معطوب الوناس.."المتمرّد" أو تشي غيفارا الجزائر لا يزال حيًّا

30 يونيو 2017
(في مدينة تيزي وزو 1998/ الجزائر، الصورة: فرانس برس)
+ الخط -
بعد بضعة أشهر فقط على مرور ذكرى 20 إبريل/ نيسان 1980 أو ما عُرف بـ"الربيع الأمازيغي" في الجزائر، تعيش جماهير الأغنية الأمازيغية هذه الأيّام  ذكرى رحيل الفنان معطوب الوناس الذي اغتيل في ظروف غامضة أواخر تسعينيات القرن الماضي وبالتحديد في 25 يونيو/حزيران 1998، يلقب معطوب في الأوساط الشعبية بـ"الفنان المتمرّد" و"الثائر" في صورة الثائر تشي غيفارا، لم ينتفض ضدّ الظلم بالرصاص أو بالقوّة، ناضل من أجل قضية الأمازيغ ودافع عن الهوية الجزائرية وعن الديمقراطية بالكلمة والموسيقى واللحن.

حشد المرحوم معطوب الوناس من ورائه شعبًا، وجمع منطقة الأمازيغ (القبائل الكبرى والصغرى) في الجزائر كلها، لم يغيّر مواقفه، ظل ثابتًا على عهده إلى أن خطفه الموت في ظلمات التسعينيات التي لم ترحم أحدًا من أبناء الجزائر، ربّما مواقفه، و"تعنته" إن جاز التعبير، ما أدّى إلى أن تطلق الغدر أن تطلق عليه رصاص الموت، لكن معطوب لا يزال حيًا في قلوب الأمازيغ.

"أمّا الرصاص الذي قتل فلم يقتلني"
شكلت أغاني معطوب الوناس علامة فارقة في الأغنية الأمازيغية الجزائرية، غنّى عن الحب والهوية واللغة، وانتقد الساسة والحكم ولم يغفل معاناة المواطن البسيط، منها التي أثارت جدلًا واسعًا أغنيته "الله أكبر"، التي قدمها في إحدى البلاطوهات التلفزيونية الفرنسية، وأخرى تحت عنوان "أمّا الرصاص الذي قتل لم يقتلني"، وهو في هذه الأغنية يلفت الانتباه إلى نجاته من محاولة القتل التي تعرّض لها خلال مظاهرات 1988 والتي أعقبتها أحداث عنيفة إلى غاية دخول الجزائر في نفق "العشرية السوداء"، بعد توقيف المسار الانتخابي في سنة 1991.

خلّد معطوب تمرده ومعارضته لنظام الحكم في بلاده، ورفضه للإرهاب والتطرّف في كتاب وسمه بــ"المتمرّد"، يقول في الفصل الرابع منه: "إننا مهدّدون في وجودنا وحياتنا وكرامتنا وحريتنا، نريد أن نعيش ونفكّر ونكتب ونغني.."، كما عكس الدفاع عن أفكاره في إحدى مقولاته التي لا تزال خالدة: "أفضّل أن أموت بسبب أفكاري على أن أموت على فراش المرض أو بسبب الشيخوخة".

وبسبب مواقفه تم اختطاف معطوب الوناس من طرف الإرهابيين سنة، 1994 وعُذّب نتيجة لأفكاره فلم يكن ينافق أحدًا بل كان صريحًا سواءً في خطاباته أو في أغانيه.. ولا يخشى لومة لائم.

يُشار أنّ معطوب الوناس قُتل يوم 25 جوان/ يونيو 1998، وخرج عشرات الآلاف من الشباب الجزائري بمنطقة القبائل للتعبير عن غضبهم بعد مقتل "المتمرّد" ورمز نضال الهوية الأمازيغية، مما أدى إلى حدوث وقائع عنف دامت أسبوعًا كاملًا. وعقب مقتله تبنت "الجماعة الإسلامية المسلّحة" المعروفة بـ"الجيا" تبنّت تنفيذها عملية اغتيال صاحب روائع "يمّا اعزيزان" (أمي العزيزة)، "ثورة وأرملة"، "أتواليه" (أرى)..وغيرها.

عشّاق الأسطورة
ومن صور ذكرى اغتياله الـ19، لا يزال حبل ودّ الشباب الجزائري ولا سيما أبناء منطقة القبائل لمعطوب الوناس على وصال دائم، فرغم مرور قرابة العشرين سنة على رحيله، نظرة واحدة على التعليقات على فيديوهات وأغاني المرحوم على موقع "اليوتوب" تكفي لأن تقدّم نتيجة إجماع عن حبهّم ووفائهم للرجل المغدور. أمّا الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك فقال عن معطوب الوناس قبل مقتله في لقاء تلفزيوني: "كان رجلًا يُسمِع صوت الجزائر بقوّة عالية، صوت جميل، صوت جميل جدًا، أتمنى أن لا يسكت هذا الصوت".

المساهمون