01 يونيو 2017
مغالطات التطبيع مع إسرائيل
كتب أحد المعلقين الإعلاميين السعوديين، وهو مؤسّس ورئيس لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأميركية (سابراك)، مقالةً في موقع "ذا هيل" الأميركي، يدعو فيها إلى تطبيع العلاقة مع إسرائيل من خلال مشروع "رؤية 2030" السعودية.
يرى سلمان الأنصاري أن عدة أسباب تجعل الأجواء مهيأة لعلاقات سعودية – إسرائيلية، ولا يخفي أن هذه العلاقات تأتي لمواجهة إيران. لكنه يبدأ المقالة بكليشيه باتت مقدمة كل المقالات التي تدعو إلى تطبيع العلاقات مع الصهاينة، وهي أن رفض هذه العلاقة نابعٌ من "حجج انفعالية وعاطفية"، في مقابل أن "الواقعي العقلاني البراغماتي" هو الذي يؤيد قيام علاقات سعودية – إسرائيلية.
تتضمن الحجج "المنطقية والعقلانية" التي يطرحها الأنصاري، لتبرير التطبيع مع إسرائيل، ثلاث سمات: بعضها مبني على معلوماتٍ خاطئة، جهلا أو تجاهلا، وأخرى قائمة على سوء فهم لسياق رفض إسرائيل عربيا، وفي الثالثة سوء فهم للسياسة السعودية نفسها التي يدّعي الأنصاري تمثيلها.
أما المعلومات الخاطئة، فهي قول الأنصاري عدم وجود "أعمال استفزازية أو عدائية" بين إسرائيل والسعودية "طول 70 عاما". وهنا، يتضح أن الرجل يجهل تماماً تاريخ المنطقة. فالسعودية شاركت مع العرب في حرب 1948 في فلسطين، كما ساهمت مع جمال عبدالناصر، على الرغم من عداء بين نظامه في مصر والسعودية، في حرب 1967، وشاركت قوات سعودية أيضا مع القوات السورية في 1973، بالإضافة إلى ما على الأنصاري معرفته تماما، باعتباره مهتماً بالعلاقات السعودية – الأميركية، وهو قطع السعودية لتصدير النفط في 1973. لاحقاً، شاركت السعودية مع العراق، في عزل القاهرة عربياً، بعد اتفاقية كامب ديفيد، في خطوةٍ رافضة للسلام الذي عقده أنور السادات، منفردا، مع الكيان الصهيوني. إذا لم يكن هذا السياق يدل على علاقات عدائية سعودية – إسرائيلية، فلا معنى لكلمة "عدائية".
يظهر سوء الفهم في حجج سلمان الأنصاري في خلطه بين العلاقات بين اليهود والمسلمين تاريخيا، والعلاقات بين العرب والإسرائيليين اليوم، وهذا نابع من فهمه الصراع العربي – الإسرائيلي باعتباره "عداءً للسامية" ورفضاً لليهود أنفسهم، كما في الأدبيات الأميركية التي يدّعي الأنصاري الانتماء لها. الحقيقة أنه لا علاقة بين العداء لإسرائيل والعداء للسامية، والأخير سمة أوروبية/ أميركية، بالأساس. رفض إسرائيل هو رفض الأيديولوجيا الاستعمارية الصهيونية، لا رفض اليهودية ديناً. من هنا، كان الاستدلال بالتعايش بين المسلمين واليهود في الأندلس والمغرب العربي، أو الاستشهاد بوجود مئات من اليهود "يعملون في سلام" في السعودية، كما كتب الأنصاري، هو رد على شيء متخيل.
أما الفضيحة السياسية فيما كتبه الأنصاري، والتي تتضمن عدم فهم السياسة السعودية، فهو عدم الاكتفاء بالحديث العام، المعتاد، عن وجود إيران عدواً مشتركاً، يمكن أن يقرّب بين إسرائيل والسعودية، بل تأكيده على محاربة الجانبين "مجموعاتٍ متطرفةً مدعومة من إيران"، في تلميح لحركة حماس. فالحشد الشعبي، المدعوم إيرانيا، لا يشكل خطراً على إسرائيل، ولا تبذل جهداً لمواجهته، حتى الآن، أما حركة حماس، والتي شارك قياديّاها خالد مشعل وإسماعيل هنية، قبل أسبوعين، في احتفالات العيد الوطني للسعودية في السفارة السعودية في الدوحة، فهي التي تصنف "مجموعةً متطرّفة مدعومة من إيران" بعيون الإسرائيليين. فهل حركة حماس عدو مشترك للإسرائيليين والسعوديين؟!
جاء ما كتبه سلمان الأنصاري أسوأ مما يكتبه داعية آخر لتطبيع العلاقات السعودية – الإسرائيلية، وهو أنور عشقي، الذي، على الرغم من كل الرزايا التي ارتكبها، والتي تضمنت زيارة الأراضي المحتلة ولقاء مسؤولين إسرائيليين، لم يكن يتجاهل في خطابه فلسطين والاحتلال، بل كان يُعرّف نفسه مروّجاً "مبادرة السلام العربية" التي تتمحور حول إنهاء احتلال إسرائيل الأراضي العربية التي احتلتها في العام 1967، أما الأنصاري فقد تجاهل تماماً هذا الاحتلال الإسرائيلي، فلم يشر، في مقالته، إليه أبداً، فضلا عن عدم إشارته إلى جرائم القتل والحصار التي يرتكبها الإسرائيليون في حق الفلسطينيين كل يوم.
يرى سلمان الأنصاري أن عدة أسباب تجعل الأجواء مهيأة لعلاقات سعودية – إسرائيلية، ولا يخفي أن هذه العلاقات تأتي لمواجهة إيران. لكنه يبدأ المقالة بكليشيه باتت مقدمة كل المقالات التي تدعو إلى تطبيع العلاقات مع الصهاينة، وهي أن رفض هذه العلاقة نابعٌ من "حجج انفعالية وعاطفية"، في مقابل أن "الواقعي العقلاني البراغماتي" هو الذي يؤيد قيام علاقات سعودية – إسرائيلية.
تتضمن الحجج "المنطقية والعقلانية" التي يطرحها الأنصاري، لتبرير التطبيع مع إسرائيل، ثلاث سمات: بعضها مبني على معلوماتٍ خاطئة، جهلا أو تجاهلا، وأخرى قائمة على سوء فهم لسياق رفض إسرائيل عربيا، وفي الثالثة سوء فهم للسياسة السعودية نفسها التي يدّعي الأنصاري تمثيلها.
أما المعلومات الخاطئة، فهي قول الأنصاري عدم وجود "أعمال استفزازية أو عدائية" بين إسرائيل والسعودية "طول 70 عاما". وهنا، يتضح أن الرجل يجهل تماماً تاريخ المنطقة. فالسعودية شاركت مع العرب في حرب 1948 في فلسطين، كما ساهمت مع جمال عبدالناصر، على الرغم من عداء بين نظامه في مصر والسعودية، في حرب 1967، وشاركت قوات سعودية أيضا مع القوات السورية في 1973، بالإضافة إلى ما على الأنصاري معرفته تماما، باعتباره مهتماً بالعلاقات السعودية – الأميركية، وهو قطع السعودية لتصدير النفط في 1973. لاحقاً، شاركت السعودية مع العراق، في عزل القاهرة عربياً، بعد اتفاقية كامب ديفيد، في خطوةٍ رافضة للسلام الذي عقده أنور السادات، منفردا، مع الكيان الصهيوني. إذا لم يكن هذا السياق يدل على علاقات عدائية سعودية – إسرائيلية، فلا معنى لكلمة "عدائية".
يظهر سوء الفهم في حجج سلمان الأنصاري في خلطه بين العلاقات بين اليهود والمسلمين تاريخيا، والعلاقات بين العرب والإسرائيليين اليوم، وهذا نابع من فهمه الصراع العربي – الإسرائيلي باعتباره "عداءً للسامية" ورفضاً لليهود أنفسهم، كما في الأدبيات الأميركية التي يدّعي الأنصاري الانتماء لها. الحقيقة أنه لا علاقة بين العداء لإسرائيل والعداء للسامية، والأخير سمة أوروبية/ أميركية، بالأساس. رفض إسرائيل هو رفض الأيديولوجيا الاستعمارية الصهيونية، لا رفض اليهودية ديناً. من هنا، كان الاستدلال بالتعايش بين المسلمين واليهود في الأندلس والمغرب العربي، أو الاستشهاد بوجود مئات من اليهود "يعملون في سلام" في السعودية، كما كتب الأنصاري، هو رد على شيء متخيل.
أما الفضيحة السياسية فيما كتبه الأنصاري، والتي تتضمن عدم فهم السياسة السعودية، فهو عدم الاكتفاء بالحديث العام، المعتاد، عن وجود إيران عدواً مشتركاً، يمكن أن يقرّب بين إسرائيل والسعودية، بل تأكيده على محاربة الجانبين "مجموعاتٍ متطرفةً مدعومة من إيران"، في تلميح لحركة حماس. فالحشد الشعبي، المدعوم إيرانيا، لا يشكل خطراً على إسرائيل، ولا تبذل جهداً لمواجهته، حتى الآن، أما حركة حماس، والتي شارك قياديّاها خالد مشعل وإسماعيل هنية، قبل أسبوعين، في احتفالات العيد الوطني للسعودية في السفارة السعودية في الدوحة، فهي التي تصنف "مجموعةً متطرّفة مدعومة من إيران" بعيون الإسرائيليين. فهل حركة حماس عدو مشترك للإسرائيليين والسعوديين؟!
جاء ما كتبه سلمان الأنصاري أسوأ مما يكتبه داعية آخر لتطبيع العلاقات السعودية – الإسرائيلية، وهو أنور عشقي، الذي، على الرغم من كل الرزايا التي ارتكبها، والتي تضمنت زيارة الأراضي المحتلة ولقاء مسؤولين إسرائيليين، لم يكن يتجاهل في خطابه فلسطين والاحتلال، بل كان يُعرّف نفسه مروّجاً "مبادرة السلام العربية" التي تتمحور حول إنهاء احتلال إسرائيل الأراضي العربية التي احتلتها في العام 1967، أما الأنصاري فقد تجاهل تماماً هذا الاحتلال الإسرائيلي، فلم يشر، في مقالته، إليه أبداً، فضلا عن عدم إشارته إلى جرائم القتل والحصار التي يرتكبها الإسرائيليون في حق الفلسطينيين كل يوم.