مأساة أخرى لا تختلف عن مأساة الكثيرين، يحكي فصولها تامر الشحات، شقيق محمد، الشاب الثلاثيني الذي اختفى أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، ولم يظهر له أثر لحد الآن، فلا خبر مفرح يبشر والدته، ولا جثمانه ظهر لدفنه وتوديعه إلى الأبد.
يقول تامر الشحات، لـ"العربي الجديد": "كان شقيقي يقف وسط مجموعة من أصدقائه داخل ميدان رابعة العدوية بالقرب من المستشفى الميداني قبل أن تباغتهم قوات الأمن بوابل من الرصاص الحي، وقنابل الغاز، ليُفاجأ أصدقاؤه عقب الهرج الذي حدث باختفاء محمد تماما، فلم يروه منذ تلك اللحظة ولا يعرفون ما إذا كان أصيب أو لقي حتفه أم ألقي القبض عليه من جانب القوات التي اقتحمت الميدان".
يواصل تامر عرض مأساة أسرته، قائلاً "والدي متوفى، ووالدتي بين الحياة والموت منذ اختفاء نجلها الأكبر"، مضيفاً "لم نترك باباً إلا طرقناه، ولكن للأسف دون أي جدوى".
ويتابع "ذهبنا للسجون والمستشفيات وقمنا بإجراء تحليل الخبرة الجينية DNA على أمل أن نعثر عليه بين الجثامين التي تجمعت بمشرحة زينهم، ولكن للأسف بدون فائدة، حيث لم نعثر على أي دليل يقودنا إلى معلومة عنه، سواء كان على قيد الحياة أم كان بين قوافل الشهداء في ذلك اليوم".
ويضيف تامر لـ"العربي الجديد": "ذهبنا إلى النائب العام والمحامي العام، وفي كل مرة يقولون لنا حرروا محضرا وسنرد عليكم، وننتظر دون جدوى ولا أحد يجيبنا"، متسائلا "هل معرفة خبر وفاة أو حياة أخي أمر صعب على دولة بحجم مصر؟ أم أن من يديرون هذا البلد لا يعبأون بألم أمٍّ تعيش منذ ثلاث سنوات بين الحياة والموت على أمل معلومة واحدة تبرّد نار قلبها؟".
ويستدرك قائلا: "لو كان المسؤولون عن هذه المأساة يدركون حجم المعاناة التي نعيشها وكم أن الأمل يقتل في بعض الأحيان مثله مثل الرصاص والسكين، لما تركونا هكذا، وهم يبخلون حتى بمجرد كلمة تقول لنا أين هم أو أين جثثهم؟".
ويرفض تامر الاستسلام للأمر الواقع والرضوخ للوائح والقوانين المصرية التي تنص على استخراج شهادة وفاة لمن تجاوزت مدة اختفائه 5 سنوات، قائلا "لن نستسلم لذلك، ولن نقبل بشهادة الوفاة إلا في حال أخبرونا بمكان جثمانه".