى سدرة المنتهى
وأهيئُ نفسي لموتٍ جميلٍ أنا الناي يَعزِفني حزنه
فأحثُّ المسير إلى امرأةٍ ستشقّ الثياب،
وتنهض عارية في سريري وتبكي عليّ.
سوف ينهض قلبي بها،
والقرين الذي فيَّ سوف يدور على نفسه كالرحى،
يستخفُّ بما ابتكر "الأنبياء الصغارُ"
إلهاً لقتلٍ وهتكٍ وتبديد أرضٍ، بطولٍ وعرضٍ
أقول لمن أسرفوا في الرماد، انهضوا، ثم قوموا إلى غيّها،
سوف تزني بأبنائها "الثورة العربية"، قوموا، على عجلٍ،
كي أريحَ ولا أستريح، وأرجع من خطأي سالماً
إن قلبي وشعري هناك.

دلالات
المساهمون