مغاربة يقترضون لشراء كبش العيد

07 سبتمبر 2016
يختارون كبشاً بقرون كبيرة لإبهار الجيران(عبد الحق سنا/فرانس برس)
+ الخط -

ينتظر لحسن أمجيد الحصول على قرض لشراء كبش العيد. أزمته المرضية المفاجئة التي خلّفت أزمة ماديّة هذا العام، منعته من توفير المال لشراء كبش بقرون كبيرة يكفي لإبهار جيرانه الذين يزورنه عادة قبل أيام من عيد الأضحى ليطمئنوا على صحة الخروف وحجمه. يقول: "لديّ أخوات وأنا متزوّج حديثاً. والرجل عندنا ملزم بشراء أضحية العيد ليتباهى بها أمام أصدقائه وجيرانه، وحتى يعرف الجميع أنّنا سوف نحتفل بالعيد".

أمجيد موظف يعمل موسمياً في القطاع الخاص، وقد لجأ إلى قرض استهلاكي لقضاء عطلته الصيفية، وهو اليوم ينتظر آخر من أجل أضحية العيد. ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّه ربّما يحصل على قرض قيمته 500 يورو، "إذ لا أملك ضمانات أقدّمها للبنك. وأنا قادر على تسديده خلال ستة إلى ثمانية أشهر، وفقاً لقدرتي". ويحاول أمجيد التأكد من المواد القانونية التي تحمي المستهلكين الذين يلجؤون إلى قروض، بعدما تعرّض إلى غشّ في قرض سابق فرض عليه زيادة على أقساطه الشهرية".

قبل أيام من عيد الأضحى، تزدحم الشوارع والمواقع الإلكترونية بإعلانات عن القروض التي تبدو بسيطة وسهلة التسديد والتي يمكن الحصول عليها خلال 24 ساعة، فيقع مغاربة كثيرون في فخّ هذه الإعلانات. وتوفّر بعض المؤسسات قروضاً تتراوح ما بين 300 و1000 يورو تسدّد على ستة أشهر أو سنة. يتوجّب على طالب القرض تقديم وثائق من قبيل بطاقته الشخصية وشهادة السكن أو فاتورة الكهرباء أو الهاتف، بالإضافة إلى رقم حساب مصرفي وآخر كشف له، وكذلك إفادة براتبه الشهريّ.

شراء أضحية عيد الأضحى أمر واجب بالنسبة إلى المغاربة، مهما كانت ظروفهم المادية، وقلة فقط تفضّل السفر في الإجازة بدلاً من ذلك. وهذا "الواجب" الذي يُعدّ هاجساً ضاغطاً على الأسر الفقيرة، يدفعها إلى الاقتراض بحجّة أنّ فرحة العيد من فرحة أطفالها الصغار، وأنّ شراء الأضحية هو لإسعادهم. يُذكر أنّ ثمّة من يضطر إلى بيع شيء من مقتنياته من أجل توفير مال الأضحية.




يقول رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، بوعزة خرّاط، إنّ "الأضحية ليست فريضة دينية، إنما سنّة حميدة. لكنّ العادات والتقاليد أثّرت على ربّ الأسرة المغربي وأصبح من واجبه اقتناء الأضحية التي تكون كبشاً بقرون كبيرة، حتى يدخل به البيت وتستقبله زوجته بزغرودة. هكذا يتباهى به أمام جيرانه وأصدقائه". يضيف خرّاط لـ"العربي الجديد" أنّ "قرض الأضحية سهل، توفّره شركات ومؤسسات تنشط في المغرب، توقع الفرد المغربي في شباكها عبر الامتيازات التي تطرحها، فيما تغشّه في تفاصيل عدّة. مثلاً، يُقال إنّ رسوم القرض مجانية، لكنّ المستلف سرعان ما يكتشف أنّ ذلك غير صحيح وأنّها قد تصل إلى 60 يورو".

ويدعو خرّاط إلى "إزالة إعلانات القروض التي تمتص قدرة الفرد الشرائية وتوقعه في فخ القروض المفرطة التي قد تؤدّي إلى الانتحار". ويشدّد على أنّ "الفرد هو ضحية هذه القروض التي لا تأتي لصالحه"، مشيراً إلى أنّ "القانون المتعلق بتدابير حماية المستهلك ينصّ على عدم توقيع الفرد على عقد قرض وهو في حالة ضعف مثل حاجته لشراء الأضحية أو الدخول المدرسي أو الحجّ. لكنّ قلة الوعي حول القانون توقع الأفراد في أيدي شبكات القروض".

في سياق متصل، كانت وزارة الفلاحة والصيد البحري المغربية قد أعلنت أنّ سعر متوسّط الأضحية لن يتجاوز 250 يورو هذا العام، مشيرة إلى أنّها سوف تراقب تموين الأسواق في ما يخصّ أسعار الماشية، خصوصاً في المحلات التجارية الكبرى والأسواق القروية ونقاط البيع في المدن. كذلك سوف تتأكد من سلامة الماشية وخلوّها من الأمراض المعدية وخضوعها للتحصين.

على الرغم من إعلان الوزارة، يظلّ سعر الأضاحي من دون رقيب، إذ تفتقر عملية الشراء والبيع إلى قانون ينظمها. يقول الخرّاط إنّ "القانون يعطي التاجر الحقّ في بيع سلعه بالسعر الذي يريد، شرط أن يعلن عن الأسعار". ويوضح أنّ "المغرب سوق حرّة، وما يحكم السوق هو العرض والطلب. لا الدولة ولا الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك قادرتان على التدخل في تحديد الأسعار، وعلى المستهلك أن يختار".

ويلفت خرّاط إلى أنّ "تربية المواشي تحوّلت إلى تخصص عند البعض، ويدخل وسطاء في عملية توزيع الأضاحي. كذلك فإنّ الجفاف الذي عانى منه المغرب هذا العام، لعب دوراً في رفع الأسعار بالمقارنة مع العام الماضي".

وتفيد بعض بيانات لمحللين اقتصاديين بأنّ 240 ألف موظّف حصلوا على قروض استهلاكية عام 2016. وطالب المحللون بتفعيل أعمال المؤسسات الاجتماعية التابعة للوزارات المغربية كي تتكفل ببعض نفقات الموظف بالتزامن مع المناسبات الاجتماعية.