مفاوضات الحوثيين والسعودية: فرصة جديدة للحل غير محسومة النتائج

17 مارس 2018
الصماد: السعودية ليست مستعدة للسلام (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

مرة أخرى، يعود الحديث عن مفاوضات بين السعودية وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، في اليمن، في ظل الجولة الخارجية التي يقوم بها وفد من الجماعة، برئاسة محمد عبد السلام، وشملت دولاً أوروبية. ويأتي ذلك، بالتزامن مع مرور عامين، على المفاوضات الحوثية السعودية، التي كُتب لها الفشل، على الرغم من وصولها إلى مرحلة متقدمة.

واللافت عدم وجود أي تأكيد رسمي لحدوث المفاوضات لتبقى المعلومات المسربة المصدر الرئيسي للمعلومات. والتزم المتحدث الرسمي للحوثيين، رئيس وفد الجماعة المفاوض، محمد عبد السلام، الصمت، إزاء الأنباء التي تحدثت عن تواصله مع المسؤولين السعوديين. كما تحفَّظ مصدر قيادي قريب من وفد الحوثيين المفاوض، تواصلت معه "العربي الجديد" أمس الجمعة، عن نفي أو تأكيد ما تردد من أنباء عن مفاوضات سرية بين الجماعة والسعودية، تجري في دولة ثالثة، للوصول إلى تفاهمات من شأنها أن تؤدي إلى إنهاء الحرب أو إبرام تهدئة على الأقل، بين الطرفين. كذلك نفت الحكومة اليمنية الشرعية ومسؤول في التحالف، الذي تقوده السعودية، وجود مفاوضات بين الرياض والحوثيين.

لكن تأكيد حدوث المفاوضات، لو بصورة غير مباشرة، أتى على لسان عضو المكتب السياسي لـ"أنصار الله"، علي القحوم، في حديث مع وكالة "سبوتنيك الروسية"، مشيراً إلى أن المفاوضات غير المباشرة مع السعودية تتم عن طريق سلطنة عمان، وهو ما يتقاطع، إلى حد ما، مع ما ذكرته وكالة "رويترز" أول من أمس التي نقلت عن دبلوماسيين ومسؤولين يمنيين قولهم إن التواصل بين الحوثيين والسعوديين يتم في سلطنة عمان بشأن حل شامل للصراع. وبينما ذكرت "رويترز" أن عبد السلام تواصل بشكل مباشر مع مسؤولين سعوديين، قال القحوم لوكالة "سبوتنيك"، أمس الجمعة، إنه "على حد علمي لا يوجد لقاء مباشر يجمع أنصار الله وشخصيات سعودية، وإنما هناك لقاءات عبر وسطاء من سلطنة عمان، هم يتوسطون ما بيننا وما بين السعودية". وتابع عضو المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله": "هناك تفاوض غير مباشر"، قبل أن يتحدث عن أنه "هناك مؤشرات إيجابية إلى حد ما (في المفاوضات)". ووفقاً لما نقل عنه "فإنه على الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، فإن الحركة لا تؤمن بالمفاوضات مع السعودية"، مشيراً في الوقت نفسه، إلى أن السعودية تحاول كسب الوقت لكن ليس لديها نية لرفع الحصار ووقف العدوان لا في المستقبل القريب ولا في وقت لاحق. وشدد القحوم على أنه خلال المفاوضات، أثيرت مسألة فتح الموانئ في اليمن، وعلى وجه الخصوص، ميناء الحديدة على البحر الأحمر، مشيرا إلى أن الأطراف لم توافق بعد على أي بند.


وفي السياق نفسه، نفت جماعة الحوثيين، على لسان رئيس ما يُعرف بـ"المجلس السياسي الأعلى"، صالح الصماد، أن يكون ممثل الجماعة زار السعودية. وقال الصماد، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اليمنية بنسختها التي يديرها الحوثيون، "هناك من يقول إن محمد عبد السلام في السعودية. يريدون ابتزازنا". وأضاف الصماد، الذي يترأس، واجهة أعلى هيئة سلطة في مناطق سيطرة الحوثيين، "نحن نعرف أن السعودية ليست مستعدة للسلام، وأن قرارها ليس بيدها، وإلا كنا جلسنا على طاولة ونتفاوض تفاوض الشجعان، لكن القرار ليس بيدهم، ونحن لن نساوم بكرامة الشعب اليمني وتضحياته إطلاقاً. فما نراه يحفظ للناس كرامتهم وتضحياتهم سنمضي فيه، وإذا هم يريدون إذلال الشعب اليمني والانتقاص من كرامته سنقول لهم لا، والشعب اليمني معنا في ذلك".



وعلى الرغم من نفي الحوثيين زيارة السعودية، إلا أن مصدراً سياسياً يمنياً مقرباً من الجماعة، رجح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يكون ممثلو الحوثيين قد التقوا بممثلين عن الجانب السعودي، خلال اللقاءات التي عقدها وفد الجماعة في مسقط خلال الشهرين الماضيين، مشيراً إلى أن مسقط سبق أن احتضنت هذا النوع من اللقاءات، بحضور دبلوماسيين أجانب خلال العام 2016، رافضاً أن يسمي ما حدث في وقت سابق بأنه يرقى إلى مفاوضات، بقدر كونه نقاشات حول وجهتي نظر الجانبين.

وكان وفد الحوثيين المفاوض، برئاسة محمد عبد السلام، غادر صنعاء في يناير/كانون الثاني الماضي، متوجهاً إلى العاصمة العُمانية مسقط، حيث التقى فيها بدبلوماسيين دوليين معتمدين لدى اليمن، ولقاءات أخرى لم يُعلن عنها. كما قام الوفد بزيارة إلى طهران، لم تكشف عنها سوى وسائل الإعلام الإيرانية، قبل أن يتوجه الوفد، الذي يضم إلى جانب عبد السلام قيادات أخرى، أبرزها عضو المكتب السياسي في الجماعة، عبد الملك العجري، إلى دول أوروبية، لم يتم تسميتها، غير أن مصادر غير رسمية، أشارت إلى قيام الوفد بزيارة إلى ألمانيا، كما ظهر الوفد في صور في تركيا. وكان لافتاً، أن الجماعة، وخلال جميع اللقاءات والزيارات الخارجية، لم تنشر أي معلومات رسمية، حولها، سواء بتسمية الدول، التي يزورها الوفد، أو عن تفاصيل اللقاءات التي عقدها، باستثناء مسقط، التي بقي فيها الوفد أغلب الفترة الماضية.

الجدير بالذكر، أن الحديث عن مفاوضات سعودية حوثية في دولة ثالثة، ومن دون علم الحكومة الشرعية، يأتي بعد مرور عامين، على الاختراق السياسي الكبير، الذي حدث في العام 2016، عندما توجه وفد من الحوثيين، برئاسة محمد عبد السلام، في 9 مارس/آذار من العام نفسه، إلى السعودية، وعقد لقاءات استمرت أسابيع، وكانت أولى نتائجها، هدنة على الحدود، إلا أن المفاوضات الحوثية السعودية، سرعان ما انهارت في وقت لاحق، وتحديداً مع نهاية يونيو/حزيران من العام نفسه.