تشعر القيادة الفلسطينية بخذلان لا تستطيع الإعلان عنه بعد، بسبب عدم حصولها على أي جواب رسمي إيجابي من الدول العربية بشأن القرض المالي الذي طلبته الأسبوع الماضي خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة. وكشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن بعض الدول العربية اتصلت بالقيادة الفلسطينية وعرضت عليها أن تقبل بعائدات الضرائب المقتطعة (المقاصة) كما تريد دولة الاحتلال الإسرائيلي، على أن ترسل هذه الدول العربية المبلغ المقتطع من الضرائب إلى السلطة على شكل مساعدات، لكن القيادة الفلسطينية رفضت. وأضافت المصادر: "ما يجري حالياً من قيام إسرائيل بالضغط على دول عربية وأوروبية، وترويج أن السلطة الفلسطينية تقوم برفض عائدات الضرائب ما يعني تأثر المواطن الفلسطيني، إلى جانب الضغوط الأميركية على الدول العربية بعدم تقديم مساعدات مالية أو قروض للسلطة، كله يصب في اتجاه واحد وهو خنق السلطة مالياً وإعلان الحرب الاقتصادية عليها، للإذعان لكل ما تريده الولايات المتحدة وإسرائيل لموافقة السلطة على صفقة القرن".
وبدا التشاؤم مسيطراً على حديث الرئيس الفلسطيني محمود عباس الإثنين خلال ترؤسه اجتماع الحكومة الفلسطينية الثالث، إذ قال: "الآن بعد الظروف التي مرينا بها من الناحية المالية طبعاً، طلبنا من الأشقاء العرب شبكة أمان، لا نعلق الكثير من الآمال، لكن إن شاء الله بيصير شي". وتابع: "طلبنا مائة مليون دولار في الشهر، قلنا لهم دين قرض حسن... والفلوس التي أخذتها إسرائيل منا، بدها ترجعها بطريقتنا مش بطريقتهم، وبس ترجع الفلوس بنعطيكم الدين، وحتى دين ما إجانا جواب عليه، ولكن علينا أن نتحمّل وأن نصبر". وتنبه عباس إلى أن كلمته يتم بثها مباشرة وقال: "فيه بث مباشر... يا حبيبي"، وسكت.
يُذكر أن السلطة الفلسطينية تعاني أزمة مالية خانقة، ما يضطرها لصرف 50 إلى 60 في المائة من رواتب موظفيها، والإعلان عن حالة تقشف في مصاريفها الرسمية حسب ما صرحت به الحكومة الجديدة. وكان وكيل وزارة المالية الفلسطينية فريد غنام، قد صرح في خبر نشرته "العربي الجديد" يوم 24 إبريل/نيسان الماضي، أن وزارة المالية وضعت خطة موازنة الطوارئ حتى شهر يوليو/تموز المقبل، في ظل استمرار أزمة الرواتب الناتجة عن قرصنة إسرائيل أموال المقاصة التي تجنيها نيابة عن السلطة الفلسطينية، مشدداً على أن هذه الخطة تشمل حتى شهر يوليو فقط، وأنه بعد ذلك يتطلب الأمر حلاً سياسياً. ووفق بيانات وزارة المالية الفلسطينية فإن عائدات الضرائب "المقاصة" التي تقوم إسرائيل بجبايتها حسب اتفاق "باريس الاقتصادي" نحو 190 مليون دولار، وأن ما تقوم باقتطاعه من مخصصات الشهداء والجرحى والأسرى نحو 11 مليون و200 ألف دولار أي 6 في المائة من إجمالي قيمة المقاصة.