مقطع من الانتخابات المغربية

25 سبتمبر 2015
+ الخط -
لم تأت انتخابات المجالس المحلية والجهوية في المغرب بجديد في الجنوب، وإنما كرست سيطرة أصحاب النفوذ المادي والمصلحي، بتواطؤ وتزكية من التيارات القبلية والعائلية، إذ أصبحت الأحزاب أشبه بخلايا عائلية لا تقبل إلا صوتاً واحداً، هو صوت الأب والابن والبنت، وأبناء العمومة كقاعدة. أما مناضلو الحزب فيمارسون الاتّباع، لا المشورة أو التعبير عن الرأي، فثمة لوائح انتخابية اجتمعت فيها العائلة فالعشيرة فالقبيلة، ما تكرس في أكثر من موقع ومدينة وجهة وجماعة، ما يعني أن التغيير بات مستحيلاً. ويمكن للملاحظات التالية أن تقودنا إلى معانٍ ودلالات كثيرة:
سيطرة رجال الأعمال على المشهد السياسي في الجنوب المغربي، والتحامه مع المطلب القبلي والعائلوى .تفاقم دور العائلة وتراجع نفوذ القبيلة، فما إن تم الإعلان عن النتائج، حتى بدأت الآلية القبلية في عد الأصوات واحتساب المقاعد. انتقال الصراع من الخفاء إلى العلن، فور الإعلان عن فوز أحد المرشحين في جهة كلميم، شمال العيون، مثالاً لا حصراً. الاستثناء الوحيد يسجل من مدينة طنطان، حيث فاز حزب العدالة والتنمية، وتمكن مناضلوه من إزاحة زعامات فردية وعائلية.
مجمل القول إن الانتخابات في الجنوب المغربي لم تخرج عن دائرة المألوف والمعتاد، فالتحكم هو السائد والممارسات السياسية التقليدية لم تتغير، بل ازدادت تسلطاً وتحكماً. لكن، هذه المرة بدعم شعبي، لأن الناس عادة يذهبون إلى المشاركة بالتصويت على شخص يعرفونه حق المعرفة، ولا يهمهم لونه السياسي أو الإيديولوجى. التمييز الذى يطرأ عادة أن المصوّت يذهب بصوته إلى القبيلة التى حلت محلها العائلة. وهذا ما برز بشكل كبير في كلميم والداخلة والسمارة، في حين أن طنطان اختارت المدنية، ووجهت أصواتها إلى "العدالة والتنمية"، فهذا الاختيار لم يكن نابعاً من رغبة شعبية للحزب، بل فقط لأنه الوحيد الذى اختار شباناً يغلب عليهم التواضع والكياسة، ولعدم وجود حزب قوي يمكنه من ممارسة سلطة عملية فعلية، تقطع مع النماذج الماضية التى لم تكن محمودة، حسب مواطنين مغاربة كثيرين.
أما مدينة العيون كبرى مدن الجنوب، فإن الساكنة جددت ثقتها في رجل المدينة القوي الذي تمكن من الفوز بكل سهولة، على الرغم من وجود مرشحين، حملوا لواء التحدي وبشروا بالتغيير. فاز حزب العدالة والتنمية بمقاعد أهلته، أول مرة، للدخول إلى بلدية طالما حلم بدخولها، ويُعزى فوز الحزب إلى الأصوات التى منحتها له أعداد من ساكنة شمال المملكة، ويعتقد أن من تصدر قائمة الحزب بالمدينة منتخبون لا تُعرف حقيقة ولائهم.
المنتصر في هذه الانتخابات الأمن والاستقرار، والفائز الأكبر التحالفات المالية والمصلحية والقبلية التى تحولت إلى عائلوية، أما الخاسر فالتيار المدني الذي لن يرى النور، بسبب فقدان بوصلة التغيير مسارها: تغيير نصنفه في دائرة التحول المعاق.
F01BF109-CE84-49A7-B7DD-C4503D4FBCEE
F01BF109-CE84-49A7-B7DD-C4503D4FBCEE
محمد الأغظف بوية (المغرب)
محمد الأغظف بوية (المغرب)