مغالطات يوسف زيدان: جلبة بلا أسانيد تاريخية

28 يناير 2018
(استسلام ريتشارد الأول عام 1187، المتحف الوطني بدمشق)
+ الخط -

ظهور يوسف زيدان بشكل أسبوعي في أحد البرامج التلفزيونية المصرية يفتح في كل مرة باب الجدل حول ضرورة المراجعة التاريخية لكل ما يُطلقه من زوبعات باعتبارها حقائق تاريخية، وهي فضلاً عن أخطائها، تكمن خطورتها الكبرى في تغييب الوعي الجمعي كما يرى مختصّون.

علي القمّاش رئيس لجنة الأداء النقابي بـنقابة الصحافيين المصرية، قال في ندوة عقدت في النقابة الأربعاء الماضي إن اللجنة الثقافية في النقابة دعت زيدان أكثر من مرة إلى مناظرة بينه وبين المختصّين، حول عدد من التصريحات التاريخية التي أطلقها بخصوص الثورة العرابية وشخصية صلاح الدين الأيوبي وتاريخية المسجد الأقصى والقدس، إلّا أنه كان يرفض المشاركة في هذه الدعوات، ممّا دفع النقابة لعقد ندوة للرد على تصريحاته بحضور أيمن فؤاد رئيس "الجمعية المصرية التاريخية"، وعبد المنعم جميعي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الفيوم، وخالد حربي أستاذ المخطوطات بجامعة الإسكندرية.

اعتبر أيمن فؤاد تصريحات زيدان، التي ذكر فيها قيام صلاح الدين الأيوبي بإحراق مكتبة الفاطميين، غير صحيحة. وقال: "صلاح الدين عرض مكتبة الفاطميين للبيع، واشترى القاضي الفاضل وقتها مائة ألف كتاب، كما اشترى العماد الكاتب الأصفهاني مائة ألف كتاب، يوجد منها حالياً مائة ألف كتاب بـ"دار الكتب والوثائق القومية"، فالمكتبة بيعت بالكامل ولم يتم إحراقها أو إتلافها كما ذكر زيدان".

وأضاف فؤاد أن صلاح الدين لا يمكن الحكم عليه باعتباره مرتكب مجازر، كما وصفه زيدان، بل يجب النظر إلى فترة حكمه من خلال سياقها التاريخي، والمؤامرة التي كانت تُحاك ضدّه من جانب الصليبيين. وقال: "صلاح الدين وحّد الدولة الإسلامية من فاطميين وسلاجقة وعباسيين، ووضع نهاية للوجود الصليبي في سواحل بلاد الشام".

وطالب فؤاد زيدان بمراجعة عدد من الكتب والمخطوطات التاريخية التي سجّلت مرحلة حكم صلاح الدين وتناولتها بإنصاف، مثل كتاب "البرق الشامي" لعماد الدين الأصفهاني، وكتاب "منصف صلاح الدين" ليحيى بن أبي طي.

من جانبه، قال عبد المنعم جميعي إن التشكيك في مظاهرة عابدين الشهيرة (9 أيلول/ سبتمبر 1881) لا يهدف سوى إلى إحداث جلبة مزيّفة من دون أساس أو سند تاريخي. وأضاف: "المظاهرة تحدّثت عنها الوثائق البريطانية، ووثقتها الجرائد في ذلك الوقت، كما رسمها عدد كبير من الفنانين".

والحديث هنا عن المظاهرة الشهيرة التي قام بها عرابي للمطالبة بزيادة عدد المصريين في الجيش، وإنشاء مجلس النواب، والتي قال فيها مقولته الشهيرة "لقد خلقنا الله أحراراً ولم يخلقنا تراثاً أو عقاراً، فوالله الذي لا إله إلا هو لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم".

حقّق جميعي مذكّرات أحمد عرابي وأصدرها عام 2005 في ثلاثة أجزاء تحت عنوان "مذكرات الزعيم أحمد عرابي"، وهي أوراق كتبها عرابي بخط يده، ودوّن فيها التفاصيل الكاملة لمظاهرة 9 أيلول/ سبتمبر، وهو ما دفع جميعي إلى التساؤل: كيف يكتب عنها عرابي في حياته وينشرها إن كانت خيالاً؟

من جهته قال خالد حربي إن المغالطات التاريخية التي يطلقها زيدان "تمثّل تياراً استشراقياً موجّهاً من الغرب لتحريف التراث العربي الإسلامي والطعن فيه"، وذكّر حربي بملابسات التحقيق الذي أجرته النيابة العامة عام 2005، بالتعاون مع لجنة علمية من وزارة الثقافة ولجنة علمية من جامعة القاهرة، للبحث في المغالطات العلمية التي شابت تحقيق زيدان لكتاب "مقالة في النقرس" لأبي بكر الرازي.

المساهمون