مقاعد الحج محور جديد للتنافس الحزبي في العراق

02 يوليو 2019
رفعت السعودية حصة العراق لـ50 ألف مقعد(حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
فتح قرار السلطات السعودية، الشهر الماضي، رفع عدد مقاعد الحج المخصصة للعراق إلى 50 ألف مقعد، باباً آخر للتنافس بين القوى والكتل السياسية العراقية، التي تحصل على نسب محددة من تلك المقاعد سنوياً، عدا عما يُعرف في العراق بمقاعد المجاملة أو "حج المجاملة"، التي تقدّمها السعودية لمسؤولين وسياسيين وزعماء عراقيين بشكل سنوي خارج الحصة المقررة.
التنافس الذي بدأ مبكراً بين الأحزاب والقوى السياسية المختلفة حول هذه المقاعد، دفع زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر الأسبوع الماضي إلى مطالبة الحكومة بمنع السياسيين من الذهاب للحج "ولو لهذه السنة فقط، وإن منعت مراراً كان أفضل"، داعياً إلى منع التعامل مع الملف بصبغة طائفية، و"تشكيل لجنة موثوقة لهذا الأمر".

وقال مسؤول عراقي في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي "وجّه الهيئة العليا للحج والعمرة برفع تقرير مفصل حول أي حزب أو جهة تضغط من أجل الحصول على مقاعد حج إضافية، وذلك لمنع تحوّل الموضوع إلى ملف جديد للتنافس والمحاصصة"، مشيراً إلى أن "التنافس يجري بشكل بعيد عن الأضواء بين الكتل السياسية الكبيرة والصغيرة من أجل الحصول على نسبة من مقاعد الحج المخصصة للعراق، بعد رفع السعودية تلك المقاعد إلى مستوى قياسي غير مسبوق وهو 50 ألف مقعد، وهناك من يقترح 15 مقعد حج لكل برلماني، وآخرون يعتبرون التوزيع يجب أن يكون بعيداً عن حجم الكتلة البرلمانية ذاتها".

وكشف عن وجود أكثر من 100 برلماني حتى الآن سجلوا للذهاب إلى الحج، موضحاً أن التوزيع يكون على نحو ثابت سنوياً، حصص لرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والبرلمان، ثم حصص مكاتب الوزراء ووكلائهم، وحصص الهيئات المستقلة، وصولاً إلى مكاتب المراجع الدينية والوقفين السنّي والشيعي، وتنتهي عند حصص كل كتلة وحزب سياسي ومكاتب المحافظين، وهذه بالنهاية تُباع أو تذهب كهدايا لجهات أخرى، لافتاً إلى أن العراق، العام الماضي، شهد تخصيص أكثر من 3 آلاف مقعد حج لمسؤولين وسياسيين عدا المقاعد التي تهديها السعودية بشكل مباشر لزعامات وساسة عراقيين.
وحول الخلاف الحالي، أوضح أن قوى سياسية تريد حصصاً ثابتة لها بحسب ثقلها البرلماني، وأخرى تعتبر أنها لم تحصل على استحقاقها وتريد "حصصاً منصفة" تعويضاً عن فترة احتلال تنظيم "داعش" مناطقها وحرمان الكثير منهم الذهاب إلى الحج في السنوات الأربع الماضية.

وأعلن مكتب الرئيس العراقي برهم صالح أمس الإثنين، أنه استقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة في بغداد، خالد العطية، وبحث معه الاستعدادات لموسم الحج المقبل والجهود لرفع أعداد الحجاج العراقيين وتهيئة الأجواء المناسبة لأدائهم المناسك.


من جهتها، اتهمت لجنة الأوقاف البرلمانية، السفارة السعودية بتخصيص حصص "مجاملة" للسياسيين، وهو ما سبّب هذا الخلاف، فبعض الجهات التبس عليها الأمر وتتوقع أن هذه الحصص من ضمن حصة العراق بينما هي حصص مجاملة من السعودية قدّمتها لها. وقال عضو لجنة الأوقاف في البرلمان، علي جبار، لـ"العربي الجديد"، إن "السفارة السعودية حددت سياسيين وشخصيات وجهات بشكل مسبق وقدّمت لهم ما يسمى (حج مجاملة)"، مضيفاً أن بعض السياسيين والنواب حصلوا على مئات من المقاعد".

أما هيئة الحج والعمرة، المسؤولة عن تنظيم مقاعد الحج وتوزيعها، فنفت تخصيص مقاعد لجهات معينة هذا العام. وقال المتحدث باسم الهيئة، حسن فهد، لـ"العربي الجديد"، "لا يوجد أي مقعد مخصص للنواب أو ما تسمى الدرجات الخاصة"، مؤكداً أنّ "كل المقاعد لهذه السنة ستكون للحجاج الذين ظهرت أسماؤهم ضمن قرعة هذا العام".
غير أن النائب طلال الزوبعي، أوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المقاعد الخاصة التي تذهب كل سنة إلى الحج تتراوح بين 300 و400 مقعد خاص"، مطالباً "هيئة الحج بأن تتخذ إجراءات سريعة بمنع منح تلك المقاعد وإلغاء كافة الامتيازات التي تخص الدرجات الخاصة والكتل السياسية والسياسيين". وشدد على ضرورة أن تكون هناك مقاعد خاصة لكبار السن، الذين لم يحصلوا على فرصة أداء الفريضة".

وفي السياق، قال سياسيون وناشطون إن السعر الحالي للمقعد تجاوز 3500 دولار، وهناك جهات حزبية ومكاتب سياسيين باشرت جمع أسماء من يرغب بالشراء من الآن وهم بالعادة المواطنون الذين لم تظهر أسماؤهم في قرعة الحج ويرغبون الاستعجال في إتمام الفريضة. محمد الخياط أحد متعهدي نقل الحجاج، أوضح أن "هناك الكثير من السياسيين عن طريق وسطاء أتعامل معهم، يبيعون مقاعد الحج بعدما يأخذون كفايتهم منها"، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "سعر المقعد يتراوح بين 3500 دولار إلى 4 آلاف دولار وقد ينخفض هذا العام بسبب وفرتها بعد رفع السعودية حصة العراق".