مفتاح القدس ليس ورقاً

23 يونيو 2015
+ الخط -
لم تتأخر الإجابة عن الجدل الطويل في الأوساط الرسمية الفلسطينية عن تصاريح الاحتلال الإسرائيلي، من دون تململ نطق أصحاب الحق الجوهرة، فرسم منفذ عملية القنص قرب مستوطنة عوريف برصاصه طريق القدس، وأسرج قناديلها أخوه ياسر طروة بدمائه، ومن قبلهم شهيد كفر مالك، عبد الله غنايم، الذي مضى في الدرب نفسه. 
قالوها وأسمعت كلماتهم من بهم صمم أن شعبنا لا يلتفت لتكتيكات قبول تصاريح الاحتلال ورفضها، وأن حقنا في هذه الأرض لا يخضع لموافقة وتصريح من ارتباط الاحتلال، يكفي تسخيفاً لأعدل قضية على وجه الأرض، يكفي تمييعا لها، وكأنهم صرخوا بهذه الكلمات، وانفجروا بوجه الاحتلال.
شعب سئم سخافة مهاترات المستوى الرسمي وتطلعاته، ينتفض دوما لأجل حقوقه، ليس كما يتوقع المحللون وصانعو القرار في دولة الاحتلال أنه لا خطر قادماً عليها من الضفة، وأن أبناء الضفة، الآن، مغيبون عن قضيتهم، إلى درجة أنه أصبح يؤمن جانبهم من الوصول إلى عمق الأراضي المحتلة بتصريح.
لم يكتمل عام على مجازر الاحتلال في القدس وغزة، فما زالت حادثة الطفل محمد أبو خضير في أذهاننا، ولم تجف بعد دماء شهداء غزة. اعتقد الاحتلال أن كثرة الإثخان في شعبنا ستصنع له قوة ردع، معتقداً أنه إذا أكثر من المجازر فذلك سيرهب أصحاب الحق من النضال لنيل حقوقهم، فتنكسر، في هذه الأيام، نظرية ردعه أمام سكاكين المقاومين ورصاصاتهم، في رسالة واضحة للاحتلال أن كثرة القتل لا تصنع الردع، وأن الدماء لا تصنع لهم الأمن.
وصل الشهيد طروة إلى القدس، بطريقته الخاصة، ولم تكن زيارته القدس مبعث سكينة، كما يفترض بعضهم، وكيف ذلك، وهو يراها بأم عينه تنتهك، يجول الاحتلال بمسجدها ويصول، في القدس حتى الجدران مكبلة، كل شيء فيها محاصر، الأطفال في حاراتها يلعبون على مرأى كاميرات الاحتلال. شاهد طروة ذلك عن كثب وانتفض بسكينه.
واجه طروة بسلاحه وردائه الأبيضين جنود الاحتلال بزيهم وسلاحهم الأسود، ترك كل من في القدس من صهاينة بلباس مدني، وذهب ليواجه الجنود على أعتاب المسجد الأقصى. اجتاز كل الصعوبات حتى يصل إلى القدس. وعندما وصل، لم يختر أن يكمل المشوار حتى يصلي في المسجد الأقصى، بل قرر أن تكون على أبواب القدس نهايته وبداية مرحلة جديدة، مرحلة تمحو زيف التكتيكات الوهمية، ويُقهر فيها الجنود المتمترسون المتلذذون بمعاناة الكهول في مسيرهم نحو القدس.
طلاب أوطان نحن، ولسنا طلاب تصاريح، لا تقزموا قضيتنا، وتضيعوا بلادنا يا سادة التكتيكات الوهمية. أعيدوا تقييمكم شعبكم، وأبلغوا الاحتلال عبر تنسيقكم الأمني بأن هذا الشعب لا يروّض، وإذا كانت التصاريح حلوان خنوع هذا الشعب، فلا بد أن الرسالة وصلت إليكم، بأنكم مازلتم في نظر هذا الشعب مجرد احتلال، فأعيدوا تصاريحكم "وانقعوها واشربوا ميتها".
avata
avata
محمد القدومي (فلسطين)
محمد القدومي (فلسطين)