مقاولو البرلمان المصري يضغطون على الحكومة لتمرير قانون تعويضاتهم

21 مارس 2017
عامل قرب أكياس إسمنت في القاهرة (عمرو صلاح الدين/الأناضول)
+ الخط -

من ضمن الاتهامات التي وجهت إلى البرلماني المصري، محمد أنور السادات، واستند إليها مجلس النواب في قرار إسقاط عضويته، نهاية فبراير/ شباط الماضي، القول إن له "مصلحة شخصية" في التقدم بمشروع قانون الجمعيات الأهلية، على اعتبار أنه يرأس مجلس إدارة إحداها. وفي المقابل، يغض البرلمان الطرف عن النواب أصحاب المصالح في التشريعات المقدمة، طالما أنهم من الموالين للنظام.

ويصل عدد أعضاء لجنة الإسكان والمرافق العامة في البرلمان إلى 49 نائباً، غالبيتهم من أصحاب شركات المقاولات، الذين يضغطون على الحكومة لتمرير مشروع قانون "تعويضات عقود المقاولات والتوريدات والخدمات العامة"، المقدم من الحكومة و76 نائباً، ووافق عليه مجلس النواب، من حيث المبدأ، في يناير/ كانون الثاني الماضي. وينص مشروع القانون على إنشاء لجنة دائمة، تحت اسم "اللجنة العليا للتعويضات"، مقرها وزارة الإسكان، وتختص بوضع أسس وضوابط ونسب التعويضات التي تستحق على عقود المقاولات والخدمات والتوريدات، التي تكون الدولة طرفاً فيها، أو أي من الأشخاص ذوي الاعتبارية العامة أو الخاصة في ما بينهم، بدعوى التعويض عن الأضرار الناشئة عن الظروف الاستثنائية، أو أية قرارات يترتب عليها الإخلال بالتوازن المالي للعقود.

وأعاد البرلمان القانون إلى الحكومة، لإعادة صياغته مرة أخرى، بالتنسيق مع مجلس الدولة (جهة قضائية)، بعد أن وجّه رئيسه، علي عبد العال، انتقاداً لصياغة المادة الأولى الخاصة بتطبيق القانون على العقود القائمة اعتباراً من 14 مارس/ آذار 2016، وقوله إن النص معيب، لأنه يعني أن القانون سيطبق على العقود التي جرى إبرامها بعد ذلك التاريخ. وتشهد هذه المادة خلافات واسعة بين الحكومة والنواب، بتعلقها بالمدى الزمني لتطبيق نصوصه. فأعضاء لجنة الإسكان من النواب يتمسكون بتطبيق القانون بصورة دائمة، ويتحفظون على التاريخ الوارد بشأن بداية احتساب صرف التعويضات، بينما ترى الحكومة ضرورة أن يكون مؤقتاً، ومُحدداً بمدة زمنية، نظراً للأوضاع الاستثنائية التي تعيشها البلاد. ويطالب النواب من خلال القانون بتعويض الحكومة للمقاولين عن الأضرار الناشئة من جراء تحرير سعر صرف العملة المحلية (الجنيه)، بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، والزيادة في أسعار مواد البناء الأساسية، حتى لا تتوقف الأعمال في "المشروعات القومية"، وتجنب خطر إفلاس الشركات المسجلة في الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، وفق تصريحاتهم.



انسحاب 2000 شركة مقاولات

وقال عضو ائتلاف "دعم مصر"، مقدم مشروع القانون، عماد حمودة، إن القانون سيُناقَش خلال الجلسة العامة في 26 مارس الحالي، بعد إدخال الحكومة للتعديلات المطلوبة على نصوصه، معتبراً أن القانون سيحقق التوازن في التعاقدات بين الشركات والحكومة، من خلال صرف التعويض في حال ارتفاع سعر المواد الخام، أو حصول الحكومة على فوارق الأسعار حال انخفاضها. وأضاف حمودة، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن تأخر إصدار القانون "أدى إلى انسحاب نحو ألفي شركة مقاولات من السوق المصري بسبب ارتفاع أسعار الخامات الأساسية لقطاع البناء"، مشيراً إلى أن قطاع المقاولات يمر بأزمة كبيرة نتيجة الزيادة المستمرة في الأسعار عقب قرار "تعويم الجنيه"، واكتفاء الحكومة بدور المشاهد. وحذر حمودة، وهو رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للتجارة والمقاولات، وعضو في لجنة الإسكان، من تداعيات عدم إقرار قانون التعويضات، لما سيشهده قطاع المقاولات من تعثر وهروب الاستثمارات إلى خارج البلاد، ما يشكل خطورة على القطاع، الذي ظل خلال العقود الماضية أحد أهم وسائل الاستثمار الآمن.

وتضم لجنة الإسكان عدداً كبيراً من أصحاب شركات المقاولات، وجميعهم من الموقعين على القانون، ما يعد "مثلاً صارخاً لتضارب المصالح تحت قبة البرلمان"، فرئيسها، علاء والي، يرأس مجلس إدارة شركات "الوالي" للإنشاء والتعمير، ووكيله عبد الوهاب خليل، يشغل منصب مدير المبيعات في مجموعة شركات "طلعت مصطفى" للمقاولات. وتضم اللجنة في عضويتها رئيس مجلس إدارة شركة مصر للتشييد، معتز محمود، ومالك ومدير مجموعة شركة معمار الأشراف للاستثمارات العقارية، أمين مسعود، ومالك مجموعة الغنيمي للتجارة والمقاولات، عمر الغنيمي، وصاحب شركة العقاد للأعمال الهندسية، محمد العقاد، وصاحب مكتب المراغي للمقاولات والتوريدات العمومية، هشام الشطوري. كما تضم صاحب شركة آمون للمقاولات، حسين خاطر، وصاحب شركة الهادي للمقاولات العمومية والمتكاملة، عبد الهادي بعجر، ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات عثمان أحمد عثمان، محمود عثمان، ومالك مكتب الشرباصي للعقارات، فوزي الشرباصي، والمدير الشريك في شركة التيسير للتجارة والمقاولات، عمر وطني.

وقال رئيس اللجنة، في بيان، إن "الصياغة النهائية للقانون أوشكت على الانتهاء، ليعرض على البرلمان خلال أيام قليلة، ولا توجد خلافات بين البرلمان والحكومة بشأن تعديل بعض مواده، في ظل حرص الحكومة على حقوق شركات المقاولات، والعاملين بها، والظروف الاقتصادية الراهنة التي أثرت بالسلب على قطاع البناء". واعتبر أن التعديلات التي سيتم إدخالها على القانون "ستراعي المصلحة العامة لجميع الشركات التي تأثرت بالقرارات الاقتصادية الأخيرة"، وأن اللجنة البرلمانية تسعى للحفاظ على المصلحة العامة للجميع، استناداً إلى مبدأ "لا ضرر ولا ضرار". وتابع "لا داعي لأي هجوم يوجه للحكومة أو البرلمان بسبب تأخر عرض القانون، فقريباً سيرى النور". واستشهد ببيانات "اتحاد المقاولين"، التي تقول إن هناك 1989 شركة أعلنت إفلاسها حتى تاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأن هناك "تباطؤاً حاداً في تنفيذ المشروعات القومية، وخسائر في مصانع الإسمنت والحديد، بعد توقف بعض خطوط الإنتاج، نظراً لعدم استخدام الطاقة الكاملة لتشغيلها".

مخالفة الدستور واللائحة

ونصت المادة 103 من الدستور المصري، على أن "يتفرغ عضو مجلس النواب لمهام العضوية، ويحتفظ له بوظيفته أو عمله وفقاً للقانون". كما نصت المادة 375 من لائحة البرلمان على "اتخاذ عضو المجلس، فور اكتسابه العضوية، الإجراءات اللازمة لفصل ملكيته في أسهم أو حصص الشركات عن إدارة أي أسهم أو حصص في هذه الشركات، خلال مدة لا تتجاوز 120 يوماً من أدائه اليمين". ويخالف رجال الأعمال تحت قبة البرلمان المصري نصوص الدستور واللائحة، من دون حرج، إذ يمارسون أعمالهم التجارية علانية، ويقدمون مشروعات القوانين التي تخدم مصالحهم، بعدما عطل رئيس البرلمان المادة 380 من اللائحة، التي تنص على تخصيص وحدة في الأمانة العامة للمجلس النيابي، من عناصر قانونية وفنية ومالية، تحت اسم "تجنب تعارض المصالح".

المساهمون