وبينما لم توقع سورية على ميثاق المحكمة الدولية، فإن الأردن من الموقعين على ميثاق تأسيسها.
وتنصّ المذكرة التي قدمها المركز المسجل في كل من بريطانيا والولايات المتحدة على أن "الوضع المتعلق بسورية (في إشارة إلى المدنيين الذين تم ترحيلهم قسراً إلى الأردن) يشبه الوضع الذي تم النظر فيه بما يخص الجرائم المرتكبة ضد أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار".
وأضافت المذكرة أنه "على الرغم من أن سورية ليست دولة طرفاً في اتفاق روما الأساسي، لكن الأردن كذلك، وبالتالي يجب منح الاختصاص للمحكمة، وإن الخروج عن هذا الحكم يمثل تناقضاً وسيعكس تعاملاً مع الصراع السوري بطريقة مختلفة".
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أعلنت في سبتمبر/ أيلول الماضي عن إطلاق تحقيق أولي شامل في جرائم ارتكبت ضد أقلية الروهينغا المسلمة، يصل بعضها إلى الإبادة الجماعية، تمهيداً لفتح تحقيق شامل في الأزمة المتهمة فيها حكومة ميانمار.
وتشمل الجرائم التي ستنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية الحرمان من الحقوق الأساسية والقتل والعنف الجنسي والاختفاء القسري والتدمير والنهب، والأعمال القسرية التي ربما أدت إلى "النزوح القسري" لمسلمي الروهينغا على خلفية عمليات عسكرية لجيش ميانمار خلال عام 2017، أدت إلى مقتل الآلاف وفرار مئات الآلاف من الروهينغا إلى بنغلاديش المجاورة.
ورغم أن دولة ميانمار لم تنضم إلى الاتفاقية المنظمة للمحكمة، فقد أعلن القضاة أن سلطتهم القضائية تشمل الجرائم المزعومة ضد الروهينغا، وذلك لعضوية دولة بنغلاديش في المحكمة الجنائية الدولية.
وتعتمد المذكرة على أوجه التشابه بين الوضع فيما يتعلق بالروهينغا في بنغلاديش والسوريين في الأردن، ويأمل مركز جيرنيكا أن يقبل مكتب المدعي العام، بحجة أنه يتمتع بالولاية القضائية على بعض الجرائم التي يعاني منها المدنيون السوريون، بما في ذلك حالات التهجير القسري والاضطهاد، وغيرها من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية، وبالتالي الشروع في إجراء تحقيق، وبذلك يكون مكتب المدعي العام حرّاً في الوفاء بولايته.
وفي تعليقه على الأمر، قال توبي كادمان، وهو الشريك المؤسس لمركز جيرنيكا لـ"العربي الجديد": "فيما يتعلق بفرص قبول المحكمة الدولية للطلب المقدم، فأستطيع القول إنها قوية. لقد أقرت المحكمة عام 2018 أن ولايتها القضائية تشمل التعامل مع شكاوى الترحيل القسري التي تعرض لها الروهينغا بناء على مبدأ قانوني مماثل. وفي تلك الحال قضت المحكمة بأن ولايتها القضائية تستند إلى عضوية بنغلادش في المحكمة الدولية".
وأضاف "بالنسبة لسورية قد تكون الحجة أقوى. فقد أجبر نحو مليون سوري على الفرار (إلى الأردن) بسبب الأوضاع في سورية، وبسبب الخطورة الحقيقية، سواء من الاعتقال أو التعذيب أو الإعدام، أضف إلى ذلك كله التجنيد القسري في الجيش السوري. لا مجال للعودة الآمنة".
وتابع أنه مع تسوية القضايا القانونية، "يجب على المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية أن يفتح تحقيقاً أولياً، والذي قد يقود، في تقديرنا، إلى تحقيق شامل".
وشدد كادمان على أن "المذكرة تركز على المدنيين الذين أجبروا على الفرار إلى الأردن. ولكنها تركز أيضاً على الظروف المحيطة بالصراع، والتي تشمل أيضاً القصف الجوي واستخدام الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة المحرمة، والاعتقالات الجماعية والتعذيب وإعدام الآلاف من المدنيين، إضافة إلى حقيقة أن أكثر من نصف تعداد سكان سورية قبل الحرب قد أجبروا على الهرب من منازلهم، أو اعتقلوا أو قتلوا في ظروف مرعبة".
وأضاف: "المذكرة موجهة ضد قيادة النظام السوري، وقواته المسلحة وقوات أمن الدولة، وفروع المخابرات العسكرية. لقد تم طلب أن يتحمل رئيس سورية، بشار الأسد، المسؤولية النهائية. وبينما يمكن الإقرار بأنه يمتلك الحصانة على المستوى الوطني، إلا أنه قد لا يمتلكها على الصعيد الدولي".
واختتم بالقول: "يجب التوضيح أن محكمة الجنايات الدولية عندما تتعامل مع قضايا مماثلة، فإنها تركز على "الوضع" وليس الأفراد. وذلك يأتي لاحقاً. كما يجب التأكيد على أن هذه المذكرة ليست موجهة ضد الأردن أو أي من السلطات الأردنية. فهم لا يعتبرون مسؤولين بأي طريقة".
ومركز جيرنيكا للعدالة الدولية هو منظمة غير ربحية، وتعمل على آليات المحاسبة في سورية منذ منتصف عام 2011.