أعرب خبراء أمميون، معنيون بالمحاكمة العادلة وحقوق الإنسان، عن قلقهم البالغ بشأن الاعتقال والاحتجاز السابق للمحاكمة من قبل الحكومة المصرية، لنشطاء حقوقيين بارزين وقادة نقابيين، وذلك تعليقاً على إجراءات القضاء المصري في قضايا بعض المدافعين عن حقوق الإنسان، وإصدار النيابة المصرية قرارات بأثر رجعي، بالمخالفة للقانون، لتوفير أساس قانوني لاستمرار احتجازهم تعسفياً.
وكشفت منظمة "كوميتي فور جستس" الحقوقية، تتخذ من جنيف مقراً لها، الخميس، عن إرسال الخبراء مذكرة للحكومة المصرية، أبدوا فيها قلقهم البالغ من الاعتقالات، والاحتجاز المطول قبل المحاكمة، وكذلك التهم المتعلقة بالإرهاب الموجهة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان: أحمد تمام، هيثم محمدين، حسن بربري، علاء عصام وخليل رزق، والتي تبدو أنها مرتبطة مباشرة بممارستهم المشروعة لحقوق الإنسان.
وأعرب الخبراء عن مخاوفهم الخطيرة، فيما يتعلق بادعاءات الاعتداء الجسدي، التي قد تصل إلى حد المعاملة والعقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة، أو حتى التعذيب، والإخفاء القسري، مبدين قلقهم إزاء فشل إجراء تحقيقات فعالة في هذه الأحداث، وملاحقة ومعاقبة المسؤولين عنها.
وأشار الخبراء الأمميون، في مذكرتهم، إلى أن هؤلاء الناشطين المعتقلين "لم يتمكنوا من التواصل بشكل خاص مع عائلاتهم، ومحاميهم، منذ بدء الدولة المصرية في تطبيق الإجراءات الاحترازية بسبب تفشي وباء كورونا داخل السجون"، منوهين كذلك إلى أن فترة اعتقالهم السابق للمحاكمة "مددت في حالات عدة، من دون أساس قانوني، أو مراجعة قضائية فردية".
ونبه الخبراء الحكومة المصرية إلى أنه "حتى في الحالات التي تكون فيها أنظمة الزيارة مقيدة، لأسباب تتعلق بالصحة العامة، فينبغي أن توفر وسائل بديلة تعويضية كافية للمحتجزين للبقاء على اتصال بعائلاتهم، والعالم الخارجي، وكذلك تمكين المحتجزين رهن المحاكمة من الطعن في قانونية احتجازهم أمام سلطة قضائية، أو الإفراج عنهم بانتظار الإجراءات، لا سيما عندما لا تضمن ظروف الاحتجاز المسافة المادية القياسية المطلوبة لمنع انتشار العدوى".
في السياق، أبدى الخبراء مخاوف جدية بشأن تطبيق الاتهامات المتعلقة بالإرهاب، التي تسمح بالاحتجاز السابق للمحاكمة، لتقييد حقوق الإنسان، واستهداف أولئك الذين يسعون إلى تعزيز حقوق الإنسان، وحمايتها في مصر، مذكرين الحكومة المصرية بأنه "يجب استخدام الاحتجاز السابق للمحاكمة كإجراء وقائي، يهدف إلى تجنب المزيد من الضرر، أو عرقلة العدالة، وعدم استخدامه كعقاب".
وأضاف الخبراء أنهم يساورهم القلق من أن التهم التي يواجهها هؤلاء الناشطون "يبدو أنها مرتبطة بعملهم في حماية وتعزيز وممارسة حقوقهم في حرية تكوين الجمعيات"، مشيرين إلى أنه يجب على الدول احترام حقوق جميع العمال في تشكيل النقابات، والانضمام إليها، واحترام وضمان حق كل فرد في ممارسة حريته في التعبير، والتجمع السلمي، وتكوين الجمعيات.
وحسب المذكرة، حذر الخبراء من المناخ العام لمنظمات المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحافيين في مصر، وذلك بالنظر إلى الاستخدام المكثف لقوانين مكافحة الإرهاب "لاستهداف من يعبرون عن المعارضة"، مطالبين الحكومة المصرية بتقديم معلومات مفصلة عن الأسس القانونية للاعتقالات، واستمرار الاحتجاز السابق للمحاكمة، والتهم الموجهة ضد الأفراد المذكورين في المذكرة، وشرح مدى امتثالها لمعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما طالبوا مصر بـ"تقديم معلومات عن كيفية معاملة هؤلاء الأفراد، طبقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1373، ووضع تعريف صارم للإرهاب كما أوضحته معايير القانون الدولي، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1566 لسنة 2004".
ودعا الخبراء أيضاً الحكومة المصرية إلى تقديم معلومات مفصلة عن الأساليب البديلة التي تم وضعها للمحتجزين، للحفاظ على اتصالات متكررة وحرة مع أسرهم، ومع العالم الخارجي، وما فعلته السلطات حيال تسهيل وتشجيع هذه الاتصالات، والخطوات المتخذة لضمان توفير المحاكمة العادلة لهؤلاء الأفراد، في ضوء المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتمكين محاميهم من الوصول إلى جميع الأدلة المقدمة ضدهم، والحفاظ على هذه الضمانات خلال حالة الطوارئ الصحية.
وشدد الخبراء على ضرورة تقديم التفاصيل، ونتائج أي تحقيق قد تكون أجريت أو متوقعة، فيما يتعلق بادعاءات التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة، ونتائج أي تحقيق لضمان المحاكمة والجبر.
ودعا الخبراء الحكومة المصرية في ختام مذكرتهم، إلى تقديم معلومات عن التدابير المتخذة لمنع انتشار فيروس كورونا داخل مواقع الاحتجاز السابق للمحاكمة، مع تقديم تفاصيل، على وجه الخصوص، عن التدابير المتخذة لرصد وحماية السلامة الجسدية والعقلية للأفراد الواردة أسماؤهم في المذكرة، مثل التدابير الوقائية للحد من مخاطر العدوى، بما في ذلك النظر في تدابير بديلة للاحتجاز مثل الإفراج عنهم في انتظار الإجراءات.