مفوضة أممية تدعو الحكومات لحماية السجناء من كورونا

26 مارس 2020
ضمان حماية الأشخاص المحتجزين في السجون (فرانس برس)
+ الخط -



دعت مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، الحكومات إلى اتّخاذ إجراءات عاجلة، ضمن إطار الجهود الشاملة المبذولة لاحتواء تفشي فيروس كورونا الجديد (كوفيد 19)، تهدف إلى حماية صحة وسلامة الأشخاص المحتجزين في السجون وفي المرافق المغلقة الأخرى.

وقالت باشيليت في بيان صحافي أمس الأربعاء: "بدأ فيروس كورونا يجتاح السجون ومراكز احتجاز المهاجرين، ودور الرعاية السكنية ومستشفيات الطب النفسي، ويهدد بالانتشار بين سكان هذه المؤسّسات الأكثر عرضة للخطر".

وأضافت قائلة: "في العديد من البلدان، تكون مرافق الاحتجاز مكتظّة، وبشكل خطير أحيانًا. وغالبًا ما يتم احتجاز الأشخاص في ظروف غير صحية، حيث الخدمات الصحية غير كافية أو غير متوفّرة حتّى. وبالتالي، يبقى التباعد الجسدي والعزل الذاتي في ظلّ هذه الظروف مستحيلَين عمليًا".

وأكّدت: "تواجه الحكومات مطالب هائلة لتأمين الموارد الضرورّية خلال هذه الأزمة، وعليها أن تتّخذ قرارات صعبة. لكنني أحثها على ألا تغفل أبدًا من يقف وراء القضبان، والمحاصرين في أماكن مثل مرافق الصحة العقلية المغلقة، ودور العجزة، ودور الأيتام، لأن عواقب إهمالهم قد تكون كارثية".

وتابعت: "من الضروري أن تعالج الحكومات وضع المحتجزين عندما تخطّط للتصدّي للأزمة، فتحمي المعتقلين والموظفين والزوار والمجتمع الأوسع نطاقًا".

وقالت باشيليت: "مع تفشي المرض وارتفاع عدد الوفيات المبلغ عنها في السجون وغيرها من المؤسسات في عدد متزايد من البلدان، على السلطات أن تتحرّك فورًا لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح في صفوف المحتجزين والموظفين".

وحثت المفوضة السامية الحكومات والسلطات المعنيّة على المبادرة إلى العمل بسرعة لتخفف من عدد المحتجزين، مشيرة إلى أن العديد من البلدان قد اتّخذ في الواقع بعض الإجراءات الإيجابية. وعلى السلطات أن تدرس سبل الإفراج عن الأشخاص المعرضين بشكل خاص لخطر الإصابة بفيروس كورونا، ومن بينهم المعتقلون الأكبر سنًا والمرضى، بالإضافة إلى المجرمين الذين يمثّلون خطرًا ضئيلاً. كما عليها أن تواصل توفير متطلّبات الرعاية الصحية المحدّدة للسجينات، بمن فيهن الحوامل، والسجينات ذوات الإعاقة والمحتجزات من الأحداث.

وشدّدت باشيليت على أنه "يتعين على الحكومات حاليًا أكثر من أي وقت مضى، أن تفرج عن كل محتجز بدون أساس قانوني كافٍ، بمن في ذلك السجناء السياسيون وغيرهم ممن احتُجز لمجرد تعبيره عن آراء ناقدة أو معارِضة".

وقالت إنه عندما يتم إطلاق سراح المحتجزين، يجب فحصهم طبيًا واتّخاذ التدابير اللازمة لضمان تلقيهم عند الضرورة الرعاية والمتابعة المناسبة، بما في ذلك المراقبة الصحية. وإن الدول ملزمة، بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، باتخاذ خطوات تمنع التهديدات المتوقعة للصحة العامة، وبضمان حصول جميع الذين يحتاجون إلى رعاية طبية ضروريّة على الرعاية.

وبالنسبة إلى المحتجزين، يقع على الدولة واجب خاص بحماية الصحة البدنية والعقلية للسجناء ورفاههم، بحسب ما تنصّ عليه قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (المعروفة أيضًا بقواعد نيلسون مانديلا).

ويجب ألا تؤدي أبدًا التدابير المتّخذة للتصدي لأي أزمة صحية إلى تقويض الحقوق الأساسية للمحتجزين، بما في ذلك حقهم في الحصول على قدر كافٍ من الغذاء والماء. كما يجب احترام الضمانات الواقية من سوء المعاملة، بما في ذلك إمكانيّة الاتصال بمحام وطبيب.

وتابعت: "قد تُفرَض قيود على زيارة المؤسسات المغلقة للمساهمة في منع تفشي فيروس كورونا، ولكن يجب اعتماد مثل هذه الخطوات بطريقة شفافة ونشرها على المتضرّرين بكلّ وضوح. فمنع الاتصال فجأة مع العالم الخارجي قد يؤدي إلى تفاقم مواقف قد تكون أصلاً متوترة وصعبة وخطيرة".

وأشارت المفوضة السامية إلى أمثلة عن التدابير البديلة المتّخذة في بعض البلدان، على غرار إجراء اتّصالات موسّعة عبر الفيديو، وزيادة عدد المكالمات الهاتفية مع أفراد الأسرة والسماح باستخدام البريد الإلكتروني.

وحذّرت باشيليت قائلة: "يطرح فيروس كورونا تحديًا كبيرًا يطاول المجتمع بأسره، حيث تتّخذ الحكومات خطوات لفرض التباعد الجسدي. ومن الضروريّ دعم مثل هذه التدابير، لكنني قلقة للغاية من أنّ عددًا من البلدان يهدّد بفرض عقوبات بالسجن على من لا ينفّذ الإجراءات المفروضة، ما قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الخطير في السجون من دون أن يخفّف فعلاً من انتشار المرض. ويجب أن يشكّل السجن الملاذ الأخير، لا سيّما خلال هذه الأزمة".

ومن المقرر أن تُصدر هذا الأسبوع مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية ورقة توجيهية مؤقتة بعنوان فيروس كورونا: التركيز على المحرومين من حريّتهم، وتتضمن رسائل وإجراءات أساسيّة تستهدف وكالات الأمم المتحدة الأخرى والحكومات والسلطات المعنيّة والمؤسسات الوطنيّة المعنية بحقوق الإنسان والمجتمع المدني.