على تلة تعرف بـ"جبل البابا" تطل على القدس من ناحية الشرق، تقابلها مستوطنة "معاليه أدوميم" كبرى المستوطنات اليهودية شرق المدينة المقدسة، اختارت الصبيتان عهد وجنى، من النبي صالح غربي رام الله، الانضمام إلى معسكر الأسيرات المحررات الأول الذي افتتح فعالياته أول من أمس الخميس وينهيها اليوم السبت.
المخيم كما أخبرتنا مديرة جمعية المرأة للتنمية والتمكين المقدسية، إلهام نعمان، يضم 11 أسيرة محررة من مختلف المحافظات تتراوح أعمارهن ما بين 12 و18عاما، بالإضافة إلى عهد التميمي كريمة الأسير المحرر باسم التميمي ووالدتها ناريمان، وهي شقيقة الشهيد رشيد التميمي، إضافة إلى جنى جهاد من النبي صالح، وهي أصغر صحافية في العالم وأصغر موثقة لانتهاكات الاحتلال خاصة الأطفال، ولديها أكثر من 250 ألف متابع على صفحتها من مختلف أنحاء العالم.
وذكرت عهد التميمي لـ"العربي الجديد"، أنها لبت على الفور الدعوة للمشاركة في هذا المعسكر الفريد بطبيعة فعالياته ونوعية المشاركات فيه وجميعهن أسيرات محررات. وقالت:" تعرفنا جميعا على تجارب بعضنا بعضا. والتقينا بشخصيات مؤثرة في المعسكر، وقد شكل بالنسبة إلينا دفعة قوية إلى الأمام، ورفع من معنوياتنا".
عهد البالغة من العمر 16 عاما، تلميذة في الصف الحادي عشر بمدرسة البيرة الثانوية الجديدة. هي كما بنات جيلها تتأثر بما يحدث أسبوعيا في قريتها النبي صالح من مسيرات ضد الاحتلال واستيطانه وجداره، ويطلقون عليها أيقونة المقاومة الشعبية، لظهورها في أكثر من مناسبة وهي تتصدى للاحتلال وتقاومه.
واعتبرت عهد أن إضراب الأسرى عن الطعام "دفاع عن كرامة الشعب الفلسطيني، ورفض للذل والخنوع". وأضافت "هو تمرد على السجن والسجان في مواجهة القمع والتعذيب والأحكام العالية، لهذا نقف بكل جوارحنا معهم ندعمهم ونؤازرهم سواء بالمسيرات أو المظاهرات".
أما جنى جهاد، فرسالتها كأصغر إعلامية في العالم، كما تصف نفسها، هو توثيق انتهاكات الاحتلال بحق أطفال فلسطين، وأيضا نقل معاناتهم للعالم عبر صفحتها على "فيسبوك"، حيث لديها أكثر من 250 ألف متابع.
جنى في الصف الخامس الابتدائي بمدرسة النجاح في رام الله، تعتز بتوثيقها جرائم الاحتلال كي تفضحه، لذا تتابع ما يتعرض له أطفال بلادها من قتل وجرح وحرق، وتنقل ذلك في رسائل إلى العالم كله.
سلاح جنى كاميرتها أولا، ولسانها الفصيح القادر على مخاطبة العالم وشرح معاناتها، بالنيابة أيضا عن أطفال فلسطين. وذاكرتها الصغيرة لا تزال تختزن مشاهد منها استشهاد خالها رشيد التميمي، أو استشهاد صديقها مصطفى التميمي(27 عاما) كما تحب أن تسميه، وكان عمرها أربع سنوات فقط.
ثلاث أمنيات تحلم جنى بتحقيقها وهي الالتحاق بجامعة هارفارد لدراسة الصحافة والإعلام، وأن تكون لاعبة كرة شهيرة وهي تحب كرة القدم وتمارسها. وأن تكون مستقبلا بعد الجامعة مصممة أزياء عالمية.
أما ناريمان التميمي، والدة عهد، وزوجة الأسير المحرر باسم التميمي، أوضحت لـ"العربي الجديد"، أن الفكرة الأساس من هذا المخيم هي تحقيق الدمج بين الأسيرات المحررات والمشاركات في المعسكر من مختلف الأعمار، وتبادل المعرفة والخبرات، وتأكيد وصول المشاركات فيه إلى قناعة بأن الوجود في الحياة هو الأهم.
ورأت أن "مقاومة الاحتلال لا تعني الموت بالضرورة، بل هي تؤصل الحياة وتقدسها بعيدا عن هذا الاحتلال البغيض. والمعسكر الجديد فرصة مهمة ومواتية لنصنع من خلاله قادة حقيقيين من خلال دمج المقاومة الشعبية بأنشطة الميدان، وتأصيل فكرة الحياة".
بالنسبة لعضوة الهيئة الإدارية لجمعية المرأة والتمكين راعية المعسكر، سوزان صندوقة، فالهدف من إقامة معسكر لأسيرات محررات هو أن نأتي بما هو جديد ومفيد لهن، وأن نمنحهن الفرصة ليعبرن عن أنفسهن بحرية، خاصة الصغيرات منهن، مشيرة إلى التركيز على الجانب النفسي بالدرجة الأولى.
الناشطة المقدسية إلهام نعمان، مديرة جمعية المرأة للتنمية والتمكين، والتي تتخذ من القدس مقرا لها، قالت لـ"العربي الجديد"، إن الأسيرات المشاركات في المعسكر ينحدرن من مناطق عدة في محافظات، بيت لحم، الخليل، نابلس، رام الله، والقدس. تضيف:" لكل أسيرة حكاية خاصة، يجمعهن قاسم واحد هو انتماؤهن لوطنهن، ووطنيتهن التي تنبذ الفئوية الحزبية أو الفصائلية، ويجمعهن عشقهن لوطنهن وحبهن للحياة".